تفاصيل نزاع الأوقاف والأزهر بشأن "تنظيم الفتوى" في مجلس النواب
كتبت- هند الشامي:
شهد اجتماع لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، اليوم الاثنين، استمرار الجدل والاختلاف بين ممثلي الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، بشأن دور واختصاص الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف بالنسبة للفتوى.
وطلبت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في تعديلاتها على مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة المعروض أمام اللجنة، أن يتم حذف "الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف"، باعتبارها جهة تنفيذية وليست علمية.
وقدمت وزارة الأوقاف خطابًا مكتوبًا للجنة الشؤون الدينية بالبرلمان، يثبت بشكل رسمي وجود الإدارة العامة للفتوى في الوزارة، ورد الدكتور محيي الدين عفيفي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، قائلًا: "فيما يتعلق بما قدم من وزير الأوقاف لا نستطيع أن ننكر وجود هذه الإدارة في الوزارة منذ اعتماد الهيكل التنظيمي في 1988، فلا ننكر وجود هذه الإدارة التنفيذية، وعندما يكون هناك أمور في المسائل الشرعية لا يستطيع أحد أن يقول لها لا تتحدثي، لكن نحن الآن أمام أمور عامة".
وتابع: "نحن نتحدث عن قانون، ولم يرد في قانون وزارة الأوقاف ما يتعلق بالفتاوى، وإذا كان يوجد نستمع ونشوف، فلو كانت موجودة لا يستطيع أحد أن يقول لإدارة الفتوى بوزارة الأوقاف إنتي بتفتي في إيه، إذًا هناك أدوار أصيلة للمؤسسات، فمثلًا نتعاون مع وزارة الأوقاف في المساجد بوجود الوعاظ، ولكن هو اختصاص أصيل للوزارة".
وأضاف "عفيفي"، أن هيئة كبار العلماء ذكرت في مذكرة التعديلات المقترحة منها، أن يتم حذف الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف باعتبارها جهة تنفيذية وليست جهة علمية لإصدار الفتوى، ولم يرد بقانون تنظيم وزارة الأوقاف المشار إليه أي اختصاص للإدارة بالفتوى، مستطردًا: "لا يمكن إنكار اختصاص أئمة المساجد بالفتوى، لكن هل الفتوى العامة؟، هذه اللجنة لا تملك حق التعامل مع الفتاوى والقضايا العامة، والفتوى صناعة من الصناعات الثقيلة، وما أوقعنا في المصائب التي نحن فيها إلا افتقاد مقومات هذه الصناعة، والكل يعلم قيمة التخصص واحترام التخصص".
وعقب جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف: "أزعم أن وزارة الأوقاف أقدم من مجمع البحوث الإسلامية، وأئمة المساجد من الأزهر الشريف، وهم صوت الأزهر الحقيقي في الشارع، نحن في الميدان وليس من يجلسون في المكاتب المكيفة، ويؤسفني أننا في هذه الجلسة نصحح نسب إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف، فمنذ أن أنشأت وزارة الأوقاف لو رجعنا للتاريخ سنجد إدارة الفتوى موجودة، ولا يمكن أن ينكر أحد دور إدارة الفتوى بالوزارة في الفتوى إلا من في عينيه رمد أو لديه قذى، ونحن نزيل هذا القذى الآن، فالفتوى العامة حق أصيل لإمام المسجد ولا نفرط فيه، ولو نحن فرطنا أعتقد أننا سنصطدم بـ60 ألف إمام سيرفضوا ذلك".
ورد الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة: "لا نتعامل بالتهديد، ليس القصد أن نفرق بين الأزهر ووزارة الأوقاف، الخلاف شكلي وليس موضوعي على الإطلاق، لأن هذا واقع، ولا أرى مجال للتنازع على الإطلاق، ومعروف وزارة الأوقاف عملها دعوي".
وتدخل الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، قائلًا: "نسحب كلمة الشيخ جابر، ونحن نقدر معًا المصلحة الوطنية فين، ومصلحة الدين والبلد نحن معها".
وقال وزير الأوقاف: "تاريخيًا الناس كلها طول عمرها بتتعلم على يد شيخ المسجد، إذًا القصة ليست نوعية وإقصائية، الإمام عايش وسط الناس متمرس في الواقع ومخضرم، الإمام يعرف مشاكل الناس وما يطابق الواقع وما لا يطابقه، ويعلم الفقه، والإمام في المسجد الأكثر تعاملًا مع الناس من غيره، ولن نبخس الأئمة حقهم".
وتابع: "منعت تعيين الأئمة من خارج أبناء الأزهر، وكلنا من أبناء الأزهر، ومنع الأئمة من الفتوى يضعف دور الأزهر في الخارج، هم المسيطرون على 90% من مراكز العلم الإسلامية في الخارج، ولما يتمنع من الفتوى في بلده هيعمل في الخارج إزاي، لا نريد أزهري بشرطة ولا أزهري من غير شرطة، كلنا نعمل تحت مظلة الأزهر وللمصلحة الوطنية ومصلحة الإسلام".
وأضاف الوزير: "الإقصاء يولد الإقصاء المضاد، ولما ناقشنا هذا القانون قلت إنه من أفضل القوانين وبالصورة التي وافقت عليه اللجنة في الأول منذ عدة شهور، قانون متوازن ومثالي ومتفرد، فلم يضيق ولم يوسع، لكن لو جاي بموقف مسبق ورفض قاطع ومصَّر على الإقصاء، فكيف يحدث توافق".
واستطرد الوزير: "عندي أئمة متخصصون، حاصلون على دكتوراه في الفقه، وأنا مطمئن لهم وأصرح لهم تحت مسؤوليتي، ولن يعطي تصريح إلا لما تكون متطمن 100%، نحن نؤمن بمرجعية الأزهر وأنا عضو في مجمع البحوث الإسلامية، وأقترح أن تكون المادة كما هي، ويضاف عبارة أنه عند التعارض في الفتوى يرجح رأي هيئة كبار العلماء، وكلهم أساتذتنا، ونحن نحرص على النقاء بيننا ولا نريد أن يغضب بعضنا من بعض على الإطلاق".
وعقب الدكتور أسامة العبد: "توافقنا على المادة كما هي في مشروع القانون الذي انتهت إليه اللجنة، مع إضافة أنه عند التعارض يرجح رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف"، ليرد الدكتور محيي الدين عفيفي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، معربًا عن تحفظه الكامل على ما انتهت إليه اللجنة، رافضًا الإبقاء في المادة على "الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف"، قائلًا: "من حقي الاحتفاظ برأيي".
ورد "العبد": "الدكتور محيي كان موجودًا، وتوافق معنا من قبل على هذه المادة، والآن يتعارض مع نفسه"، ليعقب عفيفي: "ده رأي هيئة كبار العلماء أساتذتنا ولا أستطيع أن أعارضه، ومع احترامي وتقديري لكل الأعضاء المحترمين، رأي المجموع لا ينسف الرأي".
وقال له رئيس اللجنة: "إنت أيدت هذا القانون سابقًا ووقتها كنت تمثل الأزهر بهيئاته كلها"، ليرد "عفيفي": "كون إني محتاج معلومات وهيئة كبار العلماء كملت هذه المعلومات، حتى لو كنت قولت رأي مسبق فرأي هيئة كبار العلماء ملزم لكل الأعضاء"، ليتساءل رئيس اللجنة: "ملزم لمين.. ليس ملزم لنا؟"، ويعقب "عفيفي": "ملزم لأعضاء الهيئة وليس لأعضاء اللجنة، فلم أقل ذلك وأعي ما أقول"، ورد "العبد": "ونحن نعي أكثر منك".
فيما قال زير الأوقاف: "اللجنة الدينية بالبرلمان تضم قامات ورئيسها الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وأستاذ فقه، والدكتور عمر حمروش مقدم مشروع القانون وعضو اللجنة أستاذ بجامعة الأزهر، والنائب محمد إسماعيل أستاذ بجامعة الأزهر، وبالتالي اللجنة تقدر تأخذ القرار بنفسها، وإحنا عرضنا وجهة نظرنا ونثق في اللجنة ونضع الأمر أمانة بين يديها، فعندما تكون هناك مصادرة مسبقة وإقصاء متعمد لا يمكن يكون هناك توافق".
وقال الدكتور أسامة العبد: "اللجنة متفقة على المادة القديمة مع بعض إضافات ترضي هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، ومش عايزين الشيخ محيي الدين عفيفى يغضب بهذا الشكل"، ورد "عفيفي": "أتحدث في رأي، ولم أجرح ولم أتناول الأشخاص".
من جانبه، قال الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية، ومقدم مشروع القانون، موجهًا حديثه لرئيس اللجنة: "نحن في اللجنة دائمًا حريصون على التوافق واللجنة تجمع ولا تفرق، وإذا ارتأيت ممكن أسحب المشروع حفاظًا على هذا التوجه والوحدة"، فعقب "العبد": "مشروعك سيؤدي إلى الوحدة أكثر، واللجنة توفق ولا تفرق، وما يخرج من هذه اللجنة للمصلحة العامة للوطن".
فيديو قد يعجبك: