"ثلاثية" مبارك في ميلاده الـ89.. من "اخترناه لعزلناه فبرأناه"
كتبت- نورا ممدوح:
منذ ما يقرب من 18 عامًا، أطلق مجموعة من المطربين أوبريت "اخترناه وبايعناه" للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والذي تزامن مع إجراء استفتاء جديد لبقائه في السلطة ومد ولايته لفترة رئاسية رابعة، في حفل حضره كبار رجال الدولة. وبحلول عام 2017 وبعد حصوله على حكم بالبراءة في قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير، تبدلت النغمة من "اخترناه" إلى "عزلناه وحبسناه فبرئناه".
في الرابع من مايو 1928، ولد "مبارك" في إحدى قرى المنوفية، ليحل اليوم عيد ميلاده الـ89. تلك السنوات ليست بالفترة القصيرة على تاريخ رئيس مثله، فخلالها عايش ما قد يُشعل الشيب من رئاسة إلى عزل ثم حبس فبراءة. فبين ليلة وضحاها انتقل من نائباً لرئيس الجمهورية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ثم رئيس للدولة بعد اغتيال "قائد الحرب والسلام" الذي قال عنه في إحدى الخطابات "مبارك كان قائد القوات الجوية وبيحترموه أوي في إسرائيل لأن الدرس كان موجعاً لهم".
مجيئ مبارك للحكم كان قاطعاً لظنون الكثير، فلم يكن أحد يتوقع تصعيده على هذا النحو السريع، ففي 1981 تم انتخابه كرئيس للجمهورية بعد استفتاء شعبي استمر فيه لأربع فترات رئاسية متتالية، لتصبح رابع أطول فترة حكم في المنطقة العربية.
على عكس غيره ممن سبقوه في رئاسة الجمهورية، افتقر مبارك للشعبية والجاذبية الشخصية التي كان يتصف بها الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، فكان مشهد توديع كليهما مشهداً مهيباً خرجت فيه طوائف الشعب أجمع حزناً عليهما، في حين خرج الملايين ضد مبارك لخلعه من الحكم الذي استمر 30 عاماً تحت أنين المشاكل التي حنت ظهورهم، حتى فاض بالشعب الكيل فعزله.
فعلى الرغم من أن هناك بعض المشروعات التي ينسب إنجازها له مثل مترو الأنفاق وإسكان الشباب في المدن الجديدة، إلا أنه واجه مصاعب كثيرة، لم يتمكن من التعامل معها من بينها البطالة والتضخم المتفاقم والتنامي السكاني السريع، فضلًا عن الانتهاكات التي رصدتها المنظمات الحقوقية بالتعذيب في السجون استدعت خروج دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي بالتظاهر يوم عيد الشرطة لإقالة وزير الداخلية، وفي فوران الأحداث تصاعد الهتاف إلى "يسقط يسقط حسني مبارك".
لم يكن مشهد خروج الملايين من الشعب ضده هيناً عليه، ففي إحدى الخطابات التي خرج فيها على الشعب خلال فترة الـ" 18 يوم ثورة" كان الغضب يتملك وجهه، وتبدو على ملامحه أثار الصدمة، وبدا هزيلًا إلى حد شحوب وجه، قال بينما احتفظ بطريقته المعتادة في إلقاء الخطابات، والتي لم تُغادره أينما مضى: "يحز في نفسي ما ألاقيه من بني وطني"، محاولا إثبات حسن نيته وأنه لم يكن ينوي الترشح لفترة رئاسية مقبلة: "لم أكن أنتوى الترشح لفترة رئاسية جديدة وقضيت ما يكفي من العمر في خدمة مصر وشعبها. الوطن باقٍ والأشخاص زائلون، وسيحكم التاريخ بما لنا أو علينا".
بدا أن الأمور قد تفلتت من يد القاطن في قصر الاتحادية، وتحت ضغوط المقربين أعلن نائبه عُمر سليمان "تخليه عن منصب رئيس الجمهورية" في ليلة الحادي عشر من فبراير 2011، ليُقابلها حينها بسيل من البلاغات، يُقلبون فشل الماضي في أحداث الحاضر لينتهي مطافه خلف قضبان حديدة بتُهم "قتل المتظاهرين، واستغلال النفوذ ونهب المال العام"، ويقف في يوم مشهود محاكمًا لأول مرة في أغسطس 2011، حينها ظهر راقداً على سرير متحرك ومعه نجلاه علاء وجمال.
"كل هذه الاتهامات أنا أنُكرها كاملة".. كانت هذه أولى كلمات مبارك عن التهم التي وُجهت له، وقضت محكمة جنايات القاهرة فيما بعد بمعاقبته بالسجن المؤبد لمسؤوليته عن قتل المتظاهرين والتي استمرت فترة التقاضي فيها 6 سنوات انتهت ببراءته.
وخلال فترة محاكمته كان مبارك زائراً مقيماً بالمستشفيات العسكرية، يخرج منها فقط لحضور جلسات محاكمته بطائرة عسكرية وحراسة مشددة ثم يعود من حيث أتى مرة ثانية، يظهر على بعض محبيه من شرفة غرفته بالمشفى ملوحاً لهم محاولا بذلك استعادة ما تبقى له من هيبة كرسي الرئاسة.
6 سنوات كانت فاصلًا بين مبارك ومنزله بمصر الجديدة، عايش خلالها شائعات وفاته، والتي طالما ارتبط النفي بعدها بدقائق، لتؤكد أن "مبارك لا زال على قيد الحياة".
فيديو قد يعجبك: