إعلان

كيرلس السادس.. بابا الإصلاحات (بروفايل)

04:35 م الجمعة 09 مارس 2018

البابا كيرلس السادس

كتب - إسلام ضيف:
"إنه من نصيبنا".. كلمات قالها قمص بإحدى الكنائس لوالدة طفل من أسرة مسيحية متدينة، عاشت معظم حياتها في دمنهور نازحين من طوخ النصارى، كان بيتهم محط استراحة الرهبان، لتمر السنوات ويعتزم الطفل الرهبنة، وتتحقق هذه البشرى بأنه يصبح هذا الطفل فيما بعد بطريركًا للكنيسة الأرثوذوكسية، ويلقب بـ"رجل الصلاة".

أتمَّ "عازر يوسف عطا" دراسته الثانوية، والتحق بالعمل في شركة ملاحة بمحافظة الإسكندرية، كانت سيرته طيبة بين العاملين بالشركة، لم يكن يُعرف إلا بصدقه وأمانته وإتقانه في العمل، يُنهي دوامه، ويتجه لمنزله للصلاة والتعبد، حتى اعتزم الرهبنة بدير البرموس بوادي النطرون عام 1927 رغم معارضة والديه، وأصبح يُعرف بـ"مينا الباراموسي".

لم يمض عام واحد على التحاقه بدير البرموس إلا وتم تعيينه راهبًا بكنيسة السيدة العذراء ثم قسًا وقمصًا فيما بعد، وغادر بعدة خمسة أعوام من التحاقه بالدير إلى مغاره للتعبد والتأمل، حتى سكن في "طاحونة" بجبل المقطم استأجرها من الحكومة وبموافقة من مصلحة الآثار، أقام فيها مستمتعًا بالسكينة والهدوء، حتى وقعت الحرب العالمية الثانية واحتّل الإنجليز مصر ليطلبوا منه بعد حين مغادرة الطاحونة ظنًا منهم أنه جاسوس.

تدرج "مينا الباراموسي" في المناصب الكنسية، حتى أصبح الخامس بين المرشحين لإعتلاء الكرسي البابوي في اللحظة الأخيرة، وأجريت عملية الاختيار وجاء في المركز الأخير من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها، لتصنع "القرعة الهيكلية" الفارق "الإلهي" ويصبح "كيرلس السادس" البابا رقم 116 كخليفة لمار مرقس الرسول مؤسس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بمايو 1959، لتدق أجراس الكنائس معلنة فرحة السماء.

1

تميّز عهد البابا كيرلس السادس بالإصلاح لدور الكنيسة القبطية سواء في مصر أو خارجها، فدُعمت في عهده صلة الكنيسة المصرية بالكنيسة في إثيوبيا، ومشاركة الكنيسة في فعاليات الكنائس في إفريقيا والعالم.

أنعش البابا الجديد الأجواء الإيمانية بالكنيسة، فكان يستيقظ قبل الرابعة فجرًا ليصلي ويقيم قداس الصباح، ويفاجئ العاملين بالكنائس بزيارات مستمرة لتفقد أحوالهم.

من ضمن الأحداث الدينية المهمة التي وقعت في عهده، ما ذُكر عن ظهور السيدة العذراء فوق كنيسة العذراء مريم بحي الزيتون بالقاهرة ليلة 2 أبريل 1968، الأمر الذي دفع الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر لمشاهدة الظاهرة الفريدة من نوعها بنفسه من إحدى الشقق المواجهة للكنيسة.

جمعت البابا كيرلس والرئيس عبد الناصر علاقة متميزة، تجلت في موافقة عبد الناصر على مساهمة الدولة بنصف مليون جنيه في بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وتبرع أولاد عبد الناصر بمدخراتهم لبناء الكاتدرائية المرقسية، وقال الرئيس للبابا حينها: "أنا علمت أولادى وفهمتهم إن اللى يتبرع لكنيسة زى اللى يتبرع لجامع، والأولاد لما عرفوا إنك بتبنى كاتدرائية صمموا على المساهمة فيها، وقالوا حنحوش قرشين ولما ييجى البابا كيرلس حنقدمهم له، وأرجو ألا تكسفهم وخذ منهم تبرعاتهم".

2
استقبل البابا كيرلس عددًا من أبناء الكنيسة في أحد أيام شتاء عام 1971، أبلغهم وصيّته، وأمنهم على حياتهم، بأن "الرب يدبر أموركم"، ثم دخل إلى خلوته، ولقى ربه بعد جلوسه على كرسي البابوية ما يزيد عن 11 عاما بقليل، ودفن تحت مذبح الكاتدرائية التي أنشأها. ووفقًا لرغبته نُقل جسده في العام التالي لوفاته، إلى دير الشهيد مارمينا بمريوط.

انتظر المجمّع المُقدس 42 عامًا حتى اعترف في 2013 بقدسية البابا كيرلس السادس، ليتم بهذا الاعتراف بناء كنائس على اسمه، وتخليد ذكرى رجل أمضى سنوات قليلة كبطريرك للأقباط الأرثوذوكس رفع فيها اسم الكنيسة القبطية عاليًا.

 

فيديو قد يعجبك: