حمدي قنديل.. قلم رصاص لن يمحوه الزمن
04:05 م
الخميس 01 نوفمبر 2018
كتب- محمد نصار:
"مصارعة المرض" معركة يخوضها الكثيرون ممن تقدم بهم العمر وبلغوا أرذله، لكن دائمًا ما ينتصر المرض ويخسر الكبار أعمارهم، وفي رحلة الصراع هذه كان آخر الخاسرين بالفشل الكلوي - حتى الآن - الإعلامي القدير حمدي قنديل، الذي رحل مساء أمس الأربعاء.
حمدي قنديل المولود في منزل أسرة من الطبقة متوسطة الحال عام 1936، ساعدت نشأته لأسرة يقودها أب مثقف يعمل ناظرًا لمدرسة، ومن خلفه زوجة متعلمة، في وقت عز فيه التعليم، على تكوين شخصيته والتأثير فيها، ورغم نشأته في قرية (كفر عليم - مدينة بركة السبع بمحافظة المنوفية) إلا أن أصول عائلته تمتد إلى محافظة الشرقية، جده الأكبر قنديل خليل كان عمدة قرية المحمودية مركز ههيا عام 1830.
حصل الإعلامي الراحل على 60% في الثانوية العامة، ولم يختر حينها كليته كما لم يختر مرضه الذي أنهى حياته، فيقول في مذكراته: "قادني مجموعي في الثانوية العامة إلى واحد من اختيارين، إما كلية العلوم وإما معهد الكيمياء الصناعية، وكان أبي يتكهن بأن للتعدين والبترول مستقبلًا كبيرًا في مصر، ولذلك رجح كفة كلية العلوم"، قائلًا: اعمل حسابك من الآن عندما تبدأون في التخصص، ستدرس في قسم الجيولوجيا، وكانت كلية العلوم المتاحة هي علوم الإسكندرية.
قرر أن يبحر نحو الصحافة، فانضم إلى مجلة "آخر ساعة" بناءً على طلب الصحافي الكبير مصطفى أمين، وبدأ عمله صحافيًا ينشر رسائل القراء بـ 15 جنيهًا في الشهر عام 1951، ويقول في مذكراته عن ذلك: "كان أبى يسمح لي، بل يطلب مني أحيانا، قراءة جريدة المصري، وكانت هي الجريدة الوحيدة التي يشتريها كل يوم، قرأت جريدة الاشتراكية في بيت صديق كان والده يشتريها بانتظام، فأصبحت أبحث عنها أنا الآخر بين الحين والحين، وأظنها أثرت في توجيه ميولي، بل واستفزتني إلى أبعد حد عندما قرأت فيها مقال أحمد حسين الشهير رعاياك يا مولاي".
تزوج من الفنانة نجلاء فتحي عام 1995، ويقول في مذكراته إنها فاجأته بطلب الزواج منه على غير العادات والتقاليد المتعارف عليها، حيث قابلها للمرة الأولى أثناء إجرائه لحوار صحفي معها في منزل شقيقتها بالدقي، ويقول إنه لمس فيها تواضعًا وبساطة وتلقائية، كما أنها ذكية ومرحة وذات شخصية قوية، حسبما وصفها.
من منا أو من جيل الأباء لم يكن يومًا أحد الحريصين على مشاهدته، فهو الذي قدم الكثير من البرامج ذات الطابع السياسي منها برنامج "رئيس التحرير" و "أقوال الصحف" و"قلم رصاص" .
لم تشأ الأوضاع أن يستمر برنامجه "رئيس التحرير" على شاشات التليفزيون المصري، وذلك بعد هجومه الشديد على صمت الحكومات العربية خلال أحداث الانتفاضة الفلسطينية عام 2003، فانتقل إلى فضائية دريم لتقديم برنامج حمل نفس الاسم.
بعد أن توقف برنامجه، هاجر إلى دولة الإمارات العربية، لتقديم برنامج جديد حمل اسم "قلم رصاص" إلا أنه توقف هو الآخر بعد 5 سنوات من انطلاقه، ودفعه حبه للسياسة التي كان محركه الرئيسي فيها عمله الصحفي والإعلامي إلى العمل متحدثًا باسم الجبهة الوطنية للتغيير.
في أواخر أيامه تدهورت حالته الصحية، جراء إصابته بمرض الفشل الكلوي، ورغم خضوعه للعلاج وجلسات الغسيل بشكل مستمر إلا أنه لم يستطع المقاومة، وتوجهت حالته نحو مزيد من السوء إلى أن تم وضعه على أجهزة التنفس الصناعي بالمستشفى السعودي الألماني، لكن القدر المحتم قال كلمته الأخيرة، وسطر آخر سطر في صحيفته بإعلان وفاته.
فيديو قد يعجبك: