لماذا لجأت المنظمات الحقوقية للقضاء لإسقاط قانون "التجمهر"؟
كتبت ـ هاجر حسني:
قررت محكمة القضاء الإداري، أمس الثلاثاء، تأجيل نظر الدعوى المقامة من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والتي تطالب بوقف العمل بقانون التجمهر إلى جلسة 23 مايو للاطلاع، حيث يعد القانون هو السند الأساسي في توقيع عقوبات جماعية بالسجن على آلاف المتظاهرين السلميين، بحسب المركز.
وقالت الدعوى التي أقامها المركز في يناير الماضي، إن قانون التجمهر رقم 10لسنة 1914 الذي يطبق جنبًا إلى جنب مع قانون التظاهر الساري في مصر منذ نوفمبر 2013، هو قانون ساقط، وملغي بإجماع أعضاء البرلمان المصري، منذ 89 عامًا، تحديدًا في 30 يناير 1928.
وينص القانون في مادته الأولى على أنه "إذا كان التجمهر المؤلف من خمسة أشخاص على الأقل من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر وأمر رجال السلطة المتجمهرين بالتفرق فكل من بلغه الأمر منهم ورفض طاعته أو لم يعمل به يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيهاً مصريا".
وتنص المادة الثانية من القانون على أنه" إذا كان الغرض من التجمهر المؤلف من خمسة أشخاص على الأقل ارتكاب جريمة ما أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيهاً مصرياً، وتكون العقوبة بالحبس الذي لا تزيد مدته عن سنتين أو الغرامة التي لا تتجاوز خمسين جنيهاً مصريا لمن يكون حاملا سلاحاً أو آلات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة".
وعقب قرار المحكمة، أعلنت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، انضمامها للدعوى، لافتة إلى أن القانون تم إلغاؤه في 30 يناير 1928 بإجماع أراء نواب البرلمان المصري بغرفتيه، وأن قانون الإلغاء الذي أقره البرلمان لم يلق أي اعتراض من الملك فؤاد خلال المدة الدستورية المقررة في دستور 1923 لاعتراض الملك على قوانين البرلمان.
وتابعت المنظمة "وفقًا للقواعد القانونية المطبقة في ذاك الوقت القانون ملغي وساقط، إلا أن تعنت الملك ورفضه نشر ذلك في الجريدة الرسمية حال دون الإعلان عن إلغاء القانون".
ويقول رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، إن ما جاء في تقرير مركز القاهرة ناقصاً، لأن إلغاء القانون لم ينشر من الأساس في الجريدة الرسمية.
وأوضح أن ما حدث هو أن عرض مجلس النواب فكرة الإلغاء على الملك فؤاد وقتها ورفض الملك التصديق عليه، وأعاده مرة أخرى إلى البرلمان، ومنذ ذلك الوقت لم يبت البرلمان في أمر إلغاء القانون وظل سارياً حتى الآن.
فيما شدد حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة، على ضرورة إلغاء قانون التجمهر الذي يفرض عقوبات سالبة للحرية على أحد الحقوق الأساسية للمواطنين، موضحًا يتنافى مع المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والدستور المصري.
وقال محمد زارع، الباحث بمركز القاهرة، إن الملك فؤاد عندما عُرض عليه قانون الإلغاء لم يبت فيه بالرفض أو القبول، وطبقًا للقانون فإن أي قرار لم يبت فيه الملك خلال 30 يوماً يعتبر ساري.
وأضاف أن الوثائق التي استند إليها التقرير جميعاً لم يكن بها ما يثبت اعتراض الملك أو قبوله، كما أنه بعد شهر واحد من عرض البرلمان أمر الإلغاء على الملك اتخذ قرار بحل مجلس النواب.
كانت دراسة قانونية تاريخية أعدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بعنوان "نحو الإفراج عن مصر" في يناير الماضي، كشفت بطلان العمل حتى الآن بقانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 الذي تدين على أساسه المحاكم المصرية حتى الآن المتهمين في قضايا التظاهر، بل وتستند له النيابة العامة في إعداد قرارات الاتهام حتى الآن؛ وبدرجة أكبر من قانون التظاهر الصادر عام 2013.
وفجرت الدراسة مفاجأة تاريخية مفادها أن هذا القانون المطبق حتى الآن صدر من رئيس الوزراء الأسبق حسين رشدي عام 1914 دون تفويض من الخديوي عباس حلمي الثاني، وبالمخالفة للنظام التشريعي المقرر آنذاك تحت ضغط الاحتلال البريطاني، كما أن مجلس النواب ومجلس الشيوخ قررا إلغاءه مطلع عام 1928، لكن الملك فؤاد الأول امتنع عن نشر قانون الإلغاء في الجريدة الرسمية بالمخالفة لدستور 1923 القائم آنذاك.
فيديو قد يعجبك: