"مصراوي" في منزل أولى الثانوية الأزهرية "كفيف": "مكالمة الطيب أكبر هدية"- صور
كتبت- مروة شوقي:
في منزل بسيط بقرية صفط تراب، التابعة للمحلة الكبرى، علت الزغاريد، وامتزج الفرح مع الدموع، حينما زفَّ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عبر الهاتف من إنجلترا، لابنة القرية رحمة سعد فرج الله، خبر حصولها على المركز الأول على الجمهورية في الثانوية الأزهرية "كفيف"، امتلأ المنزل عن آخره بالمهنئين، معربين عن فخرهم بابنتهم التي رفعت رأس قريتها عنان السماء.
"رحمة" قالت إن بضع دقائق هاتفية من "الطيب"، كانت أكبر هدية لها، وتكليل لمجهود من التعب طوال عام دراسي كامل، توقعت ابنة القرية الصغيرة تحقيق حلمها في التفوق "كان أملي في ربنا كبير، فعاهدت نفسي أن أكمل طريق المثابرة، كوني حاصلة على المركز الأول على الجمهورية في المرحلة الإعدادية، وهو ما شكَّل حافزًا لي لتكرار الأمر هذا العام، فذاكرت وتعبت وحصلت على النتيجة التي كنت أحلم بها".
اعتمدت "رحمة"، وفق ما ذكرته لمصراوي، على جدول لتنظيم الوقت بين المذاكرة والراحة في أيام الامتحانات، كانت تقضي 10 ساعات يوميًا في مذاكرة 19 مادة، وحصلت على دروس خصوصية تعينها على فهم بعض المواد.
وعن دور معلميها في تحفيزها، قالت: "المدرسون كانوا يحفزونني، لذا حينما سمعت الخبر من شيخ الأزهر، كانوا من أوائل الناس الذين هاتفتهم لأبشرهم بالنتيجة، وكانت فرحة كبيرة بالنسبة لهم".
دخول ابنة محافظة الغربية القسم الأدبي لم يكن من فراغ، بل من أجل التحدي، وتغيير النظرة تجاه القسم، "تحديت الجميع والتحقت بالقسم الأدبي، لأغير نظرتهم تجاهه، حيث تفضيل القسم العملي على الأدبي، كون كلياته متاحة وتعتبر من القمة، فأردت تغيير النظرة وإثبات أن هناك طلابًا في الأدبي قادرون على التميز".
تفكر "رحمة" في الالتحاق بكلية لغات وترجمة بعدما التقطت أنفاسها عقب ظهور النتيجة، وتأمل في أن تصبح أستاذة جامعية، "أملي في ربنا كبير ولم يخيبه، الحمد لله".
وسط زحام الفرحة، كانت والدة رحمة، السيدة سحر زغلول، تبكي: "بعيط من الصبح، وثقتي في الله كبيرة، فرحنا كلنا"، كان هذا العام شاقًا على "سحر"، التي شعرت بالترقب والقلق طوال سنوات دراسة ابنتها في القسم الأدبي، لكنها دفعتها المعنوية لابنتها كان لها مفعول السحر على رحمة، "أنا من صممت على التحاقها بالقسم الأدبي، وكنت أقول لها: اللي بيصمم على حاجة بيثبت نفسه سواء أدبي أو علمي، والحمد لله استطاعت تحقيق حلمنا فيها".
تتبع السيدة سحر مع ابنتها رحمة، نهج الأم الصديقة، والتي تلازمها طوال العام، وتوفر سبل الراحة لها حتى تحقق ما تصبو إليه من نجاح، "رحمة مصدر فخر لي، أصغر أولادي وقريبة مني".
لم يخف الوالد سعد فرج الله، فرحته كذاك بابنته رحمة، "فرحتي برحمة، تلاشى معها كل تعب العام، هي مجتهدة طوال سنوات دراستها، تعبت وربنا عوضها خير"، وفق والدها، كان القلق والتوتر يراود ابنة الغربية طوال العام، ما يجعلها تراجع المنهج من آن لآخر، "علاقتها بربنا كويسة، فهي تؤدي فروضها، وتتحلى بالاحترام، وربنا كرمها".
رغم نظر "رحمة" المحدود، إلا أنها صنفت في فئة المكفوفين ضمن أوائل الثانوية الأزهرية، يوضح والدها ذلك بالقول: "عانت رحمة من عينيها منذ صغرها، وتطور الأمر لوصول رشح للماء في قاع العين، فحاولت أن أحافظ على بقية نظرها الباقي، وصنفت في فئة المكفوفين، واستمرت هكذا طوال سنوات الدراسة".
وكشف الأب، عن السر في ثبات نظر ابنته دون أن يصيبها العمى، حيث التطور الطبيعي لحالتها، قائلاً:" منذ 3 سنوات، قررنا التوقف عن دفع المبالغ الكبيرة عند الأطباء، وسلكنا طريق الصدقة، ليبارك الله في نظر ابنتنا، وها نحن نحصد ثمار ذلك بنجاحها وتفوقها".
أحمد البناوي، مدرس لغة فرنسية، كان أول المهنئين لابنة قرية صفط تراب بعد شيخ الأزهر، "كنت شايف إنها هتبقى حاجة، ومن أول حصة قولتلها لازم تبقي حاجة ووفت بوعدها معايا"، لم يكن "البناوي" هو الوحيد بين المهنئين، بل كان أيضًا الأستاذ أسامة رز، أحد مدرسي رحمة، يحتفل بحصولها على المركز الأول للثانوية الأزهرية، "اللي بيتعب ربنا بيديله، ولكل اجتهاد ثمرة مبهجة".
فيديو قد يعجبك: