"الخال والد".. كيف عاش مصطفى وعلي أمين في بيت الأمة؟
كتب- إسلام ضيف:
منذ أن كانت "رتيبة زغلول" طفلة لم يتجاوز عمرها الثلاث سنوات، انتقلت للعيش برفقة أخيها وجدتها في بيت الزعيم سعد زغلول، فوالدتها قد توفيت بعد أشهر من ولادتها، ثم لحقها والدها بعد 3 سنوات، تاركين الطفلة وأخيها للعيش في بيت الخال سعد زغلول.
ظلت "رتيبة" في بيت سعد بعد وفاة جدتها، وتزوُّجه من صفية زغلول، وتربت في بيت الأمة حتى تزوجت شاب تقدم لها يُدعى "محمد أمين يوسف" وكان يعمل محاميًا بمدينتي دمياط والمنصورة، وانتقلت مع زوجها للعيش في مدينة دمياط.
في الشهور الأخيرة من حَمل رتيبة، أصرت صفية زغلول أن تأتي بها إلى القاهرة، لتلقي الرعاية اللازمة، وعاشت صفية شهور حمل رتيبة تحلُم بأن ترى طفلًا في بيتها لأول مرة، حتى أنجبت التوأم "مصطفى وعلي".
كانت مُثقلة بحِمل تربية مولود واحد، فكيف إذًا تربي طفلين!، حتى اقترحت صفية على رتيبة أن تتبنى هي وسعد الطفل مصطفى وتتفرغ رتيبة لتربية علي، ووافقت رتيبة، إلا أن زوجها أمين يوسف الذي كان غائبا في دمياط للعمل ما إن عاد حتى غضب ورفض اقتراح التبني بعنف "لا يمكن أن أبيع ابني".
لكن فيما بعد ونظرًا لظروف عمله، وافق الأب على بقاء طفليه بمنزل سعد زغلول لكن بشرط أن يحملا اسم أبيهم، وبدأت إقامة أسرة أمين بمنزل سعد زغلول الذي أصبح يقضي معظم أوقاته في مداعبة وتربية الطفلين ويصحبهما معه في كل مكان.
تربى التوأم الصغير في بيت الأمة، وتأثرا كثيرًا بمناخ النشأة السياسية الذي كان يحيطهما، ولم يكونا يفيضا بكل ما كان يجول في خاطرهما إلا من خلال الكتابة، ففي عام 1922 أصدرا مجلة "الحقوق" وكان عمرهما وقتها 8 سنوات، وفي تلك الفترة كانت أخبار بيت الأمة تملأ كل الصحف، واكتشفا أنهما يعرفان كل هذه الأخبار قبل نشرها بحكم وجودهما في بيت سعد زغلول، ففكرا في كتابة هذه الأخبار في كراسة مدرسية وأطلقا عليها اسم "الحقوق"، مكتوبة بالقلم الرصاص وكتبا عليها أنها صحيفة "سياسية يومية أدبية".
كانت المجلة التي أصدرها التوأم تتضمن أخبارًا خاصة عن المدرسة، وأثارت إعجاب سعد باشا وصفية زغلول، لكن والدتهما رفضت الفكرة لأنها رأت أنها ستشغلهم عن تحصيل الدروس فأمرت بعدم إصدار المزيد من الأعداد، وأمام معارضة الأسرة نقلا نشاطهما من المنزل إلى المدرسة، فزاد قُراء المجلة من خمسة أفراد في البيت إلى 300 طالب من تلاميذ مدرسة المنيرة الابتدائية.
عاصر التوأم العديد من الأحداث الفارقة في تاريخ مصر، فيروي مصطفى أمين في مذكراته "من واحد لعشرة"، أنه رأى وشقيقه علي صفية زغلول ومعها نخبة من سيدات المجتمع وهن يتولين إعداد قائمة كبيرة باسم كل محل إنجليزي أو شركة أو مطعم من الإسكندرية إلى أسوان، وطبعتها بآلاف النسخ وتوزيعها على الشعب كرد فعل على اعتقال سعد زغلول في شهر مارس من عام 1919.
مع عَيش التوأم في بيت الأمة تعلما حُب القراءة، فكانت صفية زغلول ترفض أن تمنح مصطفى أو علي النقود حتى يذهبا إلى السينما، إلا إذا رتبا كُتب سعد زغلول، فظلا ساعات في مكتبته يزيلان ترابها ويرتبان الكُتب، ليجدا نفسيهما ينجذبان إليها، حتى قال مصطفى أمين في مذكراته: "أصبحت أحس أنهم أصدقائي".
بعد وفاة زغلول عام 1927، سافر مصطفى إلى الولايات المتحدة وحصل على شهادة في العلوم السياسية بجامعة جورج تاون وحصل على الماجستير عام 1938، ودرس علي الهندسة بإنجلترا وحصل على البكالوريوس في 1936، ثم عادا إلى مصر وأسسا جريدة "أخبار اليوم" التي وزعت آلاف النسخ وحققت انتشارًا هائلًا في المحافظات آنذاك.
فيديو قد يعجبك: