أصيب في شمال سيناء وشكرته وزيرة الصحة.. قصة مسعف استهدفه الإرهابيون
كتب -أحمد جمعة وإشراق أحمد:
قبل أسبوع، أطلق إرهابيون النار على سيارتي إسعاف بمحافظة شمال سيناء، بينما كانتا في طريقهما لنقل مصابين إلى المستشفيات. لم يكن الأمر جديدًا على أطقم الإسعاف المتواجدة في سيناء، لكنه مثَّل فاجعة لهم، إذ اخترقت الطلقات السيارة رقم "2283" وأصابت المسعف أحمد جمال، والسائق رمضان يونس، بشكل بالغ.
تناقل المسعفون في سيناء ما حدث لأحمد جمال ومن معه. أيام مرّت يطالبون فيها بتدخل عاجل لإنقاذه من الموت: "حالته صعبة من أسبوع". يتذكرون كيف كانت حالته بينما أصابت إحدى الطلقات رأسه والأخرى كتفه: "جه بلاغ بوجود إصابات، وخرجت عربية إسعاف فيها أحمد مع عربية تانية.. وصلت العربية ونقلت مُصاب، وكان موجود شهيد آخر أخدته سيارة أحمد جمال.. الإرهابيين ضربوا نار على العربية الأولى ولكنها نجت الحمد لله، ولكنهم فتحوا النيران بشكل مكثف على العربية الثاني وأصابوا أحمد والسائق ودمروها"، حسبما يقول أحد زملاءه في العمل بسيناء لمصراوي.
يحكي زميل أحمد واقعة استهداف السيارتين: الأولى كادت تتعرض لخطر أكبر "الإرهابيين ضربوا نار على إسطوانة الإكسجين، ولو مليانة كانت العربية اتفجرت". دقائق معدودات وكانت السيارة الثانية تُسرع لنقل الشهيد إلى المستشفى، قبل أن يفتح الإرهابيون النار بلا هوادة عليها: "عربية أحمد خدت دفعة طلقات كتير جدا، لأن العربية ادمرت من وراء وقدام".
فرَّت العناصر الإرهابية بينما تلاحقها قوات الأمن لضبطها، قبل أن يهرول زملاء أحمد جمال والسائق رمضان لإنقاذهما: "أحمد واخد طلقتين وشظية في عينه وشظايا في وشه، والسواق خد طلقتين في كتفه وشوية شظايا في وشه برضه وحالتهم كانت صعبّة". نُقل أحمد ورمضان إلى مستشفى العريش على عجل.
وصل أحمد وزميله إلى مستشفى العريش وكان لا يزال في وعيّه: "دخل المستشفى بيتكلم وشايف بعينه اللي جت فيها الشظية، وقعد هناك ساعتين، وبعدين تم تحويله لمعهد ناصر بالقاهرة، وعندما وصل عند كوبري السلام دخل في غيبوبة". في هذا الوقت تغيّرت وجهتهم سريعاً إلى المستشفى الجامعي ثم مستشفى جامعة قناة السويس التخصصي، لإسعافه: "بعد محاولات وفرنا سرير رعاية، وفي اليوم التالي أجرى عملية جراحية، ثم أخرى لشق حنجري، ولا تزال حالته غير مستقرة".
ظل أحمد في دائرة الصمت حتى أمس، حينما وجهت وزيرة الصحة هالة زايد الشكر لمسعف شمال سيناء المصاب، وطالبت الحضور في مؤتمر الشباب الدعاء له واصفة إياه بأنه "بطل". هذا الوصف لم يكن جديدًا عليه، إذ كرمه رئيس هيئة الإسعاف أحمد الأنصاري من قبل على الجهود التي يقوم بها عام 2016.
انتقل حديث الوزيرة إلى شقيقه حسين، لكن مشاعر الحزن ظلت تسكنه "إحنا مش عايزين شكر إحنا عايزين تحرك عشان ننقذ أحمد".
قبل 4 سنوات، التحق أحمد بدفعة المسعفين الموجه نقلهم إلى شمال سيناء، غادر الشاب الإسماعيلة وانتقل إلى وحدة الإسعاف في العريش. لم يرفض صاحب السادسة والعشرين عامًا القرار، ما كانت الأحداث وصلت ذروتها بعد حسبما يقول حسين، وحينما تأزمت الأمور ظل المسعف على موقفه من الخدمة "كان بيقول لنا المكتوب هشوفه وربنا هو الحافظ".
في غضون الحادية عشر صباحًا، يوم الواقعة، علم حسين بإصابة شقيقه، اتصل به أحد زملاء أحمد. انتقل حسين من التل الكبير -أحد مراكز محافظة الإسماعيلة- إلى المستشفى "شوفت أخويا في الاستقبال كان المنظر صعب قلت خلاص ربنا يتولاه". يقول شقيق المسعف إنه بدا كأنما لم يُتخذ أي إجراء طبي تجاهه "حتى إيده كان الجرح فيها مفتوح"، لم يمض أحمد كثيرًا في المكان وانتقل إلى مستشفى الاسماعيلة التخصصي، وهو ما يتواجد فيه الآن.
أسبوع مر منذ إصابة أحمد، يمكث المسعف في غرفة العناية المركزة فاقدًا الوعي، لا يعلم شقيقه مسار حالته تحديدًا، كل ما يخبره به الأطباء أن رصاصة ما زالت تستقر في رأسه ويصعب استخراجها بالوقت الحالي، وما بيدهم هو انتظار استقرار الوضع، وأنه يتعذر نقله من مكانه.
يرى حسين أن التحرك تجاه إصابة أخيه لم يحدث سوى أمس، إذ حضر وفد من هيئة الإسعاف مرة أخرى للإطمئنان، واليوم زاره نقيب المسعفين، الذي أخبر الأسرة أنهم أرسلوا لجهات عدة للاهتمام بالمسعف وتوفير ما يلزم حسب قول شقيق أحمد.
قرابة 400 مسعف في شمال سيناء -بحسب آخر تصريح لمدير المرفق- يواصلون عملهم، يقول زميل المسعف المصاب "زمايل أحمد مكسورين الخاطر ورغم كده الشغل ماشي زي الساعة مفيش حالة اتأخرت عليها الإسعاف".
فيديو قد يعجبك: