قصة مسعف "سيلفي قطاري الإسكندرية": أفضل أخصائي في 2012.. ونقل مصابي غزة
كتب- أحمد جمعة:
لم يكن في مخيلة "محمد السيد" بعد تكريمه كأفضل مساعد أخصائي على الطريق الزراعي، أن يتحول إلى الهجوم عليه وانتقاده على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بسبب "سيلفي" التقطه عقب الانتهاء من نقل ضحايا حادث تصادم قطاري الإسكندرية إلى المستشفيات، الجمعة الماضية.
أثارت صورة "السيلفي" موجة من الانتقادات كانت كافية لـ"تحطيمه نفسيًا وأسريًا" خلال الأيام التالية. لم يكن الإلحاح على "محمد السيد" للحديث عن الواقعة هينًا. يتحسر على حاله بعد قرار وزارة الصحة بنقله إلى سيوة على الحدود بين مصر وليبيا كعقاب على تلك "الصورة". يقول: "مكنش فيه جثث أو مصابين والصورة كان توثيق للحادث لنا كمسعفين شاركوا في نقل الضحايا وللذكرى، وليس لنشرها على مواقع التواصل، وقمنا بذلك مثل الجندي الذي يشارك في الحرب ويرغب في التقاط صورة بجوار الدبابة".
يعمل "محمد السيد" في هيئة الإسعاف بنقطة أبو حمص بالبحيرة، وشارك في الكثير من الأحداث الكبيرة، مثل العدوان على قطاع غزة عام 2008: "كنا من أول 25 سيارة إسعاف شاركت في أحداث غزة، وقعدنا شهر ونصف هناك لم نرجع إلى بلدنا، وشلت مصابين وخدتهم من رفح للعريش إلى مستشفيات معهد ناصر والقوات المسلحة، ولم يكن لنا سكن ونضطر أنام معظم الأيام في العربية، وشارك في تأمين ثورة 25 يناير، ومكنتش بروّح بيتنا، والعام الماضي شاركت في نقل ضحايا حادث أتوبيس الأطفال الذي وقع بين دمنهور وأبو حمص، ولي الفخر أن شاركت في هذه الأحداث ولم أحصل على مكافأة من مشاركتي".
تعاظم فخر مسعف "أبو حمص" بنفسه بعد اختياره عام 2012، كأفضل مساعد أخصائي خدمات إسعافية للطريق الزراعي: "كنت فخور علشان أولادي يشوفوها أن أبوهم كويس وشغال بما يرضي الله"، لكن هذا اندثر في نفسه بعض حادث قطاري الإسكندرية: "المفروض كانوا يرفعوا من روحنا المعنوية إننا اشتغلنا بمهنية وضمير ونقلنا الناس وأنقذنا أعداد كبيرة".
لبعد تمركز "محمد السيد" عن مكان حادث الإسكندرية، استغرق وصول سيارته إلى عزبة الشيخ -مكان الواقعة- نحو 20 دقيقة: "سمعت بالبلاغ عن طريق الجهاز اللاسلكي لأنه واصل بين البحيرة والإسكندرية وتم تحريك العربات من البحيرة للحادث، وتداخلت على الجهاز وكنت جاهز ومستعد وعندي قدرة عالية من الجاهزيّة، وفي وقت قياسي وصلنا للحادث، ودخلت معهم بالقطار لإنقاذ الركاب ونقلت 6 مصابين إلى مستشفى رأس التين، ثم تحدثت إلى الغرفة المركزية وأمرتني بالعودى إلى مكان الحادث والتمركز هناك قرابة الساعة 4.30 مساءً لحين رفع الأنقاض كتأمين حادث".
في تلك الفترة قابل "محمد السيد" زميله الذي رافقه خلال مشاركته بتغطية أحداث غزة: "محمد من إسعاف الأمراء وهوّ من أول السيارات التي وصلت لمقر الحادث، وأخذنا صورة للذكرى بيينا وكل واحد يحتفظ بيها، ولم نُهمل في عملنا، بل تمت بعد الانتهاء من رفع كافة المصابين والجثامين. عاوز أسيب لولادي حاجات يفتخروا بيا لما يكبروا".
يبكي "المسعف المثالي" على الهجوم الذي تعرض له منذ انتشار الصورة: "ليه يعمل كده، وتكون فيه إساءة ليا ولزميلي وكل أسرتي على الرغم أن جميع الكوارث شاركت فيها، وعمري ما خدت جزاء بل بالعكس تم تكريمي. والله العظيم تحطمت نفسيًا ومعنوياً، وأول مرة في حياتي أبكي بسبب عملي، بدل ما يكافئوني يعايروني أننا مشتغلتش، وأقرب الناس ليا قالولي أنت فضحتنا حتى شرحت لهم الحقيقة، الأجر على الله".
فيديو قد يعجبك: