إعلان

حكايات "النصب" باسم "تعليم الأميين" في مسابقة الـ 30 ألف معلم

08:15 م السبت 08 أبريل 2017

ارشيفية

كتبت- ياسمين محمد:

أزمة وقع فيها العديد من المعلمين المساعدين المتعاقدين في إطار مسابقة الـ30 ألف وظيفة، بعدما استغل بعض المواطنين من "الأميين"، محاولاتهم لتنفيذ شرط "محو أمية 10 مواطنين"، الذي حددته رئاسة الوزراء كإحدى مسوغات التعيين.

فبمجرد أن كتب مراسل مصراوي على إحدى الصفحات التي تضم معلمي مسابقة الـ30 ألف، للاستفسار عن المعوقات التي تحول دون تنفيذ الشرط، انهالت التعليقات التي تشير إلى أزمة حقيقية فما بين استغلال المواطنين للمعلمين، وعدم تعاون فروع هيئة محو الأمية معهم، يظل الشرط "حبر على ورق" حتى بالنسبة لمن نفذه.

يروي المعلمون حكايات بحثهم عن الأميين في الشوارع وأمام المقاهي، مشيرين إلى أن معظم الأميين من العمال الذين يشترطون الحصول على يوميتهم مقابل كل يوم يقضونه في التعلم أو الامتحان.

ويضيفون أن الأمر يتحول احيانًا إلى استغلال، فقد يتعامل المواطن الأمي مع أكثر من معلم في نفس الوقت للحصول على أموال أكثر، أو يرفع سعر اليومية يوم الامتحان، أو يتعمد الرسوب بالامتحان لكي تتاح له فرصة جديدة لكسب المزيد من الأموال.

يقول أحمد زكريا أحد المعلمين: "كنت فاتح فصل 10 أفراد وامتحانهم كان في شهر أبريل، واتفقت معاهم على 50 جنيه للفرد في يوم الامتحان مقابل اليومية، اتصل بيا بتوع محو الأمية وقالولي تعالى امتحنهم فوري وهات عدد إضافي، جمعت 5 أفراد بالفلوس وأصبح معايا 15".

ويضيف: "في يوم الامتحان رحت اللجنة حضر من 7 أفراد فقط، بسبب تغيير المواعيد، اتنين منهم مشيوا وقالولي مش فاضيين، واللي كنت متفق معاهم على 50 جنيه قدام اللجنة طلبوا 100، وفي الآخر مادخلش الامتحان غير 3 بس من 15 فرد".

"وضعت وزارة التربية والتعليم شرط محو أمية 10 مواطنين بعقود الـ30 ألف معلم، ولم تضع آليات تنفيذه، كأن توفر أماكن للتدريس أو متعلمين، بل تركت كل معلم ينفذ الشرط وفقًا لطريقته الخاصة ما أدى إلى صعوبة إنهاء المهمة على البعض، هكذا يقول عبدالله صابر أحد معلمي الـ30 ألف ومؤسس حملة "رجعونا كلنا" المطالبة بعودة المغتربين منهم.

وأسفرت مسابقة الـ30 ألف وظيفة عن اغتراب 9500 معلمًا، تم تسكينهم في محافظات بعيدة محافظات إقامتهم، وعادت المعلمات منهم بعد عام من التعاقد في يونيو 2016، ولا يزال 1500 معلمًا من الرجال مغتربين حتى هذه اللحظة.

ولفت صابر إلى أن مهمة محو الأمية تزداد صعوبة بالنسبة للمغتربين، فهم إما يقضون اليوم كاملًا في السفر من محافظة إقامتهم إلى محافظة تسكينهم وليس لديهم وقتًا للبحث عن مواطنين، أو مقيمين في محافظة التسكين الغريبة عليهم ولا يعرفون أهلها.

ولفت إلى أن الكثيرين يبحثون عن مواطنين يجيدون القراءة والكتابة بدرجة ما دون شهادة، لتسهيل المهمة، ما يجعل شرط محو الأمية "حبر على ورق".

يقول الدكتور عصام قمر رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، إن الهيئة لديها قاعدة بيانات خاصة بالأميين، وأمام المعلمين حل من اثنين، فإما أن يطلبوا من مدير فرع الهيئة بمحافظاتهم توفير 10 أميين لتعليمهم وتوفير مكان كذلك، أو يختار بطريقته الخاصة 10 أميين يسكنون في محيط مسكنه.

ويضيف قمر لمصراوي، إنه يفضل الحل الآخر، لأن الهيئة قد توفر للمعلمين مواطنين أميين يسكنون في أماكن بعيدة، ما يعد إجهادًا لهم، لذا فمن الأفضل أن يبحث كل معلم عن الأميين في محيط سكنه.

وفقًا للإجراءات المتعبة، يجمع المعلمون صور الأرقام القومية لـ10 أميين، ويرسلوهم لفرع الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بالمحافظة التابع لها للتأكد أنهم أميين، لم يجتازوا مرحلة التعليم الأساسي، بعدها يبدأ المعلمون التدريس للمواطنين ويرسلوهم لفرع الهيئة للامتحان في إحدى الدورات الأربعة خلال العام: "يناير، أبريل، يوليو، أكتوبر"، وإذا نجح المتعلمون يحصل المعلم على إفادة بذلك.

ويستعد معلمي الـ30 ألف وظيفة لتقديم مسوغات التعيين للأكاديمية المهنية للمعلمين، والتي لا بد ان تتضمن شرط محو أمية 10 مواطنين، وينتهي موعد تقديم اوراق التعيين في 30 أبريل المقبل، وتحدد بعض الإدارات التعليمية تاريخًا مبكرًا عن ذلك لاستلام الاوراق من المعلمين.

ورغم ذلك لا يزال الكثير من المعلمين لم يستوفوا شرط محو الأمية، وحتى البعض ممن استوفوا الشرط ترفض هيئة محو الأمية منحهم الإفادة بذلك، مشيرة لهم إلى أنها ترسلها إلى الإدارات التعليمية التابعين لهم مباشرة، وفي نفس الوقت ترفض الإدارات التعليمية استلام أوراق التعيين دون إرفاق إفادة تنفيذ شرط محو الأمية بها.

وعن ذلك قال رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية، إن فروع محو الأمية لا يجوز لها منح المعلمين الذين انتهوا من تنفيذ شرط محو أمية 10 مواطنين، إفادة بذلك، حيث ترسل الفروع خطابًا للهيئة يثبت إتمام المعلم للنصاب، ليقوم بنفسه بتوقيعه وإرساله إلى وكيل الوزارة بالمحافظة التابع لها المعلم.

وأكد رئيس الهيئة انه يعتمد يوميًا عشرات الخطابات، لافتًا إلى أن تنفيذ الشرط سهلًا، ولكن البعض "بيتدلع".

وأوضح الدكتورة سحر حافظ، إحدى مسؤولي الاكاديمية المهنية للمعلمين بالقاهرة، أن شرط محو أمية 10 مواطنين أساسي لقبول مسوغات تعيين الـ30 ألف معلم، مشيرة إلى أن فرع الهيئة يجب أن يمنح المعلمين الذين أكملوا نصابهم إفادة بذلك لتقديمها للإدارة التعليمية التابعين لها، أو على الأقل كشف صورة طبق الأصل بأسماء المعلمين الذين استوفوا الشرط لتضمينه أوراق التعيين.

وعن مخاوف بعض المعلمين من فسخ عقودهم إذا لم يتمكنوا من استكمال شرط "محو الأمية" قبل 30 أبريل المقبل، أكدت حافظ أن فسخ التعاقد لا يحدث إلا إذا مر على العقد ثلاث سنوات، في حين أن معلمي الـ30 ألف لم يمر عليه تعاقدهم سوى عام ونصف فقط.

وعن مخاوف أخرى خاصة بالأقدمية، أكدت حافظ أن الأهم في هذا التوقيت هو التعيين، مشيرة إلى أن من لم يستوفي الشرط حتى 30 أبريل لديه فرصة للتقديم في الدفعة المقبل بعد 3 شهور، وفي هذه الحالة يمكنهم الترقي على نفس درجة المعلمين الذين سيتم تعيينهم هذا الشهر.

وحاول بعض المعلمين التواصل مع الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم للمطالبة بإلغاء شرط محو الأمية، من خلال تطبيق "واتس آب" إلا أنه ابدى استيائه من كثرة الرسائل التي يرسلها البعض لأزمات التي يعاني منها التعليم، مؤكدًا أنه يحاول المساعدة، ولكن لن يستجيب للمطالب بهذه الطريقة.

ويطالب المعلمون المساعدون بإلغاء شرط محو الأمية من شروط التعيين، على أن يدفع كل معلم غرامة مالية للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، لتقوم بتعليم الأميين، حيث إنه دورها بالأساس.​

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان