إعلان

فريق"هندسة الإسكندرية" يروي لمصراوي رحلة 14 يومًا لهدم عقار الأزاريطة

11:39 ص الأربعاء 12 يوليو 2017

كتبت- هاجر حسني:

على مدار أسبوعين ظل القلق رفيق اللجنة الهندسية التي جرى تشكيلها من قبل محافظ الإسكندرية لفحص عقار الأزاريطة المائل، التخوفات من انهيار العقار عشوائيًا وتأثر المباني المحيطة به في نفس الحي كان الشبح الأكبر الذي راود اللجنة المُشَكلة من أساتذة كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، حتى اتخذوا قرارهم بهدم العقار في بداية يونيو الماضي، والذي تم دون خسائر.

سيناريوهات سيئة

كان هدف اللجنة خلال معاينة العقار هو الحفاظ عليه من الانهيار المفاجئ ومحاولة هدمه بسلام، فكان السيناريو الأسوأ هو سقوط العقار والذي بدوره سيؤدي إلى سقوط عقارات أخرى تباعًا، وهو ما أوضحه عبد العزيز قنصوه، عميد كلية هندسة الإسكندرية وعضو اللجنة لمصراوي.

يقول قنصوة إن صغر حجم المنطقة المحيطة بالعقار وشوارعها الضيقة ووجود أجزاء قديمة وتالفة من العقارات كانت سببًا في تسرب هذه الشكوك إلى قلبهم، "جميع السيناريوهات اللي كانت ممكن تحصل كانت كارثية"، وتابع: "الحالة دي كانت أول مرة تمر علينا في مصر واللي بنسميها (أوفر تيرنينج)، وهي فريدة من نوعها، وجايز تكون حصلت في العالم".

بعد علم عميد كلية الهندسة بالأمر وتوجهه إلى مكان العقار صبيحة ليلة الميل كان المكان جاهز للمعاينة وبدء العمل عليه، "جهاز الدفاع المدني أخلى العقار وكمان العقارات المجاورة وبدأنا نتعامل مع الموقف"، وخلال اليوم الأول وضعت اللجنة عدة مقترحات لإزالة المبنى وتم اختيار المقترح الذي تم به هدم المبنى.

خلال 10 أيام ظلت اللجنة تعمل بأعصاب ملتهبة وتفكير لا يهدأ يقول عميد الكلية: "كنا حاسين إن سمعة المهندسين المصريين على المحك، كنا أمام كارثة وكان لابد من حلها بأقل قدر من الخسائر، وبظهور بوادر حل الأزمة تسلل الهدوء تدريجيًا إلى قلوب اللجنة حتى أًصبح العقار هو والأرض سواء".

عقب الهدم تم إعادة سكان العقارات المجاورة للعقار المائل إلا 5 منشآت تضررت بشكل بسيط، "طلبنا عمل تقارير هندسية مفصلة حتى نستطيع الحكم على جودة هذه العقارات"، بحسب قنصوة، إلا أن التخوف من تكرار الأمر عاد ليساور اللجنة مرة أخرى "دي مش الححالة الأخيرة فالإسكندرية فيها 47 ألف مخالفة، الخوف الرئيسي من أن يكون هذا العقار ليس آخر الأحداث".

أساس غير مناسب

من خلال معاينة اللجنة تبين أن المشكلة الأساسية التي تسببت في ميل عمارة الأزاريطة كانت التربة الضعيفة التي تتسم بها الإسكندرية والتي تسمى "ردم" واختلافها من مكان لآخر، بحسب خالد جعفر، أستاذ ميكانيكا التربة والأساسات بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، "هذه التربة تتميز بمنسوب مياه منخفض بمجرد أن تلتقي بمياه من أي مصدر تتقابل مع حبيبات التربة الناعمة وتسير معها حتى أسفل العقار ويحدث ما يسمى تفريغ للتربة وتبدأ العمارة في الميل".

مع وجود هذا النوع من التربة ونوعية التأسيس الغير مناسبة للعقار تسبب في حدوث هذه الأزمة، يقول جعفر "هذه التربة كان يلزمها عمل خوازيق حتى ترتكز على تربة قوية، ولكنها كانت مرتكزة على لبشة مجرد ما حصل حركة لحبيبات التربة حدث ميل العمارة، وهذه حالة غير مسبوقة".

تكرار حالات مشابهة أمر لم يعتاده أستاذ ميكانيكا التربة، وخاصة أن العقار مال خلال ليلة واحدة فقط في غضون 5 ساعات تقريبًا، بحسبه، فالميل الذي يعرفه يكون بنصب بسيطة متعارف عليها "بيكون بنسب تتعلق ما بين 10 إلى 15 سنتيمتر، ولكن بهذا الميل الشديد لم يحدث في مصر وحصل على مستوى العالم ربما مرة أو مرتين"، وعن صلاحية الأرض للبناء عليها مرة أخرى أكد جعفر أنه لا مشكلة من ذلك ولكن مع وجود تأسيس مناسب.

الاختلاف في الوضع بين الصور وأرض الواقع أمر أوضحه أحمد أبو طبيخ، أستاذ الهندسة الإنشائية بكلية الهندسة، فقال إن أعضاء الفريق الذي أعد تقريرالمعاينة للعقار لمس صعوبات كان أهمها عدم ارتكاز العقار بكامل سطحه على العقار المقابل، وكان هناك جزء حر في الهواء وهو ما تطلب وقتًا في التفكير حول الطريقة المناسبة للهدم.

يقول أستاذ الهندسة الإنشائية، "عملنا دراسة عن وزن العقار على العقار الآخر، وحالة العقارات المجاورة، وطبيعة الشارع نفسه، وناقشنا مقترحات إضافة دعامات للعقار، وإذا تم نسف العقار من الأسفل هل سيكون هناك سلبيات"، ولكن في النهاية استفرت اللجنة على الطريقة التي تم اختيارها في الهدم لأنها كانت أقل الطرق خطورة، بحسب قوله.

قرار الهدم

خلال وضع مقترحات إزالة العقار واجهت اللجنة عقبات تمثلت في طريقة ميل العقار وارتكاز قمته على العقار المقابل له "العمارة مكنتش كلها ساندة على العمارة اللي قدامها، كان نصها بس اللي ساند بالطول والنص التاني في الهوا"، يوضح سعيد علام، أستاذ المنشآت الخرسانية بكلية الهندسة.

وعقب المناقشات اتخذت اللجنة قرار الهدم من خلال الإزالة التدريجية بدأت بالجزء الحر الغير مرتكز من الأعلى وحتى الأسفل، وتم تدعيم قاعدة العقار بالأجزاء المهدومة لتكون أثقل من الجزء العلوي، حتى تبقى شريحة السلم فقط، يقول علام "الهدم في الأدوار العُليا تم يدويًا وكانت الأوناش خلال هذه الفترة لحماية العمال فقط، وخلال العمل كنا نصنع فتحات حتى يستتطيع السكان استخراج متعلقاتهم، وعندما وصلنا للأدوار السفلى تم التعامل بالأوناش".

يختتم علام كلامه: "المدة الزمنية لهدم العقار تم وضعها من اليوم الأول للمعاينة، وبالفعل بنهاية الأسبوعين وهي المدة التي تم تحديدها كان العقار مساوي للأرض".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان