خبراء عن نظام التعليم الجديد: "ثورة في المنظومة.. لكن الرؤية ضبابية"
كتبت- ياسمين محمد:
حالة من الجدل أحدثتها تصريحات الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بين خبراء التعليم، حول تفاصيل النظام التعليمي الجديد، المقرر تطبيقه بدءًا من سبتمبر 2018، على تلاميذ مرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، على أن يتدرج ليحل محل النظام الحالي بحلول عام 2030.
واتفق الخبراء على ضرورة التغيير، ولكنهم اختلفوا حول الآليات، مشيرين إلى أن بعض الآليات التي اتبعها وزير التربية والتعليم عند وضع النظام الجديد، تصطدم مع بعض المحاذير التربوية.
وبحسب وزير التربية والتعليم، فإن الطلاب في مرحلة رياض الأطفال يدرسون منهج متعدد التخصصات ويشكل اللغة العربية، والرياضيات، والعلوم والدراسات، ومناهج منفصلة تشمل اللغة الإنجليزية، والتريبة الدينية، والتربية الرياضية والصحية، والأنشطة.
وتجري الدراسة بالنظام الجديد باللغة العربية، بجميع المدارس الحكومية بما فيها المدارس التجريبية، على أن يتم إتاحة نسخة مترجمة من المناهج للمدارس الخاصة للغات، وذلك طوال المرحلة الابتدائية، على أن يتم تحويل تدريس مادتي العلوم والرياضيات للغة الإنجليزية، بدءًا من الصف الأول الإعدادي.
وعلى الرغم من تأكيد وزير التربية والتعليم، أن التغيير شامل، وأكبر من أن يحصره المواطنون في إلغاء المدارس التجريبية، وأن الطالب سيدرس اللغة الإنجليزية بدءًا من KG1 بدرجة عالية من الإتقان، إلا أن أولياء الأمور أبدوا انزعاجهم من تصريحات الوزير، رافضين التدريس باللغة العربية بالمدارس التجريبية، والتفرقة التي أحدثها الوزير بين المدارس الحكومية والخاصة.
وترى محباب أبوعميرة، أستاذ المناهج بكلية البنات جامعة عين شمس، أن تعريب مناهج المدارس التجريبية بالنظام الجديد والإبقاء عليها، يفتح الباب أمام زيادة الإقبال على المدارس الخاصة، مشيرة إلى أنه في ظل النظام الجديد يدرس الطالب طوال المرحلة الابتدائية باللغة العربية، ثم ينتقل للدراسة باللغة الإنجليزية في المرحلة الإعدادية، ما يحدث له نوعًا من الصدمة، قد لا يستطيع التكيف معها.
وقالت أبوعميرة، لمصراوي، إن تدريس مادتي العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية منذ الصف الأول الإعدادي، لا علاقة له بالتأثير على الهوية كما يزعم الوزير، لأنها مواد دولية بطبيعتها، ليست كالدراسات الاجتماعية والتربية الوطنية، لافتة إلى أن تدريس المادتين باللغة الإنجليزية ضروري لأنها لغة العصر، ولن يلتحق الطالب بسوق العمل دون إتقانها.
وشددت أستاذة المناهج، على ضرورة تخصيص معلم للغة العربية، والاهتمام باللغة العربية بشكل منفصل، وزيادة مدة الحصص المخصصة لها، لتمكين الطلاب منها، مشيرة إلى أن تدريس المنهج متعدد التخصصات يصطدم ببعض المحظورات التربوية.
وأوضحت، أن تدريس اللغة العربية لا بد أن يكون من خريجي أقسام اللغة العربية بالكليات المتخصصة، حتى يُمكّن الطالب من اللغة، معتبرة أن تدريس مواد متعددة التخصصات من ضمنها اللغة العربية عن طريق مدرس غير متخصص، لا يصلح.
ونوهت أبوعميرة، إلى أن تحويل بعض المعلمين لمعلمين فصل، لا يمكن من خلال التدريب لمدة 3 أشهر هي عمر إجازة الصيف، ولكن لا بد من التأهيل بالدراسة لعدة سنوات بالكليات المختصة، قائلة: "إنا عايزة أسأل الوزير هستورد مدرسين علشان يغطوا العدد المطلوب؟، التدريب معناه استعجال، لازم تأهيل، والتدريب مش هيحل المشكلة، لإني المفروض بدرب المتخصص مش بطوع غير المتخصص لأهدافي".
وذكرت أبو عميرة، أن الوزير منفصل عن الميدان، ففي الوقت الذي ألغى تدريس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية، فتحت كليات التربية شعب للتدريس بالإنجليزية، وفي الوقت التي تحاول فيه كليات التربية مواكبة التطور، ألغت الدولة تكليف خريجي التربية منذ 20 عامًا، مطالبة بعدم التسرع، خاصة أن النظام الجديد عليه الكثير من علامات الاستفهام.
واتفق الدكتور محمد الطيب، أستاذ التربية بجامعة طنطا، مع أبوعميرة، مشيرًا إلى أن المشهد لا يزال ضبابيًا، قائلًا إنه كان لا بد من إجراء حوار مجتمعي قبل إعلان موعد التطبيق.
وأضاف الطيب، أن النظام الذي اقترحه الوزير من الناحية النظرية جيد، إلا فيما يخص التفريق بين المدارس الحكومية والخاصة في تدريس اللغات، متابعًا: "التعريب هيسحب المميزات من المدارس التجريبية، وهيقصر التعليم الجيد على المدارس الخاصة ما يعد انسحاب تدريجي من مجانية التعليم لمن يريدون تعليمًا جيدًا".
وبالنسبة لتأكيدات وزير التربية والتعليم أن النظام الجديد للتعليم ينافس المدارس الخاصة، ويضعها أمام تحدي الاحتفاظ بالطلاب، قال الطيب، إن تصريحات الوزير طموحة هدفها تقديم تعليم جيد، ولكن عند التطبيق قد لا تسير الأمور على ما يرام، منوهًا إلى أن "الواقع قد يتجه لصالح المدارس الخاصة، وكان المفروض الوزير يطبق النظام بالتدريج، ومش يجرب في كل الطلاب، والولاد مش حقل تجارب، وماينفعش نجرب في أجيال".
وعلى النقيض، رأى الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي، أن النظام الذي قدمه وزير التربية والتعليم، يعد ثورة في المنظومة، وفكر جديد من أجل صناعة إنسان يفكر ويتعلم ويبدع، يجعل رياض الأطفال جزءً من السلم التعليمي، ويحول التعليم إلى متعة، وينقل التعليم من التحصيل إلى التفكير، ومن ثقافة الإيداع إلى ثقافة الإبداع، ومن تربية المقهورين إلى تربية الأحرار.
وقال "شحاتة"، لمصراوي، إن النظام سيخلق ثقافة توحيد التعليم قبل الجامعي، ويربط الطالب بهويته من خلال تدريس باللغة العربية في السنوات الأولى، مشيرًا إلى أن هناك بعض التحديات التي لا بد أن تعيها الوزارة أهمها كثافة الفصول، وتدريب المعلمين، ودمج التكنولوجيا بالمدارس، بالإضافة إلى استبعاد أصحاب المصالح والمدافعين عن النظام القديم.
وذكرت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بالبرلمان، أن المجتمع لا بد أن ينظر للمخرج النهائي من النظام التعليمي الجديد، وليس لنقاط فرعية تتعلق بتعريب المناهج في المرحلة الابتدائية، قائلة: "دلوقتي فيه تدهور شديد في اللغة العربية بين الطلاب، وده بيأثر على الهوية ولازم الطلبة يدرسوا باللغة دي لعدد من السنوات علشان يتمكنوا منها".
وأضافت "نصر"، لمصراوي، أنه وفقًا للنظام التعليمي الجديد، سيخرج الطالب متقن للغتين بجانب اللغة العربية، قائلة: "تأجيل التدريس باللغات مايستاهلش الضجة دي، النظام وضعه مختصين وخبراء"، لافتة إلى أن هناك معوقات تواجه النظام التعليمي الجديد، مثل انخفاض رواتب المعلمين، ونمو ائتلافات أولياء الأمور التي اتخذت الهجوم منهجًا على الرغم من عدم التخصص.
ورأت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أن التجربة الجديدة الأمل فيها كبير، قائلة: "عايزين الثقة من الناس، والوزير يقدر ينفذ بدون معارضات ونكون داعمين ليه، وياريت اللي مش متخصصين يسمعوا ويفهموا ويأيدوا لو اقتنعوا".
فيديو قد يعجبك: