"عجز المعلمين" أزمة بداية العام الدراسي.. كيف يتغلب عليها مدراء المدارس؟
كتبت - نانيس البيلي:
استعدادات تجري على قدم وساق لبدء العام الدراسي الجديد داخل 45 ألف و279 مدرسة حكومية بجميع محافظات الجمهورية، ظهرت معها عدد من المشكلات التي تواجه العملية التعليمية، كان أبرزها وجود عجز في المعلمين بالمدارس الحكومية، وهي الأزمة التي بدأت قبل عامين وفق عدد من مديري المدارس، الذين يلجأون إلى حيل تأثر بالسلب على العملية الدراسية.
لجنة التعليم بمجلس النواب أكدت وجود الأزمة خاصة في مرحلتي رياض الأطفال والابتدائية. وقال النائب فايز بركات، عضو اللجنة لـ"مصراوي" إنهم تحدثوا مع وزير التربية والتعليم في تلك المشكلة فوعدهم بحلها، وأصدر في مايو الماضي قرارا رقم 202 بالنَدب الجزئي من الإدارات المختلفة، بمعنى أنه إذا كان المعلم ليس لديه جدول حصص كامل في مدرسته وهناك نقص في إدارة تعليمية أخرى بنفس المحافظة فيقوم بسد العجز فيها بنظام الانتدابات.
لكن ثمة مشكلة لا تزال قائمة، وفق "بركات"، تتمثل في صعوبة المواصلات في بعض الإدارات التعليمية بالمحافظات التي تتجاوز حدودها 100 كيلو.
من جانبه، نفى محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم وجود نقص في المعلمين، قائلاً "مفيش أزمات أو عجز بمعنى الكلمة"، واستدرك: "لكن هناك سوء توزيع، سنقوم بعمل إعادة توزيع للمعلمين في المكان المتواجد به مشكلة أو عجز، والوزارة تعمل على هذا الملف منذ سنوات واقتربنا من حل المشكلة".
يختلف معه "كمال مغيث" الخبير التربوي، فيقول: "الموضوع مجرد ليس سوء توزيع، ولكن هناك عجز حقيقي بالفعل والأسر أصبحت مضطرة للتعامل معه عن طريق اللجوء للدروس الخصوصية". وبحسب" مغيث" تتسبب تلك الأزمة في إهدار حق الطلاب في التعليم، حيث يلجأ مديرو المدارس للتحايل على نقص المدرسين عن طريق إما تقليل عدد الحصص وربما تقليل عدد الطلاب.
ويرى فايز بركات، عضو لجنة التعليم أن هناك سوء توزيع للمدرسين في المراحل التعليمية الأخرى، أدى إلى نقص أعدادهم ببعض المناطق مقابل زيادتهم في أماكن أخرى، وتلك المشكلة حدثت منذ قرار تعيين الـ30 ألف معلم قبل 3 سنوات، وتم اختيار بعضهم للعمل بمناطق بعيدة عن محل إقامتهم، ومنذ عام طلبوا الرجوع إلى مدنهم وقراهم وتم الاستجابة لمطالبهم وهو ما تسبب في الآزمة.
شاهندة عبدالله - اسم مستعار- مدير مدرسة ابتدائية بمحافظة الدقهلية، تشكو لنا معاناتها في توزيع حصص العام الجديد في ضوء عجز المدرسين بمدرستها للسنة الثالثة على التوالي، والذي وصل هذا العام إلى نقص 7 معلمين.
800 طالب هو عدد تلاميذ المدرسة التي تولت "شاهندا" إدارتها قبل عامين، يعمل معها 12 معلما، لم تفلح جهودها التي تبذلها منذ أكثر من عام سوى في توفير معلم واحد من بين 7 تحتاجهم، لذلك وهي تجهز الجدول الدراسي للعام الجديد لجأت إلى زيادة نصيب المدرس من الحصص "وده طبعا هيبقى عبء كبير عليهم، بس معنديش حل تاني".
"أن تتضمن إعلانات التربية والتعليم طلب تعيين معلمين على حسب العجز بالمديريات فقط وليس إعلان عام".. كان ضمن طلبات لجنة التعليم من الوزارة، بحسب فايز بركات عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، غير أن الطلب لم ينفذ حتى الآن بسبب وقف التعينات سواء للمتخصصين أو غير المتخصصين.
في عام 1998 قررت الحكومة إلغاء تكليف خريجي كليات التربية المعنيون بالتدريس.
ويشير "بركات" عضو لجنة التعليم بمجلس النواب إلى أن الوزارة وعدوهم بطلب تعيين معلمين، لكنه يعتقد أنها مسألة ستأخذ وقت ليس قصير لأنها مقيدة بميزانية محددة للتعليم بجانب أن الأمر مرتبط بجهاز التنظيم والإدارة بالدولة وبدرجات مالية معينة.
67 مليار جنيه هي ميزانية رواتب المعلمين في العام الدراسي الجديد من إجمالي 81 مليار جنيه هي ميزانية التعليم في العام الحالي، بحسب "بركات"، ويتبقى منها حوالي 14 مليار جنيه فقط، منهم 8 مليار جنيه تخصص للأبنية التعليمية، أما باقي الميزانية البالغ 6 مليار جنيه فيذهب لباقي مستلزمات التعليم.
الميزانية هي سبب الأزمة
"الدولة أصبحت خارج الاهتمام بالعملية التعليمية، ولو كان هناك ميزانية حقيقية كانت الدولة تعين عدد كاف من المعلمين".. هكذا علق كمال مغيث، الخبير التربوي، مشيرا إلى أن عجز المدرسين يرجع إلى الميزانية، فالاستحقاق الدستوري ينص على أن 4% من الناتج المحلي يخصص للتعليم ما قبل الجامعي وهو ما يصل إلى حوالي150 مليار جنيه مصري، لكن ميزانية السنة الجديدة لا تزيد عن 98 مليار جنيه، وهذا يعني أن هناك حوالي 60 مليار من ميزانية التعليم لم يصلوا له من الأساس.
ويضيف "مغيث": وبالتالي منطقي أن يحدث هذا العجز، وتصبح رواتب المعلمين هزيلة لا تسمح لهم بحياة كريمة والتفرغ لطلابهم وللعملية التعليمية، وكل معلم يلهث وراء الدروس الخصوصية".
992 ألف و797 مدرس هم عدد المعلمين بالمدارس الحكومية، بحسب إحصائية صادرة عن وزارة التربية والتعليم لعام 2017، بينما يتجاوز عدد الطلاب الـ 20 مليون تلميذ.
تضطر "شاهندة" مديرة مدرسة بمحافظة الدقهلية إلى إسناد الحصص للعاملين بالمدرسة من غير المتخصصين، مثل مشرفي الصحافة والأخصائية الاجتماعية ومسؤولة المكتبة ومشرفة المعمل "وأحيانا بوزع الحصص على الإداريين، أعمل إيه ما هو ماينفعش أسيب الفصل فاضي".
بجانب إشرافها على إدارة المدرسة، أحيانا تضطر "شاهندة" إلى دخول حصص وتشرح كذلك "وأوقات مبلاقيش مدرسين فبروح الولاد بدري عن الميعاد الرسمي حصة أو حصتين"، وتكون المشكلة أكبر أمامها في حالة غياب أي من معلمي المدرسة الـ12" لأن وقتها الحصص الاحتياطي توزيعها بيزيد".
حصول عدد كبير من المعلمين على إجازات من الوزارة بهدف التحاقهم بالمدارس الخاصة أو سفرهم للعمل بالخارج، أحد مشكلات أزمة نقص المعلمين، وفق ما يقول" خالد صفوت" أدمن صفحة "ثورة أمهات مصر على المناهج التعليمية المصرية"، ويوضح أنهم يشغلون الرقم الإجمالي لعدد المعلمين بالمدارس الحكومية، وحين تشتكي المدارس من وجود عجز، تواجههم الوزارة بالرقم المدرج بصرف النظر عن من يمارس مهنة التعليم بالفعل.
"نعترف بوجود مدرسين حاصلين على أجازة، وهي مشكلة كبيرة تواجهنا" قالها فايز بركات، عضو لجنة التعليم، مشددا على ضرورة تحديد فترة إجازة لكل معلم" وبعدها لو مرجعشي يتم استبعاده عشان يخلي مكان لمدرس غيره"، بينما ينفي محمد عمر، نائب وزير التعليم أن يكون ذلك أحد أسباب المشكلة قائلاً "اللي واخدين إجازة نعملهم إيه؟! دول يتعدوا على الصوابع ومش من أسباب العجز، مفيش الكلام ده"، مضيفاً أن عجز المدرسين مرتبط بالحصص وبمكان المدرسة وموضوع الأبنية التعليمية الانتدابات والمسميات الوظيفية وتعديلاتها.
12 فصلا هي قوام مدرسة المديرة "شاهندة"، يقوم 12 معلما متخصصا على التدريس لقرابة 800 طالب، بجانب 11 أخصائيا، ومشرفة صحافة، و5 إداريين، و3 عمال لنظافة المدرسة.
النقص ناتج أيضا عن تقاعد مجموعة كبيرة من المعلمين المحالين إلى المعاش معظمهم من خريجي دبلوم المعلمين، وعدم تعيين آخرين مكانهم بسبب وقف التعينات منذ 20 عاما، بحسب "شاهندة"، التي تؤكد أن المشكلة تفاقمت بعد قرار تسكين معلمي الـ30 ألف في محافظاتهم.
فيديو قد يعجبك: