إعلان

"شومان": الشريعة تركت لمجموع الأمة اختيار حاكمهم

12:26 م الثلاثاء 30 أكتوبر 2018

الدكتور عباس شومان

كتب – محمود مصطفى:

شارك الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، في فعاليات الدورة الـ23 لمجمع الفقه الإسلامي الدولي والتي تقام على مدار خمسة أيام بالتعاون مع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

وقال شومان، إن الله خلق الخلق وهو يعلم أنه لا تستقيم أحوالهم إلا بتنصيب حكام يسوسونهم ويقومون على شئونهم، فجاءت الشريعة مبينةً مقومات الحاكم الذي يصلح لقيادة الأمة، واجتهد السلف في طرق اختياره وتنصيبه، وبينت الشريعة كذلك حقوق الحاكم وواجباته، وأُطر العلاقة بينه وبين المحكومين.

وأضاف خلال كلمته، "ما من أمة أحسنت اختيار حاكمها إلا استقرت وارتقت، وما من أمة تعجلت وأساءت اختيار حاكمها إلا جنت فشلًا وتراجعًا واضطرابًا، وعلى الرغم من أن شريعتنا الغراء تركت لمجموع الأمة اختيار حاكمهم، وفق ما يقرره حكماؤها وما يصلح لزمانهم ومكانهم وثقافتهم، ولم تحسم طريقة اختيار الحاكم، ولم تحصرها في طريقة واحدة يُلزم الناس بها، كما يدعي مَن قصر فهمهم، أو مَن يستغلون الدين ستارًا يبررون به انحرافاتهم وجرائمهم بغية تحقيق مآرب سياسية لا علاقة لها بالدين وشريعته؛ فإن فقهاء الأمة بالاستقصاء وسبر أغوار الأدلة وتتبع المواقف العملية للرعيل الأول، قد ذكروا عددًا من الطرق الشرعية لاختيار حاكم الدولة الإسلامية؛ فقد يكون اختيار الحاكم بطريقة الشورى الموسعة التي تشبه نظام الانتخابات العامة في زماننا، وهي الطريقة التي اختير بها أبو بكر الصديق أول خليفة للمسلمين".

ونوه إلى أنه من الممكن أن تتم طريقة الاختيار عبر تعيين الحاكم لمن يراه صالحًا لخلافته، ولا يُشترط في ذلك أن يكون من قرابته، بل لا يجوز اعتماد القرابة وحدها مرجحًا للاختيار، وإلا تحمل المختار نتيجة سوء اختياره، وتحمل مَن قَبِلَ الحكم وهو ليس أهلًا له إثمَ إقدامه على تحمل ما لا قِبَلَ له به، وبطريقة التعيين هذه تولى سيدنا عمر بن الخطاب خلافة المسلمين، وهذا النظام أشبه بما يحدث في الأنظمة الملكية ونحوها في وقتنا الحالي.

وأشار إلى أنه قد يكون اختيار الحاكم بطريقة الشورى المقننة، وهي أشبه بالنظام المعمول به في الأنظمة البرلمانية في بعض الدول حاليًّا؛ يختار البرلمان أو مجلس الشورى الحاكم نيابةً عن الشعب، كما حدث في اختيار سيدنا عثمان بن عفان.

ونوه إلى أن الفقهاء ذكروا طريقة رابعة لا ترضى عنها الشريعة مسلكًا لتولي الحكم، بل تمنعها وتحذر منها، وهي طريقة القهر والغلبة، لكنها إن وقعت بالفعل، فإن الشريعة تقر نتيجتها للضرورة؛ طلبًا لاستقرار الأمة ومنعًا للاقتتال بين مواطنيها.

وأضاف أن هذه الطرق التي استقراها علماء السياسة الشرعية من واقع الأمة الإسلامية عبر تاريخها، ولا سيما في صدرها الأول، تكاد تحصر طرق تولي الحكم السائدة في عالمنا المعاصر، ويصعب أن يضاف إليها طرق أخرى، فإن تفتقت أذهان الناس عن طرق أخرى لاختيار الحاكم، فإن شريعتنا ليس فيها ما يمنع اعتمادها وإضافتها إلى الطرق المقررة، وهذا يدل دلالة واضحة على مرونة شريعتنا وصلاحيتها لكل زمان ومكان ومراعاتها لأحوال الناس، وعلى هذا فإن تحميل الشريعة ما لا تحتمله كقصر تولي الحكم على طريقة واحدة كما يدعي بعض المفسدين، إنما هو تضييق لموسَّع وإجبار في مخيَّر يضر بسماحة شرعنا الحنيف ويُظهره قاصرًا عن تحقيق مصالح الناس، فضلًا عن أنه استغلال للدين في صراعات سياسية هو أبعد ما يكون عنها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان