إعلان

نزار قباني.. شاعر الحب والنكسة..معشوق النساء

12:00 م الإثنين 30 أبريل 2018

نزار قباني

كتب- محمد عاطف:

على قدر رومانسية الشاعر الكبير الراحل نزار قباني؛ تجئ حدته وعنفه وشراسته في المعارك التي خاضها على مدار حياته التي امتدت قرابة 75 عاما.

وكما نال صاحب "كتاب الحب" من مديح وإطراء، نال أيضا قدحا وذما، بل منعا وهجوما من أطراف كثيرة على مدار سنوات عمره التي انقلبت رأسًا على عقب، بعد دخوله معترك السياسة.

تنوعت معارك مؤلف "قاموس العاشقين"، ما بين معارك دينية وأخرى سياسية وثالثة ثقافية ورابعة أخلاقية، ولم يسلم صاحب الموهبة الرفيعة في خضم معاركه من الأذى.

اتهم نزار بالإلحاد، وكاد يهدر دمه في البرلمان السوري، بعدما نشر قصيدته المثيرة للجدل "خبز وحشيش وقمر"، فهاج رجال الدين ضده، وطالبوا بطرده من السلك الدبلوماسي، وكان أول شاعر تناقش قصائده في البرلمان، أنه عمد إلى تعرية حالة الفصام التي يعاني منها المجتمع العربي، بين ما يفعله وما يقوله، بين ما يؤمن به وما يمارسه، بين ما يدعيه وما ينفذه، وفيها يقول نزار:

في بلادي..

في بلاد البسطاءْ..

حيث نجترُّ التواشيح الطويلةْ..

ذلكَ السثلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..

التواشيح الطويلة..

شرقنا المجترُّ..تاريخاً

و أحلاماً كسولةْ..

و خرافاتٍ خوالي..

شرقُنا، الباحثُ عن كلِّ بطولةْ..

في أبي زيد الهلالي..

وتعرض نزار للمنع وللتجاهل، ووجد نفسه هدفا للمدفعية الثقيلة من المثقفين المصريين عقب نكسة 67؛ بسبب قصيدته الشهيرة، هوامش على دفتر النكسة، ولم تشفع له علاقته الجيدة بالكثير منهم، خاصة أن النظام الناصري وقتها اعتبرها خطًا فاصلا بين نزار وبين الإذاعة المصرية التي كانت لها سطوة إعلامية لا تباري في ذلك الوقت، وبالفعل جرى رفع جميع أغاني نزار إلى أن لجأ إلى الزعيم جمال عبدالناصر الذي صفح عنه وأعاد المياه إلى مجاريها مع نزار بعدما اقتنع بالرسالة الرقيقة التي أرسلها له وجاء نصها كالتالي:

"سيادة الرئيس.. إذا كانت صرختي حادة وجارحة، وأنا أعترف سلفا بأنها كذلك، فلأن الصرخة تكون بحجم الطعنة، ولأن النزيف يكون بمساحة الجرح، من منا يا سيادة الرئيس لم يصرخ بعد 5 حزيران؟

من منا لم يخدش السماء بأظافره؟ وماذا تكون قيمة الأديب يوم يجبن عن مواجهة الحياة بوجهها الأبيض والأسود معا؟ ومن يكون الشاعر يوم يتحول إلى مهرج يمسح أذيال المجتمع وينافق له؟ لذلك أوجعني يا سيادة الرئيس أن تمنع قصيدتي من دخول مصر، وأن يفرض حصار رسمي على اسمي وشعري في إذاعة الجمهورية العربية المتحدة وصحافتها.. القضية ليست قضية مصادرة شاعر، القضية هي أن يسقط أي شاعر تحت حوافر الفكر الغوغائي لأنه تفوه بالحقيقة.

لا أطالب يا سيادة الرئيس إلا بحرية الحوار، فأنا أُشتم في مصر ولا أحد يعرف لماذا أشتم وأنا أطعن بوطنيتي وكرامتي لأنني كتبت قصيدة، ولا أحد قرأ حرفا من هذه القصيدة، يا سيدي الرئيس لا أصدق أن مثلك يعاقب النازف على نزفه.. لا أصدق أن يحدث هذا في عصرك.

بيروت 30 تشرين الأول 1967

التوقيع: نزار قباني

وبعد رحيل عبدالناصر، لم يكن غريبا أن يرثي نزار الزعيم بقصيدته الخالدة "قتلناك يا آخر الأنبياء"، والتي جاء فيها:

قتلناك يا حبنا وهوانا

وكنت الصديق وكنت الصدوق

وكنت أبانا

وحين غسلنا يدينا اكتشفنا

بأن قتلنا منانا

وان دماءك فوق الوسادة

كانت دمانا

ولعل آخر معارك نزار كانت عندما قتلت حبيبته بلقيس إثر تفجير سفارة العراق في بيروت، وحمل نزار الوطن العربي كله مسؤولية قتلها:

سأقول في التحقيق.. أني قد عرفت القاتلين..

بلقيس..يا فرسي الجميلة..إنني من كل تاريخي خجول

هذي بلاد يقتلون بها الخيول..

سأقول في التحقيق:

كيف أميرتي اغتصبت..

وكيف تقاسموا الشعر الذي يجري كأنهار الذهب

سأقول كيف استنزفوا دمها..

وكيف استملكوا فمها..فما تركوا به وردا

ولا تركوا به عنبا..

هل موت بلقيس..هو النصر الوحيد في تاريخ كل العرب؟"

فيديو قد يعجبك: