مطالب بتعديل قانون "الإيجار القديم".. وباحثون: لا بد من حوار موسع
كتب- محمد قاسم:
نظمت وحدة أبحاث القانون والمجتمع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، اليوم الثلاثاء، ندوة بعنوان "تعديل قانون الإيجارات القديم: إصلاح لمنظومة متقادمة؟"، وذلك بالقاعة الشرقية بحرم الجامعة الأمريكية في ميدان التحرير.
وشهدت الندوة حضورًا من قبل ملاك العقارات المتضررين من سريان قانون الإيجار القديم، والذين بدت تعليقاتهم منحازة لتدخل الدولة لوضع حل لمشكلتهم المتمثلة في تأميم أملاكهم لصالح المستأجرين مقابل مبالغ مالية زهيدة.
فيما طالب باحثون في مجال العمران والاقتصاد، الدولة بضرورة بحل مشكلة الإيجار القديم بالتراضي بين الطرفين، وعمل حوار مجتمعي موسع لوضع حلول لها.
وفي بداية الندوة، أوضح مصطفى شعث، الباحث بوحدة أبحاث القانون والمجتمع، ومدير الندوة، أن الوحدة تستهدف من خلال طرح ذلك الموضوع للنقاش، استعراض أوضاع "الإيجار القديم"، ومناقشة آثاره الاجتماعية والاقتصادية التي بات ينظر إليها من قبل الكثيرين باعتبارها "منظومة متقادمة" آن لها أن تواكب سياسات التسليع السكني والتوسع العمراني المنتشرة في آخر عقدين، مطالبًا بضرورة النظر في مدى قُدرة المشرع البرلماني الحالي على الموازنة بين حقوق المؤجرين والحفاظ على مصالح ملايين المستأجرين.
وقالت أمنية خليل، الباحثة في شؤون العمران بمركز "عشرة طوبة للدراسات والتطبيقات العمرانية"، إن أحدث إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والعامة والإحصاء أظهرت وجود 3 ملايين وحدة سكنية مؤجرة إيجار قديم بمصر، تمتلك محافظات القاهرة الكبرى منها نصيب الأسد بواقع 2 مليون وحدة.
وأضافت، أنه توجد مشكلة في الإحصاء على النحو الذي لا يمكن معه اعتبار هذه الإحصائيات على درجة عالية من الدقة، لافتة إلى أنه بمقارنة هذه الإحصائيات بنظيرتها الصادرة عن ذات الجهاز عام 2006، والتي أظهرت وجود 4 ملايين وحدة سكنية مؤجرة، سينتج عن الأمر فارق في عدد الوحدات المؤجرة بواقع مليون وحدة غير معلوم مصيرهم أو مصير ساكنيهم.
وتابعت "خليل"، أن منظومة الإيجار القديم المتقادمة في مصر أسفرت عن العديد من المظالم العمرانية يتضرر منها كلًا من المؤجرين والمستأجرين على حد سواء، على النحو الذي تسير معه الأمور في وضع غير مجدي لأي طرف من الأطراف تترتب عليها تبعيات خطيرة، أبرزها تناقص عدد السكان على مدار السنوات الأخيرة في مناطق شعبية تشتهر بزيادة عدد سكانها كمنطقة بولاق أبو العلا على سبيل المثال، موضحة أن السبب الرئيسي في هذه الظاهرة ما اتخذته الحكومة من قرارات في أعقاب أزمة زلزال 1992 بوقف تصاريح الترميم للمباني القديمة، وعليه تهدمت العديد من المباني بهذه المناطق.
ونوهت "خليل"، إلى أن المؤجرين أو ملاك العقارات أيضًا يواجهون مظالم عمرانية لا تقل خطورتها عن تلك التي يواجهها المستأجرين، وفي مقدمتها إشكالية امتلاك عقار بقيمة سوقية مرتفعة دون أن يدر ذلك أي دخل عليه.
وطرحًا للإشكاليات الاقتصادية المرتبطة بمظالم منظومة الإيجار القديم، أوضح الصحفي والباحث الاقتصادي محمد جاد، أن فكرة الإيجار القديم نتجت في الأساس عن طريق تدخل الدولة وتحكمها في الأسعار في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واعتمدت الحكومة وقتها على توظيف المواطنين في وظائف ذات قدرة إنتاجية منخفضة انعكس أثرها على ما كانوا يتقاضونه من رواتب منخفضة، وأدى ذلك إلى حد كبير إلى التوسع في ظاهرة الإيجار القديم بمفهومة الحالي.
واستطرد: "ورغم ذلك فإنه لا يمكن أن تنسب فكرة تدخل الدولة للتحكم في الأسعار إلى الفكر السياسي الشيوعي مثلًا، بل العكس سنجد دول رأسمالية كأمريكا على سبيل المثال مارست ذات السياسات"، مشيرًا إلى أن حل الإشكاليات المترتبة على منظومة الإيجار القديم، تطلب تحقيق قدر من التراضي واللجوء إلى الحلول الوسط بين الملاك والمستأجرين، بحيث يتم تعويض الملاك دون أن تدهس الدولة المستأجرين، مشددًا على أن تحكيم المنطق في حل هذه الإشكاليات لن ينتصر سواء للمالك ولا المستأجر.
بدوره، حملَّ محمد عبدالعظيم، المحامي الحقوقي المعني بقضايا الإيجارات والحق في السكن، الدولة بسياساتها المتعاقبة، مسؤولية تفاقم أزمة الإيجار القديم بمصر، من خلال تخاذلها واعتمادها على إرادة التسويف في حلها، قائلًا إنها بذلك تحاملت على المؤجرين بتجميد ثرواتهم العقارية، وسببت أضرارًا أخرى للمستأجرين أبقتهم في مساكن غير مطابقة لأبسط المواصفات الصحية أو الاجتماعية.
وشدد "عبدالعظيم" على أن الحق في السكن الملائم حق مشروع وفقًا للدساتير المصرية مثل الصحة والتعليم، مشيرًا إلى أن معظم المساكن التي تتصارع عليها الأطراف ليست ملائمة بالمرة.
وعرض "عبدالعظيم" خلال كلمته، مشروع قانون لتعديل قانون الإيجار القديم، لافتًا إلى أنه مطروح للنقاش داخل لجنة الإسكان بمجلس النواب، وتفرق مواده بين الوحدات المستأجرة لأغراض سكنية والأخرى المستأجرة لأغراض غير سكنية، ويترتب على سريانه فسخ عقود الإيجار القديمة عقب صدوره بمدد تتراوح ما بين 10 و15 عامًا.
وانتقد "عبدالعظيم"، المشروع، معتبرًا أنه لا يساهم في حل المشكلة بل يؤدي إلى تفافمها، داعيًا إلى ضرورة تضمين القوانين حلول جدية وجذرية لتلك المشكلة.
فيديو قد يعجبك: