ياسر عبدالقادر لـ"مصراوي": الذهب لن يكون علاجًا بارعًا للسرطان ومشروع مصطفى السيد يفتقد الجانب الأكلينيكي
حوار- مصطفى عريشة:
تصوير- أحمد النجار:
تطور علاجات الأورام خلال العقد الأخير منح الأمل لكثير من مرضى السرطان في الشفاء، وبرز ذلك في ظهور العلاج الموجه والعلاج المناعي الذي أحدث طفرة في هذا المجال.
مصراوي أجرى حوارًا مع الدكتور ياسر عبد القادر، أستاذ علاج الأورام بكلية طب قصر العيني، للتحدث حول أحدث علاجات الأورام والتقنيات الحديثة في مواجهة المرض ومخاطر سرطان الرئة وما انتهت إليه أبحاث الدكتور مصطفى السيد حول العلاج بالذهب، إلى جانب علاقته بالرئيس الأسبق حسني مبارك والفنان الراحل أحمد زكي، وإلى نص الحوار:
ما أحدث العلاجات في مجال علاج الأورام؟
العلاج المناعي الذي عمل على تحفيز الخلايا المناعية في الجسم لمواجهة الأورام أصبح يعالج من 10: 20% من أنواع السرطانات الموجودة في العالم، وخلال العشر سنوات القادمة قد يصل إلى علاج 50% من حالات الإصابة بالأورام، كما يفيد في علاج نحو 30% من المرضى، والعلاج المناعي طفرة في تطور علاج الأورام وحصل على توثيق من المنظمات الأمريكية والأوروبية، وبدأ في دخول مصر خلال العامين الماضيين وشكل طفرة في نسب الشفاء للمرضى.
أما العلاج الجيني بدأ من عام 2005 وعملنا به حتى عام 2010 ونسب الشفاء به عالية جدًا في حالات السرطان المبكر، والعلاج الأفضل في سرطان الرئة والجهاز البولي والمثانة والغدد الليمفاوية هو العلاج المناعي، لكن الفكرة في اختيار المريض المناسب لتلقي هذا العلاج لأنه لا يمكن استخدامه لكل المرضى.
- العلاج المناعي أفضل علاجات الأورام السرطانية.. ونسعى للحصول على دعمه من الدولة بأكثر من 50%
وماذا عن العلاج الضوئي الديناميكي في القضاء على السرطان؟
العلاج الضوئي الديناميكي يُستخدم في أورام الجلد السطحية، وفي علاج مرض الصدفية المزمن الذي يسبب قشور في الجلد، لكن استخدامه في مصر نادر جدًا لأن أورام الجلد السطحية غير منتشرة هنا، فبشرة المصريين متوسطة غير فاتحة أو داكنة وبالتالي صبغة الميلانين تحمي من الإصابة بأورام الجلد وهذا العلاج موثق على مستوى العالم.
ما صحة توصيات الباحثين حول استخدام أدوية الملاريا في تدمير الخلايا السرطانية؟
كل هذا اجتهادات.. أدوية الملاريا وأدوية الفطريات كانت تُستخدم في علاج السرطان لكننا خرجنا من هذا الإطار منذ عام 2010 وعام 2015 كان حدًا فاصلًا، وتم إلغاء الكثير من العلاجات الماضية فإذا لم يكن الدواء موثقًا لا يُستخدم في علاج المرضى.
ما آلية اختيار العلاج المناسب للمرضى؟
يتم انتقاء العلاج الملائم لكل مريض من خلال إجراء التحاليل والفحوصات اللازمة والتعقيد لا يكون في مسألة العلاج المخصص، وإنما في التشخيص والتحاليل، ويتم إجراء تحليل معين يُسمى التحليل الجيني أو التحليل الجزيئي يثبت استجابة المريض للعلاج المناعي، وفائدة العلاج المناعي أنه لا يجعل المريض يواجه الأعراض الجانبية التي يسببها العلاج الكيماوي من سقوط الشعر وغيرها، إلا أنه باهظ الثمن، وتتدخل بعض الجهات غير الحكومية من شركات أدوية وأفراد متبرعين في المساهمة بنسبة في علاج بعض المرضى.
كما أن العلاج الموجه بدأ يحسن نفسه ليتم استخدامه مع العلاج الكيميائي أو العلاج المناعي ليشكل طفرة في علاج سرطان الثدي المبكر والمتقدم، والعلاج الموجه أصبح قوي في السيطرة على المرض.
ماذا تقصد بالسيطرة على المرض؟
السيطرة على المرض تعني أننا نجحنا في عام 2018 من جعل السرطان مرض مزمن يتعايش معه المريض مثل مريض السكر، فنحول السرطان من النوع القاتل إلى مرض مزمن، وتعتمد الفكرة على تهدئة إيقاع شراسة المرض، ويتم التعامل معه حتى في الحالات الصعبة، ويتعايش المريض مع السرطان بأعراض جانبية أقل ممثلة في استخدام العلاج المناعي، وتظل المشكلة كما ذكرت في تكلفة العلاج.
الحديث عن علاج السرطان بالذهب شغل حيزّا كبيرًا في الإعلام على مدى السنوات الماضية إلى أين انتهت تلك المحاولات؟
العلاج بالنانو جولد أو الذهب بذلنا فيه مجهودًا كبيرًا مع الدكتور مصطفى السيد، ونحن نكن له كل الاحترام والتقدير وإنما هو رجل كيميائي وليس طبيبًا، لكن شرع في بحث هام لاستخدام الذهب في علاج السرطان، والأبحاث الموجودة حتى الآن انتهت إلى تجارب على الحيوانات المعملية الصغيرة والكبيرة في مصر، وفي الوقت الحالي من المنتظر إجراء التجارب على الإنسان وتمر تلك التجارب بـ3 مراحل وأمامنا وقت طويل جدًا لتحقيق نتائج إيجابية وإثبات نجاح هذا العلاج.
نحن نتحدث عن الذهب منذ عام 2006، أي 12 عامًا من الكلام ولا يوجد حتى الآن دليل موثق على فاعلية هذا العلاج، ويجب علينا الانتظار ولا نقلل أو نضخم من حجم الموضوع، وأعتقد أن العلاج بالذهب إذا نجح لن يكون علاجًا بارعًا، لأن الدكتور مصطفى السيد لم يدخل في مرحلة البحث الإكلينيكي الذي يحتاج لمشاركة الأطباء.
لماذا لا نواجه المرض في مراحله المبكرة؟
نفتقد في مصر الكشف المبكر عن السرطان بسبب غياب الوعي، فما المانع من ذهاب مريض وجد دم في البول إلى الطبيب للتأكد من سلامته؟، والمريض المصري بطبيعته أكثر مرضى العالم خوفًا، لما يُقال عن السرطان ومعروف لدى الرأي العام أنه قاتل، لذا يخاف المريض من التوجه للكشف خشية المواجهة، ما يسبب مشكلات أكبر حال وجود إصابة، ويجب نشر التوعية خاصة بين السيدات للكشف عن سرطان الثدي.
-المريض المصري أكثر مرضى العالم خوفًا.. ونفتقد ثقافة الكشف المبكر
لماذا لا توفر الدولة الدعم لعلاج المرضى بالعلاج المناعي؟
الدولة لا تتمكن من توفير الدعم لعلاج مرضى السرطان والعام الماضى أدخلنا العلاج الموجه، فكيف يمكن أن نطالب بتوفير العلاج المناعي في وقت تنفق فيه الدولة على علاج فيروس سي وغيرها من العلاجات!
مستشفيات القطاع الخاص لديها العلاج المناعي ونحاول الضغط على الدولة لزيادة نسبة الدعم للعلاج المناعي لتصل لأكثر من 50%، ونعمل على ذلك من خلال الحصول على دعم 25% لكل جرعتي علاج بالإضافة للـ50% الأساسية، ما يجعل العلاج المناعي أرخص من العلاج الكيماوي.
ما مخاطر سرطان الرئة وما أسبابه وكيف نكتشفه؟
سرطان الرئة يصيب السيدات والرجال والمدخنين وغير المدخنين وتزيد نسب الإصابة في المدخنين من 85% إلى 90%، كما يصيب من يعيشون في المناطق الصناعية، مثل شبرا الخيمة وحلوان، وهم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الغشاء البلوري بسبب التلوث البيئي، وهناك مرضى بسرطان الرئة حالتهم صعبة ويصل السرطان إلى المخ، و97% من الحالات يتعرضون للوفاة ومتوقع أن تقل النسبة بسبب العلاجات الحديثة، ومحاولات التوعية بخطورة التدخين.
لدينا 75% من المصابين بسرطان الرئة في مصر وهي حالات متقدمة بسبب التدخين، وسرطان الرئة مشكلته أنه لا ينتظر المريض، وتطور العلاجات منح المرضى الحياة من شهرين بعد الإصابة إلى 40 شهرًا، وبعدها إذا فشل العلاج له علاج آخر قد يمنحه الحياة لفترة أطول.
أنصح المدخنين بالإقلاع عن التدخين قبل سن الـ50، لأن نسبة الإصابة بسرطان الرئة ستزيد في أول عامين بعد الإقلاع ثم تقل حتى 16 عامًا من الإقلاع حتى تنعدم، والغريب ظهور حالات كثيرة لسيدات في الثلاثينيات من العمر وغير مدخنات، وهذا مجال بحث جديد لمعرفة الأسباب.
-90% من مرضى سرطان الرئة مدخنين.. و75% منهم حالتهم متقدمة
عالجت الكثير من المشاهير والشخصيات البارزة وبينهم الرئيس الأسبق حسني مبارك والنجم الراحل أحمد زكي.. كيف كانت المسؤولية الملقاة على عاتقك حينها؟
المسؤولية كانت كبيرة خاصة إذا كنت مسؤولا عن علاج أشهر ممثل في مصر وقتها من أبناء جيلي وهو الراحل أحمد زكي، بالإضافة إلى كونه محل اهتمام القيادة السياسية، ورغم توصيات القيادة السياسية برعايته والاهتمام به أكدت لهم أنه ليس لدي أكثر مما أفعله لأن الطب لا يوجد به فكرة الحرص لأنك تقوم بكامل دورك كطبيب، وعلاجي لزكي كان مختلفا لأنك تقابل يوميًا فنانين كثيريين كما تواجه الإعلام بسبب جماهيريته وتواجه ضغوًطًا واعتبارات كثيرة.
-أحمد زكي منحني شهرة كبيرة ومبارك منحني الهيبة والثقة
أما الرئيس حسني مبارك له قيمته التاريخية كرئيس جمهورية وكقائد للقوات الجوية، أنت أمام شخصية تاريخية لها هيبتها وكانت المسؤولية كبيرة وعندما ذهبت إليه في المركز الطبي العالمي وكان هذا عقب تنحيه عن الحكم بنحو أربعة أشهر وتحديدًا في شهر رمضان واخترت التوقيت عقب آذن المغرب مباشرة لأسباب أمنية، وعندما قابلته شعرت بشيء من التوتر في وقت مطلوب منك كطبيب أن تكون متماسكًا وهنا الصراع النفسي بسبب حجم المسؤولية، وأثنى مبارك على عملي واعتز بتلك الشهادة.
واعترف أن الفنان أحمد زكي منحني شهرة كبيرة وعرفني بقطاع مهم جدًا وهوقطاع الفنانين، أما الرئيس مبارك منحني هيبة وثقة أكثر في النفس.
أستاذ علاج الأورام: أحمد زكي أقلع عن التدخين قبل إصابته بسرطان الرئة بـ6 سنوات ومرضه كان محل اهتمام القيادة السياسية
لماذا تحدث انتكاسة لبعض مرضى السرطان ويعود المرض من جديد؟
عودة الورم مرة أخرى حقيقة مُسلَّم بها، وهناك حالات انتكاسة مبكرة وحالات انتكاسة متأخرة فهناك سيدات تُشفى من سرطان الثدي وبعد 25 عامًا يعود الورم من جديد وربما أقل من ذلك، نفس الحال في أورام الرئة قد يتعرض بعض المرضى لانتكاسة بعد 8 سنوات من الشفاء وهم شباب في الثلاثينيات من العمر، ومن يصاب بالسرطان في سن صغير معرض للانتكاسة في سن كبيرة والأمر يرجع للأسباب التي أدت للإصابة بالمرض من الأساس وهي أن التربة الخاصة للمريض ممهدة للسرطان.
ربما تكون الانتكاسة في نفس مكان الورم أو في عضو آخر، فمثلًا إذا كانت سيدة مريضة سرطان الثدي يمكن أن تكون الانتكاسة في المبيض أو الرحم مع تقدمها في العُمر لأنها تعاني من عيب خلقي في الجينات، لكن المريضات اللاتي يتعرضن للإصابة في الفترة التي من المتوقع حدوث إصابة فيها بسرطان الثدي لا يحدث لهن انتكاسات متأخرة.
ما الشائعات التي تصلكم حول مرض السرطان؟
هناك بعض الاجتهادات والشائعات، خاصة التي تصدر عن الـ"سوشيال ميديا" تعتبر غير صحيحة، فمثلًا يتحدث البعض عن أن ثمرة القشطة تعالج الجهاز المناعي وليس لدينا علميًا ما يقول ذلك، أو أن أكل السكر يؤدي إلى زيادة الورم لدى مرضى السرطان، وهذا كلام غير صحيح، والأهم من ذلك الالتزام بالأكل الصحي الجيد والاعتماد على الفواكه والخضروات والتقليل من اللحوم وممارسة الرياضة والمشي.
هل هناك أطعمة تقي من السرطان؟
كل ما يسبب ألمًا في القولون من أطعمة يقي من الإصابة بسرطان القولون، وهذه الأطعمة الكرنب والبروكلي والفاصوليا البيضاء واللوبيا والقرنبيط، والبروكلي مضاد للأكسدة ونفس الأمر بالنسبة للكرنب والقرنبيط، الفاصوليا البيضاء واللوبيا فيهما نسبة ألياف عالية جدًا تفيد في الوقاية من أي سرطان في الجهاز الهضمي.
فيديو قد يعجبك: