رئيس الوزراء: تحديات الاقتصاد استوجبت برنامج إصلاحي شامل لاستعادة النمو
كتب- محمد غايات:
قال رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إن الاقتصاد المصري شهد تحديات جسام خلال السنوات الماضية، والتي استوجبت قيام الحكومة بإطلاق برنامج قوى للإصلاح الاقتصادي الشامل، بالتعاون مع البنك المركزي المصرى، من أجل استعادة الاستقرار الاقتصادي وإعادة مصر إلى مسار النمو القوي القابل للاستمرار، ويهدف إلى تحسين كفاءة أسواق النقد الأجنبي، وتخفيض عجز الموازنة العامة والدين الحكومي، وزيادة النمو لخلق فرص العمل، خاصة للنساء والشباب، وحماية شرائح المجتمع الأقل دخلاً أثناء عملية الإصلاح، بما يكفل توفير حياة كريمة، وذلك في إطار من العدالة الاجتماعية.
جاء ذلك خلال الاحتفالية التي شهدها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم بحضور محافظ البنك المركزي، وعدد من الوزراء وكبار المسئولين، بمناسبة مرور 10 سنوات على إنشاء هيئة الرقابة المالية، والتي تم على هامشها افتتاح المبنى الجديد للهيئة، بحضور الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة، وأعضاء مجلس إدارتها.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن هذه الإحتفالية تشكل منصة أساسية لإلقاء الضوء على دور الهيئة العامة للرقابة المالية في تنمية وتطوير الأنشطة المالية غير المصرفية، وما يتبعه من نمو اقتصادي، موضحاً أن وُجود نظام مالي كُفء أكثر تعمقاً وتنوعا هو مطلب مهم للنمو الاقتصادي، حيث يُعد القطاع المالي غير المصرفي مكوناً أساسياً للاقتصاد في مصر، لما يَتَمتع به من إمكانيات كبيرة لجمع المدخرات وتقديم الأدوات المالية المتنوعة والمتطورة، بما يُساعد على توفير التمويل اللازم للأنشطة الاقتصادية، وَمِنْ ثَمَّ التوسع في إقامة المشروعات الاستثمارية ومشروعات البنية التحتية والمشروعات القومية الكبرى، بما يحقق فرص العمل والتشغيل في مشروعات تنموية عالية الإنتاجية.
ولفت مدبولي إلى أن برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي جاء متسقاً مع رؤية "مصر 2030" للتنمية المستدامة ودافعاً في اتجاه تحقيق مستهدفاتها، تلك الرؤية التي تستهدف تحقيق النمو المتوازن وبناء اقتصاد تنافسي متنوع ومنضبط قائم على المعرفة، وكذا تحقيق تنمية عمرانية في إطار ترسيخ مبادئ المواطنة والتكافؤ الاجتماعي، موضحاً أن برنامج الحكومة منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي، أسفر عن تحسن مطرد في الاقتصاد المصري حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي 5.6%، وهو من أعلى المعدلات في المنطقة، كما سجلت ميزانية السنة المالية 2018-2019 فائضاً أولياً بقيمة 2% من إجمالي الناتج المحلي، باستثناء مدفوعات الفائدة، بالإضافة إلى ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي ليصل إلى 45.3 مليار دولار أمريكي في نهاية نوفمبر 2019.
وتطرق رئيس الوزراء إلى أن التحسن المطرد في المؤشرات الاقتصادية أدى إلى تبنى الحكومة برنامجاً للسياسة التوسعية لتشجيع الاستثمار من خلال تخفيض سعر الفائدة مما يُحفز الشركات على الاقتراض، والتوسع في المشروعات الإنتاجية التي تدعم النمو الاقتصادي، لافتاً إلى أن هذا التحسن يمكن استشراف آثاره أيضاً من أداء أنشطة القطاع المالي غير المصرفي، فقد شهد سوق رأس المال في مصر ارتفاعاً ملحوظاً في قيمة الأوراق المالية المصدرة بالسوق الأولي لتزيد على تريليون جنيه.
وأكمل رئيس الوزراء كلمته قائلاً: "على جانب آخر فإن سعادتي قد زادت بتقدم مصر 78 مركزاً خلال 5 سنوات، لتصل للمركز الـ 57 صعوداً من المركز 135 في عام 2015، وذلك في أهم تقييم لحماية المستثمرين، وهو المؤشر الأفضل أداءً بين جميع مؤشرات تقرير ممارسة الأعمال الذي يصدر عن البنك الدولي، وقد تحقق ذلك من خلال القرارات التي أصدرتها هيئة الرقابة المالية لزيادة نطاق الإفصاح والشفافية وزيادة كفاءة الإطار التنظيمي لحوكمة الشركات وحماية صغار حملة الأسهم.
وتابع "أما التأمين فقد شهد نشاطاً ملحوظاً منذ الدمج حيث ارتفع صافي الاستثمارات ليصل إلى 102 مليار في 2019 مقارنة بـ 29 ملياراً في 2009، أما صناديق التأمين الخاصة، والتي تدعم ما يقرب من 5 ملايين مشترك، فقد تضاعفت أحجام استثماراتها أكثر من ثلاث مرات لتصل إلى 75 مليار جنيه في 2019 مقارنة بـ 24 مليار جنيه في 2009، بحسب ما جاء في كلمة رئيس الوزراء".
وعلى صعيد التمويل العقاري، قال رئيس الوزراء: لقد تضاعف حجم التمويل الممنوح من شركات التمويل العقاري حوالي 2 مليار جنيه عند الدمج ليصل إلى 11.4 مليار جنيه، وبالنسبة للتأجير التمويلي ودوره الهام في تمويل المشروعات الإنتاجية فقد ارتفع إجمالي قيمة عقود التأجير التمويلي لما يقرب من 200 مليار جنيه في 2019 مقارنة بحوالي 4 مليارات جنيه فقط في عام 2009، أما عن نشاط التخصيم فقد ارتفع حجم الأوراق المُخصمة ليصل إلى ما يقرب من 50 مليار جنيه مقارنة بـ 2 مليار جنيه فقط في 2009، مما يعكس زيادة حجم التمويلات الموجهة لتمويل رأس المال العامل.
وأشار إلى تحقيق نشاط التمويل متناهي الصغر نمواً في حجم الأرصدة الممنوحة للمستفيدين ليصل إلى ما يقرب من 15 مليار جنيه مقارنة بـ 4.5 مليار جنيه فقط في 2016، وزاد عدد المستفيدين إلى 3 ملايين مستفيد، وبنظرة واقعية على هذه الأرقام يتضح مدى تأثيرها على النمو، فمحدودو الدخل أصبحوا قادرين على اقتراض آلاف وربما عشرات الآلاف من الجنيهات ليبدأوا رحلتهم نحو التمكين، ويتحولوا إلى قوة فاعلة تضيف إلى النمو.
وتحدث مدبولي، خلال كلمته، عن الضمانات المنقولة، والتي تتيح لأصحاب المشروعات وبصفة خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر الحصول على تمويلات لمشروعاتهم، فقد قفز إلى ما يزيد عن نصف تريليون جنيه، بعد استحداثه في شهر مارس من العام الماضي، مما ساهم في تحسين ترتيب مصر في تقرير ممارسة الأعمال، مشيراً إلى أن التحسن الذى نشهده لم يكن سهلاً فهناك قرارات صعبة تم اتخاذها ومناطق شائكة اقتحمناها اقتحاماً لم تقترب منها حكومات سابقة، لكننا نَكدَّ ونَعمل من أجل صالح هذا الوطن، فبعيداً عن لُغة الأرقام فإن هذه الحكومة من أكثر الحكومات التي اتخذت قرارات ثار حولها الكثير من الجدل المجتمعي، لكنها استهدفت مصلحة محدودي الدخل، وتحقيق أكبر قدر من العدالة الاجتماعية.
وأضاف أن هذه التطورات التي تمت خلال الأعوام الأخيرة، لم تصل بنا إلى مرحلة الرضاء الكامل، حيث نستهدف بشكل أساسي بناء اقتصاد احتوائي مُحَفز على النمو، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأكد رئيس الوزراء أهمية القطاع المالي غير المصرفي ودوره الهام في النمو الاقتصادي، قائلاً: " لا نكتفي بالإيمان والتشجيع، ولكن تبنت الحكومة برنامج (مصر تنطلق) والذي يتضمن الهدف الاستراتيجي الثالث والخاص ” بالتنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء الحكومي“ ويندرج تحت هذا الهدف الاستراتيجي مجموعة من البرامج الرئيسية والفرعية التي تستهدف تنشيط القطاع المالي، وتساعد على نموه ورفع كفاءته كما تستهدف التوسع في تمويل المشروعات بنظام المشاركة بين القطاعين العام والخاص، والتركيز على الاستثمار المحلى، والاستغلال الأمثل للأصول غير المستغلة، وإجراء التعديلات التشريعية والتنفيذية اللازمة لتقليص مدة الطرح والتعاقد للدفع بتنفيذ المشروعات الاستثمارية، والهيكلة المالية للمديونيات المتراكمة، من خلال برنامج الطروحات، وتنظيم الاستفادة من فرص التمويل الدولي بما يساهم في التطوير المؤسسي لدعم مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات.
كما يستهدف هذا البرنامج تحقيق العديد من المحاور في القطاع المالي مثل ميكنة وتبسيط إجراءات تأسيس الشركات، وإتمام إجراءات التأسيس والتعديل إلكترونياً، وإطلاق خريطة استثمارية شاملة، وزيادة عدد المناطق الحرة العامة المتكاملة بالمحافظات وإنشاء منطقة حرة لوجستية، وإنشاء 12 منطقة استثمارية جديدة، ويعد من أبرز الجهود التي تبذلها الحكومة لتعزيز دور قطاع الخدمات المالية غير المصرفية، توفير التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بما يساعد على تسهيل الحصول على مصادر التمويل المختلفة لكافة شرائح المجتمع.
وأضاف رئيس الوزراء خلال كلمته: " قمت بزيارة الهيئة في شهر فبراير من العام الحالي، وتابعت بنفسي استراتيجية الهيئة الشاملة للخدمات المالية غير المصرفية، والتي تستهدف خلق نظام مالي غير مصرفي احتوائي ومحفز للنمو الاقتصادي، وتحسين معدلات الشمول المالــي والمساهمــة فــي تحقيــق التنمية المستدامـــة، وكذلك تقوية الإطار التشريعي للقطاع المالي غير المصرفي، وما يصاحب ذلك من توجه الهيئة في التحول الرقمي، وقد سعدت أن أرى أن ما تستهدفه الهيئة يتوافق مع تحقيق محور التنمية الاقتصادي لرؤية مصر 2030، مما يساعد على خلق سوق منضبط يساهم في استقرار أوضاع الاقتصاد الكلى، وقادر على تحقيق نمو احتوائي مستدام متكيف مع المتغيرات العالمية، وموفر لفرص عمل لائقة، للوصول بنصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع".
فيديو قد يعجبك: