هل تكفي عقوبات القانون المصري لردع "المُتحرشين"؟
كتبت- هاجر حسني:
رغم التعديلات التي أُجريت على مواد قانون العقوبات الخاصة بالتحرش الجنسي في 2014، إلا أن الظاهرة تشهد تطوراً خلال الآونة الأخيرة -بحسب مُدللين على حديثهم بواقعة "فتاة الزقازيق" التي تعرضت لتحرش جماعي بعد ملاحقتها من عدة شباب، الأسبوع الماضي.
وقال علي أبو دولة، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، لمصراوي، إنه بصدد تقديم مذكرة لرئيس اللجنة موقعة من 65 نائب لبحث تغليظ العقوبات الخاصة بالتحرش الجنسي، موضحاً أن التعديلات المقترحة ستأتي بإجماع الأعضاء وفيما تراه اللجنة مناسباً.
وفي يونيو 2014، أصدر الرئيس السابق عدلي منصور، قراراً بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 "التحرش"، وذلك بعد إقراره من مجلس الوزراء ومراجعته في قسم التشريع بمجلس الدولة.
ونص القانون على أن يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية.
وتكون عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفي حالة تكرار الفعل تُضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.
وأرجع حقوقيون، هذا التطور إلى أنه نتيجة لتجاهل ملاحظات المجتمع المدني حول هذه الظاهرة، ومطالباته بتوحيد جهود مؤسسات الدولة المختلفة، قائلين إن غياب الآليات التنفيذية للقوانين أحد أسباب استمرار التحرش.
واستبعد رضا الدنبوقي، المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، أن يكون تغليظ العقوبات سبباً في القضاء على التحرش، موضحاً أن الإشكالية تكمن في الآليات المُتبعة في القضاء على التحرش والتي تفتقر لتفعيل الشرطة النسائية داخل الأقسام وغياب الماد الخاصة بالثقافة الجنسية داخل المدارس ومنع الاختلاط الذي يتسبب في في نظر الذكر للأنثى على أنها كائن مختلف.
وطبقاً لمسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي لمصر ٢٠١٥، والذي أصدره المجلس القومي للمرأة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 16.000 فتاة من عمر 18 عاماً فأكثر تعرضن للتحرش في المؤسسات التعليمية خلال عام واحد فحسب.
وقال الدنبوقي لمصراوي، إن تعامل أفراد الشرطة غير مؤهلين للتعامل مع الأنثى المُبلغة عن التحرش، مضيفاً "في واقعة فتاة الزقازيق تم احتجاز الفتاة رغم أنها المجني عليها، وحدث ذلك أيضاً في واقعة فتاة دمياط (هدير) والتي اضطرت هي الأخرى للتنازل عن المحضر بعد احتجازها لمدة يومين في القسم".
"تغليظ العقوبات دون مناخ يساعد على تطبيقها لن يكون بلا فائدة"، هكذا ترى منى عزت، مدير البرامج بمؤسسة المرأة الجديدة، واصفة معدلات التحرش الحالية بـ"المرعبة".
وعانت نحو 2 مليون ونصف امرأة لشكل من أشكال التحرش الجنسي المختلفة في الشوارع العامة خلال عام 2015، فيما تعرضت حوالي مليون و700 ألف إمرأة لشكل من أشكال التحرش الجنسي في المواصلات العامة، بحسب مسح التكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة 2015.
وتابعت عزت لمصراوي، أن التعامل مع وقائع التحرش يكون بمبدأ "قدر ولطف"، وهو ما يتطلب وقفة من كل المؤسسات المعنيةةرسم سياسة واضحة للقضاء على الظاهرة.
وبحسب المسح الاقتصادي، فإن تكلفة العنف ضد المرأة في الأماكن العامة تشمل التحرش، بلغت نحو 571 مليون جنيه سنوياً، فيما تبلغ التكلفة الإجمالية التي تتكبدها النساء بسبب العنف ما لا يقل عن 2 مليار 17 مليون جنيه مصري في عام 2015.
فيديو قد يعجبك: