فايق: المراجعة الشاملة لحقوق الإنسان عكست الفجوات بين تشريعاتنا والمعايير الدولية
كتب- محمد نصار:
افتتح محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، أعمال الندوة الوطنية حول "مراجعة وتحديث قانون العقوبات في مصر"، موجهًا الشكر إلى ممثلي سلطات الدولة الذين حرصوا على المشاركة سواء في جلسة الافتتاح، أو من خلال مساهمة المشاركين الممثلين للجهات الرسمية في جلسات العمل.
وشدد فايق، خلال الندوة، على ضرورة مراجعة وتحديث قانون العقوبات في مصر حيث يشكل المحور الأساسي للعدالة الجنائية في كافة المجتمعات، وتقوم رسالة القانون الجنائي على التوازن في ابتغاء ثلاثة مقاصد رئيسية (تحقيق الأمن - تلبية العدالة والإنصاف - حماية المصالح المشتركة للمجتمع)، بهدف توفير الطمأنينة بالاعتماد على التناسب بين طبيعة وجسامة الجرم وبين نوع العقاب الرادع.
وأوضح أن قانون العقوبات المصري صدر برقم 58 لسنة 1937 في 31 يوليو 1937، ولبى حينها الاعتبارات والمقاصد المرغوبة، وكان نموذجًا يحتذى به في العديد من الدول التي تأثرت بالمدرسة التشريعية والقضائية المصرية، إلا أنه ورغم توالي محاولات إعداد مشروع قانون يلبي الاعتبارات والتطورات والتوجهات الحديثة في الفلسفة العقابية، إلا أنها لم تخرج للنور.
وتابع رئيس المجلس القومي: "نحن في إطار الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان في عامه الواحد والسبعون، نستذكر معًا الدور الملهم الذي قام به بلدنا في صياغة وإصدار وتبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعديد من الاتفاقيات، وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والثراء الكبير الذي حققته المعايير الدولية لحقوق الإنسان في العديد من المجالات، وخاصة في تعزيز العدالة الجنائية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن تطورات الفلسفة العقابية خلال العقود الأربع الأخيرة قد أنتجت إبداعات وتجارب ملهمة على الصعيد العالمي، وبخاصة في مجالات التجريم، وفي نوع العقوبات، وتطور المراكز القانونية، وتحولات المصالح القانونية التي يجب حمايتها".
وقال فايق، إن هذه العناصر تشكل دافعًا لمراجعة قانون العقوبات المصري بهدف تحديثه ومواكبته للعصر والاتجاهات الحديثة، خاصة وأن دستور 2014 قد حقق قفزة كبيرة في مجال العدالة وضمان الحقوق والحريات، وهي القفزة التي يتعين علينا أن نواكبها على صعيدي الضمانات التي فصلها الدستور، وعلى مستوى روح الدستور وتوجهاته الحديثة.
وأكد محمد فايق، أن التفاعل بين مصر والدول الأعضاء في الأمم المتحدة عبر آلية المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان الشهر الماضي عكس نوعية الفجوات بين تشريعاتنا الوطنية وبين المعايير الدولية التي نتشارك مع العالم الالتزام بها، وتكشف عن نمط التحديات التي تواجهنا في سبيلنا لإنجاز الإصلاح التشريعي.
وجدد رئيس المجلس، الدعوة إلى ضرورة مساندة السلطة القضائية في النهوض بدورها لتحقيق العدالة، وخاصة من خلال تنمية مواردها البشرية بما يسمح لها بالتصدي للعبء الكبير النابع عن تضخم أعداد القضايا المعروضة عليها من ناحية، ومن ناحية أخرى من خلال دعم الأجهزة المعاونة القضائية في الجانبين البشري والتقني وذلك تحقيقًا لهدفنا المشترك في تلبية العدالة الناجزة والتخلص من إشكاليات بطء التقاضي.
وتابع: "لقد شرف المجلس بالمشاركة في أربعة فعاليات رئيسية خلال العامين الأخيرين حول قضايا تحديث التشريعات العقابية وتعزيز العدالة الجنائية، والتي شهدت مناقشات ثرية ومشاورات مُعمقة بين أصحاب المصلحة من الجهات الرسمية والمجالس المتخصصة ومؤسسات المجتمع المدني وأساتذة القانون، وخلصنا خلالها لبناء توافقات مهمة وإيجابية حول الأهداف والتوجهات والوسائل وسبل التغلب على التحديات".
وأنهى حديثه قائلًا: "ونتطلع من خلال هذه الندوة إلى الانتقال من المرحلة التأسيسية السابقة إلى مرحلة بلورة وإنتاج مقترحات ذات طبيعة عملية قابلة للتبني والتطبيق، ومع إدراكنا بأن أمامنا جهداً مرتقباً لتفعيل التفاهمات على الصعيد العملي، فإننا نعتقد أننا قد أصبحنا على مشارف الإنجاز".
فيديو قد يعجبك: