لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الدكتور أحمد عكاشة يتحدث لـ"مصراوي" عن صلاح والشائعات ومشاكل المصريين

08:28 م الإثنين 30 يوليه 2018

عكاشة: الإعلام هو السبب الرئيس في خفض الروح المعنوية للمصريين

ابتسامة محمد صلاح سبب حب العالم له.. والشعب المصري مثل "قرص الفوار"

حوار- مادي غيث:

تصوير - نادر نبيل:

رفض الدكتور أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي وعضو المجلس الاستشاري لرئيس الجمهورية، بشدة المقولة التي تقول إن "المصريين شعب مكتئب"، وقال إنها غير صحيحة على الإطلاق، ولا بد أن يتوقف الإعلام عن تداولها، مؤكدا أن نسبة الإصابة بمرض الاكتئاب في مصر هى نفس المعدلات العالمية رغم الظروف التي تمر بها البلاد.

وفي حواره مع مصراوي، تحدث عكاشة عن اللاعب المصري المحترف في ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، وسر حب المصريين له.

وحمل أستاذ الطب النفسي الإعلام المسئولية عن خفض الروح المعنوية عند المصريين، وقال إنه يضخم الأمور ما يصيب المواطنين بالإحباط، ووصف المصريين بأنهم مثل "قرص الفوار"... وإلى نص الحوار:

- البعض يرى أن العالم بات أسوأ من ذي قبل، فهل تتفق معهم؟

كثيرون يرون أن العالم أبشع من ذي قبل، ولكن الحقيقة أن العالم أفضل الآن.. لقد قرأت كتابا مؤخرا اسمه "الحقائق" قال بيل جيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت إنه لم يقرأ شيئا يبعث على التفاؤل والسعادة مثله.

يشير الكتاب إلى أن العالم في طريقه إلى السلام ومستقبل أسعد لأطفالنا وأحفادنا، وبرهن الكتاب على ذلك بالعديد من الأمثلة منها أن نسبة الفتيات اللواتي يُنهين الشهادة الابتدائية في الدول الفقيرة وصلت لـ60%. و80% من أطفال العالم يتم تطعيمهم، وذلك لم يكن يحدث قديما.

أيضا الآن لا توجد حروب تخلف 50 مليون قتيل مثلما حدث قديمًا (يقصد الحرب العالمية الثانية)، كما أن نسبة الكوارث التي تحدث في العصر الحالي أقل بكثير مقارنة بالكوارث التي كانت تحدث قبل مائة عام.

وبالنسبة لمصر، نلاحظ تطورا كبيرا يحدث في البلاد خلال الأربع سنوات الماضية، فإذا نظرنا مثلا على قطاع الكهرباء نجد أنه تطور كثيرا.. نعم زاد سعرها، ولكن هذا سببه ما يحدث من تطور حتى يقل ثمنها مستقبلا. هناك جيل عليه أن يتحمل من أجل جيل آخر. هناك أجيال أجلت هذه المأساة حتى بدأنا نستفيق بعد ثورة 25 يناير.

- هل يعاني المصريون من الاكتئاب؟

مقولة "الشعب المصري أصبح مكتئبا" غير صحيحة على الإطلاق ولا بد أن يتوقف الإعلام عن تداولها لأن الاكتئاب مرض سوداوي خطير يزيل البهجة من حياة الإنسان وهو مرض يصيب من 3 إلى 5 % من كل شعوب العالم.

وفي مصر نفس النسبة، ولم تزد على الرغم من الظروف التي تمر بها البلاد، والدليل على أن الشعب المصري لا يعاني من اكتئاب الحماس غير الطبيعي الذي يتمتع المصريون به عند إذاعة مباراة لنجمنا العالمي محمد صلاح. هذا لا يُمكن أن يكون موجودا في شعب مكتئب، لأن الاكتئاب يسحب البهجة من الإنسان، فلا تجد شخصًا يعاني من اكتئاب يشاهد مباراة كرة قدم أو فيلما في السينما.

العالم يحب كرة القدم لأنها بها الحوكمة الرشيدة: الشفافية والمساءلة وتبادل السلطات

الموجود الآن ليس اكتئابا وإنما انخفاض في الروح المعنوية سببه التهويل الذي يحدث في كثير من الأمور، مثل رفع وسائل الإعلام لسقف أحلام المصريين في المونديال رغم أننا صعدنا لكأس العالم بمنتهى الصعوبة بعد 28 عاما من الغياب عن هذه البطولة، لذا عند الخسارة والخروج من الدور الأول انخفضت الروح المعنوية.

للأسف الشعب المصري مثل "القرص الفوار".. يتحمس بشدة مع الأخبار وسرعان ما ينطفئ هذا الحماس، لذا لا بد من الشعب أن يتحمل ويُثابر، وعلينا بناء المصداقية والإتقان والانضباط داخل العمل. نحن لدينا مؤسسات لا تعمل إلا بروح الفريق وتجاوز الذات مثل المؤسسة العسكرية، التي يموت أبناؤها في سيناء دفاعًا عن الوطن.

- هل يهدد الاكتئاب مستقبل الإنسان؟

في عام 2030 سيصبح الاكتئاب أكثر مرض يصيب الإنسان رجالا ونساء، ويجعلهم لا يستطيعون التمتع بمباهج الحياة أو العمل.

والآن المرض رقم واحد عند السيدات الذي يصيبهم بالعجز هو الاكتئاب ورقم واحد عند الرجال الآن القلب، وهناك 180 مليون مكتئب في العالم.

- كيف ترى انتشار الشائعات في الفترة الماضية والتي وصل عددها للآلاف؟

الشائعات حرب نفسية، والجيل الرابع من الحروب سيكون بالحرب النفسية و"الطابور الخامس" وليس الأسلحة.. إذا كنت تريد قلب نظام الحكم أطلق شائعة سياسية.. وإذا كان هناك كبت جنسي أطلق شائعات جنسية.

الصحف المصرية صنعت "بعبع" الثانوية العامة.. ونشر الجرائم على المواقع يزيد من انتشارها

وأرى أن السبب في زيادة الشائعات هو الثورة التكنولوجية والفيسبوك والإنترنت؛ الحروب الآن تقوم بالإنترنت.. ثورة 25 يناير قامت بالإنترنت.. أوباما وترامب وصلا لرئاسة أمريكا بالإنترنت وليس الإعلام والصحافة.

أهم شيء للقضاء على الشائعات هو شفافية الرد للقضاء عليها وعدم تركها تنتشر. هناك معادلة نفسية حسابية وهي أن الشائعة تساوي غموضًا مضروبا في اهتمام وشخصية من يطلقونها، فإذا أُزيل الغموض أصبح هناك شفافية تقضي على الشائعات.

- كيف يُمكن أن نتفادى في اختياراتنا للمسئولين الأشخاص الفاسدين؟

الفساد موجود في كل بلاد العالم، ولكن اكتشاف الفساد هو ما نريده، بجانب العدالة الناجزة.. فبطء العدل ظلم.

جهاز الرقابة الإدارية الآن أصبح يُوقع بالفاسدين، وهذه تعتبر بداية لمقاومة الفساد. ومن الواضح أن المسؤولين على دراية تامة بما يحدث.

ومشكلة الفساد في مصر تزيد بسبب ثقوب الضمير.. بمعنى اتساع ضمير الكثير من المصريين وقبولهم لأشياء كانوا لا يقبلونها من قبل مثل الرشوة التي أصبح يُطلق عليها "الإكرامية" ورمي القمامة في الشارع.. كل هذه الأشياء ما هي إلا ثقوب في الضمير.

ولمواجهة الفساد علينا الاهتمام بالتربية إلى جانب التعليم في مدارسنا، إذ لا بد من تعليم الأطفال في المدارس، العدل، وحب الوطن، والعطف، وعدم الكذب، وغيرها من القيم الكبيرة، مثلما هو الحال في اليابان التي يتعلم فيها الطفل أول 6 سنوات الأخلاق قبل أي شيء آخر.

- هل المدرسة كافية لتعليم الأبناء القيم وخلق جيل خالٍ من الفساد؟

بالطبع المدارس كافية.. لأن دور الأب والأم أصبح بسيطًا جدا في عصر الإنترنت، والجيل الجديد أصبح يجلس طوال الليل والنهار على الإنترنت وكل معلوماته يستمدها من الإنترنت.

ولا بد من تدريب المدرسين لكي يستطيعوا زرع القيم داخل الأطفال في المدارس، فالمدرسة هي السبيل الوحيد لخلق جيل خال من الفساد وجعل القيم تترسخ بداخلهم.

- هل كل إنسان جهازه العصبي مهيأ لتولي المناصب؟

القيادة تستلزم صفات في الشخصية أكثر منها صفات في الجهاز العصبي.

- من الاجتماع والسياسة إلى الساحرة المستديرة، ترى ما السبب وراء حب العالم أجمع لكرة القدم؟

لأن كرة القدم بها الحوكمة الرشيدة، التي تتكون من ثلاثة أشياء، هي: الشفافية، المساءلة، وتبادل السلطات.

الشفافية تعني أن كل شيء يكون واضحًا أمامك، العدل الناجز والمساءلة الفورية وتعني هنا أن من يرتكب خطأ في الملعب يتم إنذاره أو طرده على الفور. أما تبادل السلطات فهي أن الحكم يستطيع أن يطرد كابتن الفريق.

عندما ينظر الناس إلى ذلك يرغبون في أن تكون هذه الحوكمة الرشيدة المطبقة داخل الملعب مطبقة أيضا في الحياة خارج الملعب.

- ما السبب وراء حب الملايين حول العالم للنجم محمد صلاح؟

أولا، لأن لديه ابتسامة مستمرة، فمن النادر أن تجد لاعب كرة قدم مبتسمًا دائما.. ثانيا، لأنه دوما عند كل نصر يسجد لله شكرا قبل أن يحيي الجمهور.. ثالثا المصداقية. فهو يقوم بشيء يكون فيه إتقان وانضباط وتحمل مسؤولية.

أيضا هو يلعب من أجل الفريق ولا يهمه أن يحرز الأهداف، حيث يتمتع بقيم تجاوز الذات.. فتجده يصنع الأهداف لزملائه.

كل هذه الصفات جعلته قدوة للشباب، الذين أدركوا أن النجاح يأتي بالإصرار والثبات والأخلاق.

- البعض ينتقد تكريم الفنانين الذين يقدمون أدوار البلطجة على الشاشات.. ما رأيك؟

لا أمانع على الإطلاق في تكريم الفنانين، العالم كله يكرم الفنانين والرياضيين أكثر من العلماء، ومعنى أن الممثل نجح في جعلك تكره أداءه في دور الشر، أنه ممثل شاطر أتقن أداء الدور.

وفيما يخص العلماء.. هم لا يهمهم التكريم، فما يهم العالم هو إنتاجه وإبداعه، ذلك أهم عنده من أي شيء.

- ما تفسيرك لظاهرة عنف الآباء والأمهات تجاه أبنائهم؟

الأمر لم يرتق لظاهرة وإنما حوادث فردية. قد يزيد الفيسبوك من انتشار قصص هذه الحوادث، لكن لا بد أن ندرك أن العنف قديما أكثر من الآن.

- هل الإعلام هو السبب وراء زيادة الجرائم غير المعتاد السماع عنها؟

هناك شيء يسمى "المحاكاة النفسية".. يعني أن تأثير الإعلام في وعي الإنسان كبير جدا بما أنه الآن دخل في أشياء أكثر بكثير من الإذاعة والصحف والمجلات والسينما، والآن هناك الفيسبوك والإنترنت فأصبح الإنسان على اتصال بالعالم أجمع، ما جعل التأثير على نفسية الإنسان أكثر.

في أحد الأبحاث وجدوا أن الأطفال قبل سن 10 سنوات في الولايات المتحدة وأوروبا يرون على الأقل 100 ألف مشهد لقتل واغتصاب ودم، وهذا يسبب لهم نوعًا من أنواع التبلد العاطفي في رؤية منظر الدم وفي الإقدام عليه.

بعد ذلك ظهرت أبحاث تشير إلى أنه كلما كتبت الجرائد في الصفحات الأولى عن جريمة زادت وانتشرت في البلد، فعلى سبيل المثال إذا نشرت الصحف في صفحاتها الأولى عن جرائم الاغتصاب زادت الجريمة في البلد، وإذا تحدثنا عن الإدمان في السينما أو التليفزيون زاد المدمنون.

في السويد، أهابوا بكل وسائل الإعلام عدم ذكر الانتحار في وسائلهم لمدة 6 أشهر وهذا جعل نسبة الانتحار قلّت بنسبة 70%.

- هل وسائل الإعلام السبب وراء ظهور شبح الثانوية العامة؟

لا يوجد بلد في العالم تكتب عن الثانوية العامة في الصفحات الأولى للجرائد غير مصر، لذلك خلقنا مرضًا يُسمى الثانوية العامة بسبب الإعلام.

لا يوجد بلد في العالم ينشر في الصفحة الأولى للصحف خبر طالبة تنهار من البكاء عقب خروجها من الاختبارات غير مصر.

الصحف المصرية صنعت ذعرًا للطلبة والأهالي من الثانوية العامة، ولذلك أهيب الإعلام بعدم ذكر أي أخبار عن الثانوية العامة وجعلها مرحلة عادية مثل المراحل التي سبقتها.

- هل تغيرت نظرة المصريين للمرض النفسي؟

منذ عام 1965 بعد قدومي من الخارج كان لدي أمل وهو إزالة وصمة المرض النفسي.. كانت تسمى قديما الأمراض العقلية، وبدأت في نحت اسم الطب النفسي عام 1966 حتى اُستخدم في كل الدول العربية.

كنت أول من ظهر في التليفزيون مع الإعلامية ليلى رستم وكانت فكرة الناس عن الطبيب النفسي هو الطبيب "شديد" الذي ظهر في فيلم "مستشفى المجانين" لإسماعيل يس، في أنه أكثر جنونا من المريض النفسي.

أتذكر منذ عقود عندما كنت أذهب إلى النادي وأقابل أشخاصا أتوا لي للكشف، كانوا لا يصافحونني حتى لا يحرجون أنفسهم، ولكن الآن أقابل مسؤولين وكبار رجال السياسة والشعر والفن يقابلونني بالأحضان أمام كل الناس، ويذكرونني بأنهم كانوا يأتون لي قديما ويشكرونني على مساعدتي لهم.

لا شك أن نظرة الناس للطب النفسي تغيرت، بل وأصبح فخرا أن تعلن بعض النجمات أنهن يعالجن أو تم علاجهن من أمراض نفسية مثل الاكتئاب وغيره. وصمة المرض النفسي إذا تمت مقارنتها بما كان الوضع قبل 50 عاما مضت، لوجدنا أنها أصبحت في متناول لسان الجميع ولا يخجل الآباء الآن من علاج أبنائهم. أصبح هناك وعي مختلف تماما.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان