رضوى زكي تكشف أسرار "إحياء علوم الإسكندرية"
القاهرة - (مصراوي):
صدر حديثاً للكاتبة والباحثة الدكتورة رضوى زكي كتاب "إحياء علوم الإسكندرية.. من اليونانية إلى العربية"، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة؛ وهو الكتاب الأول للكاتبة، التي أهدته إلى مدينة الإسكندرية.
ويقدم الكتاب رؤية مهمة تثري معارف القراء المتخصصين والمهتمين بتاريخ الإسكندرية عن أسرار وكواليس هذه الحلقة المفقودة من تاريخنا.
"إذا لم تصحبني معك إلى الإسكندرية، فلن أكتُب لك، ولن أُكلمك بعد إذن أبدًا.. ولن أحييك بما اعتدت أن أحييك به كل يوم".. هذه بضع كلمات جاءت في طيات رسالة بعث بها أحد الأبناء إلى أبيه، وردت في بردية من البرديات اليونانية المؤرخة بالقرون الميلادية الأولى والمكتشفة بمدينة البهنسا بصعيد مصر، تكشف عن الحلم الذي راود الباحثين في العصور القديمة للدراسة في تلك المدينة العامرة، بعد أن ذاع صيتها بين أرجاء العالم القديم.
وفي البدء كانت مصر، جاءت إليها اليونان عبر علمائها وفلاسفتها، فنقل هؤلاء مشافهةً ومشاهدة، علوم مصر القديمة إلى بلادهم، ثم أبدع علماء اليونان، وسرعان ما استقر إبداعهم بالإسكندرية؛ أي عاد إلى مصر مرة أخرى، وصارت الإسكندرية في المقدمة بين حواضر العلم القديمة، بفضل النهضة الفكرية والعلمية التي قامت بين أروقة مجمعها العلمي الذي احتضن حصيلة ما وصل إليه العقل البشري من فكر ومعارف في تلك الفترة، للحد الذي عُرفت به تلك الحقبة الزمنية في تاريخ الحركة العلمية باسم "العصر السكندري"، تمييزًا لها عن باقي العصور المختلفة، لما كان لها من تأثير بالغ في تاريخ العلم القديم.
بقيت علوم مدرسة للإسكندرية نوراً أضاء لعلماء العصور الوسطى درب المعرفة، فالعرب لم يأخذوا علومهم مباشرة عن الحضارة العراقية أو المصرية أو الفارسية القديمة؛ حيث وفدت إليهم عن طريق وسيط وهو الحضارة الهلينستية التي انصهرت في بوتقتها العلوم القديمة بالقلم اليوناني، واتخذت من الإسكندرية مستقراً لها.
وعبر القرون الأولى من عمر الحضارة الإسلامية الناشئة نُقلت إلى اللسان العربي، فأحدثت نهضة استثنائية عُرفت باسم "العصر الذهبي للترجمة"، بعدما رفد إلى العقل العربي العلوم والمعارف اليونانية عبر منهج فلسفي، جمع شتاتها، وفسّر مجهولها، وأبرز مكنونها، فاستحق علماء العرب المسلمون أن يكونوا ورثة التراث العلمي اليوناني، وحلقة الوصل بين علوم العصور القديمة والحديثة، فباتت الترجمة والنقل إيذانًا بإعمال العقل العربي وانطلاقه في طريق الإبداع وخدمة الإنسانية.
ولا زال العلم أعظم أركان الحضارة وأقوى أسبابها؛ والتنقيب عن تاريخ التراث العلمي للأمم السابقة ومعارفهم على مر العصور من سمات الأمم المتحضرة، التي تسعي للكشف عن ماضيها وتراثها، لتستشرف مستقبلها. وبين الأمم؛ ستبقى الإسكندرية عاصمة الذاكرة بما قدمته من مآثر خالدة، ورمز المعرفة الكوزموبوليتانية بحضورها المشهود في تاريخ العلم.. فكان «إحياء علوم الإسكندرية.. من اليونانية إلى العربية".
فيديو قد يعجبك: