لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في 3 حكايات.. عمال يروون كيف تحولت شركاتهم إلى "خراب"

12:57 م الأحد 30 أبريل 2017

كتبت - نورا ممدوح :

ما يقرب من أربعين عاماً قضاهم "حسن فرج" بشركة المراجل البخارية، كان شاهداً فيها علي مجدها الذي ساهم في بناءه أكثر من 1500 عامل علي مدار سنوات مضت، مما جعلها ثروة قومية انفردت بها مصر على مستوى الشرق الأوسط، حتى جاء قرار خصخصتها في عام 1994 وانحدار أوضاعها تدريجياً حتى تم وقف عمل الشركة واغلاقها.

شركة المراجل البخارية هي إحدى شركات الصناعات الثقيلة والمنشأة بالقرار الجمهوري 1962 على مساحة 32 فدان على النيل، ومن منتجات الشركة مراجل مواسير الدخان ومواسير المياه للشركات الصناعية ووحدات تحلية مباه الشرب وأجزاء من محطات توليد الكهرباء، وكانت تمتلك ميناءً نهرياً لسرعة نقل منتجاتها للوجهين القبلي والبحري.

" عمري قضيته فيها" يقولها حسن الذي عمل بالشركة مديراً عاماً للمصانع، يغلب علي صوته شعور الحسرة بما اصاب شركته من خراب بعد أن كانت عامرة بأصوات العمال والماكينات- كما يقول، حيث كانت الشركة في بدايتها تنتج مراجل "مواسير" الدخان فقط، حتى بدأت التوسعات بها في نهاية الثمانينات وبدأت في إنتاج غلايات المياه، وكان أخر مشروع أنتجته الشركة هو 6 محطات كهرباء بالتعاون مع الوزارة. 

نقطة تحول الشركة من المجد إلى الهاوية حدثت عندما كان من المفترض أن تكون هناك مشاركة تجمع شركة المراجل البخارية ووزارة الكهرباء وشركة شتاين موللر الألمانية ولكن مع ظهور القانون 203 لعام 1991 وقطاع الأعمال العام تبدل الحال من المشاركة إلي الخصخصة و بيعت بثمن بخس لشركة بابكوك ويلكوكس العالمية، بمبلغ 11 مليون دولار و6 مليون مخزون اي 17 مليون إجمالي وتم تغيير اسم الشركة م إلي شركة بابكوك ويلكوكس مصر.

لم يخب ظن حسن وغيره من العاملين بالشركة بعد قرار البيع الذي كان بمثابة "الضربة القاضية" لها، حيث خالفت الشركة جميع القرارت التي تم الاتفاق عليها عند البيع والغاء كل ميزات العينية للعمال وتم هدم مركز التدريب لعدم استقبال متدربين جدد، " كانوا بيضغطوا علينا دايما حتى يتم اتخاذ قرار بإنهاء خدمات العمال وترك الشركة، واتضح أن الغرض من ذلك هو القضاء علي هذه الصناعة من السوق المصري حيث انها بدات بالغاء انتاج غاليات مواسير الدخان".

رؤية العمال للشركة في وضع انهيار لم يكن هيناً عليهم، حيث وصل الأمر إلى نقل الماكينات و المعدات وتركوا العنابر خاوية، وتم توزيع العمالة علي المواقع المختلفة للشركة في كل من السادس من اكتوبر والعين السخنة وابو رواش، إلا أن العمال لم يتخذوا موقفاً صامتاً فقد قاموا بتنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية، بالإضافة إلى رفع دعوى قضائية بعودة الشركة للقطاع العام مرة أخرى إلى أن صدر الحكم القضائي بعودة الشركة إلي الدولة وتحميل المستثمر تكلفة عودة الشركة الي ما كانت عليه، إلا أن الشركة القابضة للعاملين بالصناعات الكيماوية ماطلت في تنفيذ الحكم.

17 شهر قضاهم العمال خارج الشركة، حيث تم منعهم من دخول الشركة عقب صدور الحكم فضلا عن امتناعهم عن صرف الرواتب لهم، حتى تم ضمهم إلى شركة ناروبين للكاوتشوك بشبرا الخيمة. 

"اما روحت الشركة عيني دمعت من شكلها، بقة عبارة عن عواميد خراسانية " يقولها مدير عام المصانع بالشركة الذي أصبح خارج الشركة الآن على الرغم من أنه إذا تم تنفيذ الحكم فمن الممكن إعادة صيانة ماكينات الشركة وتشغيلها من جديد إلا أن لا أحد يهتم لأمر الشركة و"اتنست".

حكاية (2)

يشارك حسن شعور الحسرة "محمد" - اسم مستعار ، حيث رفض ذكر اسمه الحقيقي، العامل بشركة النيل حليج الأقطان التي تم بيعها ودخلت ضمن الشركات التي تم خصخصتها عام 1997، يقول العامل " الشركة كانت بتضخ 5 مليون جنيه سنويا وكانت تحقق ارباح كبيرة، وكانت مشغلة اكثر من 5000 عامل وخصخصوها علشان مصالح شخية مع المستثمرين".

حال شركة النيل لحليج الأقطان قبل عام 97 كان يجعلها من أهم الشركات في القطاع، فكان لها 9 فروع على مستوى مصر وكان يتم صرف المرتبات والعلاوات للعاملين بشكل منتظم دون انقطاع، حتي جاء قرار البيع وانقلب حالها رأسا على عقب، يقول محمد" تم بيع الشركة تحت شعار لا للعمل والانتاج ونعم للتصفية وبالفعل الشركة بقة خراب ".

استمر العمال في العمل بالشركة بعد أن بيعت لرجل الأعمال إبراهيم عجلان رغم كل ما تم تطبيقه عليهم من قرارات تعسفية، يقول " مرتبنا قل بشكل كبير وكان بينقلنا من فروع الشركة بشكل تعسفي فضلا عن اتخاذه قرارات بالفصل التعسفي للعمال " ، إلا أن العمال لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام قراراته العاصفة بالشركة فقاموا بتنظيم عدد كبير من الوقفات الاحتجاجية ومناشدة المشئولين التدخل حتى تم بيعها لمستثمر أخر "سيد عبد العليم الصفي" في 2008.

منذ ذلك الحين حتى الآن لم تنتهي المناوشات بين العمال وبين المستثمر، واتخذ من الفصل التعسفي اسلوبا ً في التعامل معهم، حتي أصبحت الشركة تضم 250 عامل فقط بعد أن كانت تضم الألاف، إلا أن العمال أخذوا يصارعون هذه القرارت التعسفية، يقول العامل بالشركة " قدمنا مناشدات واستغاثات من خلال اعلانات الجرايد رغم غلاء تكلفتها، حتى قمنا برفع قضية في مجلس الدولة".

حصل العمال على حكم بعودة الشركة للدولة في عام 2011 إلا أنه لم يتم تنفيذ الحكم حتى الان، " مفيش حد وقف معانا والحكم متنفذش لحد دلوقتى رغم ان احكام مجلس الدولة واجبة النفاذ، والشركة بقة فرعين بس اللى شغالين فيها بكميات قطن بسيطة، وباقي الفروع لا تعمل بسبب اعطالهم ".

توقف الشركة عن العمل حول العمال إلى " غفر" يتوجهون يومياً إلى مصانعهم دون العمل فقط يعملون كحراسة على 3ورديات، يقول محمد " المستثمر متعمد توقيف الشركة وبعض المصانع اتباعت الماكينات خردة وبقة خراب" ، ليس ذلك وحسب إلا أنه تم تخفيض المرتبات إلى النصف تقريبا مع عدم الحصول على اي من العلاوات التي كانت تصرف بشكل دوري.

" بكون مقهور وانا معدي من قدام الشركة وهى خراب، العمال هما الضحية في دا كله، العمال الغلابة اللى كل هم في البلد بيجي علي دماغهم"- يقولها محمد بنبرة بائسة من وجود حل قد يعيد شركتهم إلى مجدها.

حكاية (3)

"العمال بتروح الشركة تمضي وتمشي، والمصنع مش شغال" هكذا يصف العامل ممدوح رمضان، حال عمال شركة الورق للشرق الأوسط "سيمو"، إحدى شركات الورق العملاقة في الشرق الأوسط، بعد أن تم بيعها لأحد المستثمرين .

كانت الشركة تُصنع الورق الدوبلكس والفلوتنج والكرافت والكرتون السميك وصواني البيض وجميع انواع المواسير، كما كانت الشركة تحقق ارباحاً حتى عام 1997 عندما قامت الشركه القابضة في ذلك الوقت ببيع الشركة بالأسهم لشركات واشخاص، مما جعل المستثمر أحمد ضياء الدين وأولاده يستحوذون على أكثر من 65% من الأسهم، تعرضت الشركة خلال هذه الفترة للإهمال والتدهور وتحقيق خسائر كبيرة وسط تعنت المستثمر - بحسب العامل.

وكغيرهم من سابقيهم، سلك العمال الطريق القضائي لمحاولة استرداد شركتهم، فرفع العمال دعوة قضائية ببطلان البيع لإعادتها للقطاع العام، يقول رمضان " صدر حكم بعودة الشركة للدولة وصرف مستحقات العاملين المتأخرة، إلا اننا واجهنا تعنت الشركة القابضة في تنفيذ الحكم".

في14 مارس 2014 تسلمت الشركة القابضة للشركة، يقول رمضان " كان لينا مستحقات قديمة ومقبضناش رواتبنا لمدة 8 شهور من أي مكان وطالبنا الشركة القابضة بالصرف دون الاستجابة لمطالبنا حتى تم عمل مفاوضة جماعية وتدخل المهندس عماد حمدي رئيس النقابة العامة للكيماويات بـ 3 مطالب تقضي بزيادة بدل الوجبة وصرف مستحقاتهم المتأخرة وحوافزهم إلا أن الشركة القابضة لم تستجيب"

يبقى حال الشركة على ماهو عليه، حيث يقول "رمضان" إن المصنع متوقف عن العمل وأن الماكينات متهالكة ولا يتم تدويرها وأصبحت الشركة بلا عمل يذهب العمال يومياً دون عمل ثم يغادرون.​

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان