إعلان

حكايات الناجين من الموت.. مبادرة "قوائم الانتظار" تفتح شرايين الحياة​

05:48 م الثلاثاء 04 سبتمبر 2018

مصطفى مرسي وجمال بيومي

كتب- أحمد جمعة:

ظلّ جمال بيومي يبحث عن مستشفى تقبل حالته لإجراء جراحة قلب مفتوح. قصد ابن محافظة البحيرة عدّة مستشفيات في القاهرة الكبرى، انتهى به الأمر إلى معهد ناصر وهناك أخبروه بوجود قائمة انتظار طويلة أمامه: "دُخنا بين المستشفيات، ورحنا جميع المستشفيات في البحيرة والقاهرة، وقالولي قدامك حوالي 1200 حالة في قائمة الانتظار".

تبدد أمل "جمال" في الشفاء، ضاقت عليه الأرض بما رحبت بعد التردد على أكثر من جهة في محاولة للتعجيل بموعد العملية. تلك الأوقات المرهقة لا ينساها على الإطلاق "أيام صعبة مشفتهاش في حياتي". مرّت هذه الأيام على الرجل الثلاثيني بينما كانت حالته الصحية تتدهور يوما بعد يوم. وفي هذه الأثناء أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، إطلاق مبادرة إنهاء قوائم الانتظار والجراحات الحرجة مطلع يوليو الماضي، لتبدأ وزارة الصحة في استقبال تلك الحالات عبر الموقع الإليكتروني الذي خصصته للمبادرة بجانب الخط الساخن.

سمع "جمال" عن المبادرة من أحد أصدقائه، اتصل بالخط الساخن وسجل بياناته: "يشاء ربنا حد يقولي سجل بياناتك على الخط الساخن 15300، ردوا وقالوا بكره هنتصل عليك، ومكنتش متخيل إن دا هيحصل، تاني يوم كلمت الخط الساخن قالولي اطلع على معهد ناصر علشان تخلص الإجراءات وتعمل العملية.. مكنتش مصدق وقلت أروح أشوف حقيقة الموضوع".

في اليوم التالي ذهب جمال وشقيقه إلى معهد ناصر. هناك حدث ما لم يتخيله بعد هذه الأيام العجاف. استقبله الدكتور أيمن خلاف القائم بأعمال مدير المستشفى، أنهى إجراءاته الورقية في نفس اليوم قبل تجهيزه للعملية: "خلصت كل الأوراق المطلوبة يوم الخميس وقالي تيجي السبت نعمل العملية". في الموعد ذهب جمال مرة أخرى إلى المستشفى، ظل ليوم حتى جرى تجهيزه طبيًا: "ظبطوا سيولة الدم، وفي اليوم التاني عملت العملية".

يتذكر "جمال" حديث الأطباء عن صعوبة هذه الجراحة: "كنت مغير صمامين قبل كده وتعبت تاني والعملية كانت صعبة، ومكنتش بقدر اشتغل ومجهودي نزل لحوالي 20% في الأيام الأخيرة". استقرت حالته الصحية الآن وبدأ في التعافي: "الحمد لله بتحسن يوم ورا التاني.. المبادرة دي أعظم مشروع حققته الدولة للناس الغلابة واللي مش قادرين".

مثل "جمال" هناك 1337 حالة تم إجراء التدخلات الجراحية لهم منذ إطلاق مبادرة "قوائم الانتظار" بحسب الدكتور أيمن خلاف القائم بأعمال مدير معهد ناصر، في 9 تخصصات حددتها وزارة الصحة: الرمد، زراعة القوقعة، جراحة المفاصل، القسطرة، القلب المفتوح، زراعة الكبد، زراعة الكلى، زراعة القرنية، جراحة المخ والأعصاب.

لا تزال في قائمة الانتظار بمعهد ناصر نحو 600 حالة تحتاج إلى إجراء تدخلات جراحية، بخلاف ما يستقبله المعهد من مرضى يتم تحويلهم إلى هناك عبر وزارة الصحة، لكن "خلاف" يؤكد أنه بهذه الوتيرة في إجراء العمليات سيصبح المعهد خالياً من قوائم الانتظار في غضون شهرين وربما يزيد قليلًا.

في ذات المبنى، يرقد مصطفى مرسي في فترة المتابعة بعد إجراء جراحة بالقلب. أخبره طبيبه المعالج بحاجته إلى جراحة عاجلة بعد عملية أجراها في وقت سابق بتغيير 4 شرايين: "مغير 4 شرايين في شهر مارس الماضي، وللأسف احتجت عملية تانية، وقعدت 3 شهور مش لاقي سرير في المستشفى".

لم يكن يعلم طريقة التسجيل بمبادرة "قوائم الانتظار"، لجأ إلى الخط الساخن لشكاوى مجلس الوزراء، وهناك حصلوا منه على بياناته وسجلوها عبر الموقع الإليكتروني، قبل أن يعادوا الاتصال به ويخبره بتحويله إلى معهد ناصر لإجراء العملية على الفور: "كلمتهم الصبح، وعلى العصر لقيت حد بيكلمني بيقولي روح معهد ناصر علشان تعمل العملية".

أنهت إدارة المستشفى كافة الإجراءات، وجهزوه للعملية: "في أقل من 10دقائق كنت في أوضتي على سرير، وكانت مفاجئة لي إن يتم الموضوع بهذه السرعة". بعد ساعات دخل غرفة العمليات وأجرى الجراحة بالفعل ثم عاد من جديد إلى غرفته لمتابعة حالته الصحية لأيام.

بصعوبة يتحدث "مصطفى" بينما يحصل بين الحين والآخر على جلسة أكسجين: "كنت تعبان جدا جدا، ودلوقتي فيه رعاية ومطمن على نفسي وربنا يجازيهم خير على اللي بيعملوه مع جميع المرضى".

قائمة الانتظار ضمت أيضًا أحمد عبد السلام لأكثر من عامين، فهو بحاجة لزراعة قرنية لعينه التي أصيبت جراء عمله: "قعدت شهور ألف على العملية، والظروف المالية مكنتش تسمح إني أعملها على حسابي في القطاع الخاص".

تعايش "أحمد" مع إصابته، حتى سمع في برنامج تليفزيوني عن تسجيل بيانات المرضى لإنهاء قوائم الانتظار. صباح اليوم التالي اتصل بالخط الساخن وسجّل بياناته: "قلت لو خير نستفيد منه، ومش هخسر حاجة". قبل أن يتلقى الرد بعد يومين: "روح معهد الرمد بالجيزة علشان تعمل العملية".

زاد أمل "أحمد" في معهد الرمد عندما أخبره الأطباء بتوافر نوع القرنية التي يحتاجها لإجراء العملية، أنهى الفحوصات اللازمة ودخل إلى غرفة العمليات: "اللي حصل حلم جميل إني رجعت أشوف تاني".

لا تزال وزارة الصحة تعمل على إنهاء إجراءات باقي المرضى بقوائم الانتظار بعد توجيه الرئيس باستمرار المنظومة لـ 3 سنوات مقبلة، في الوقت الذي قالت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، إنه تم الانتهاء من إجراء 14 ألف و291 عملية جراحية من أصل 27 ألف و291 مريض من المسجلين على الموقع الإلكتروني والخط الساخن لقوائم الانتظار، ضمن مبادرة الرئيس السيسي بالقضاء على قوائم الانتظار.​

فيديو قد يعجبك: