لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وزير الأوقاف في المؤتمر الدولي لمسلمي روسيا الاتحادية: الأخلاق ميزان اعتدال الحضارات

03:51 م الخميس 10 ديسمبر 2020

الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

كتب- محمود مصطفى:

أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، على أن الأخلاق ميزان اعتدال الحضارات واستقامتها وأن انحدار الأخلاق في أي أمة إيذان بانهيار حضارتها، والأخذ برأي أهل الاختصاص مطلب شرعي.

وقال وزير الأوقاف -في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور هشام عبدالعزيز أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالمؤتمر الدولي الذي تنظمه الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية تحت عنوان: "الأخلاقيات الدينية في عصر الوباء"- إن للمحن والشدائد آدابها، ومن أهمها: الأدب مع الله وحسن الرجوع إليه، فزمن المحن هو زمن التوبة والأوبة إلى الله (عز وجل)، حيث يقول الحق سبحانه: "لَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا"، فهو وحده القادر على كشف الضر ورفع البلاء، حيث يقول سبحانه: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ الله قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ".

وتابع: منها الأدب مع الخلق بالتراحم والتكافل، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ"، وفي الحديث القدسي: "إنَّ الله (عزَّ وجلَّ) يقولُ يَومَ القِيامَةِ: يا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أعُودُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟ قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْه، أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قالَ: يا رَبِّ وكيفَ أُطْعِمُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟ قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلكَ عِندِي، يا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أسْقِيكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟ قالَ: اسْتَسْقــاكَ عَبْدِي فُـلانٌ فَلَمْ تَسْـقِهِ، أما إنَّكَ لو سَقَـيْتَـهُ وجَدْتَ ذلكَ عِندِي".

ومنها: عدم المتاجرة بالأزمات، من الاستغلال والاحتكار والأنانية والشـره في الشراء وتخزين السلع فوق الحاجة الضرورية، ونحو ذلك، فاستغلال حوائج الناس إثم كبير يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى الله أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ"، فديننا دين الإيثار لا الأثرة، حيث يقول الحق سبحانه: "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا في الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ"، ومنها: ترشيد الاستهلاك، وإذا كان ترشيد الاستهلاك مطلوبًا كنمط حياة، فإن الأمر يكون ألزم وأولى في أوقات الشدائد والأزمات.

وأضاف وزير الأوقاف قائلا: ومنها طاعة ولي الأمر ومن ينوب عنه من مؤسسات الدولة فيما يتصل بتنظيم شئون الحياة ومواجهة الكوارث والأزمات، إذ لا يصلح الناس فوضى لا مرجعية لهم، ولا يمكن أن تكون هذه المرجعية هي صفحات التواصل غير الرسمية ومن غير أهل الاختصاص، فالمرجعية لأهل الاختصاص ممن تقع عليهم مسئولية إدارة الأزمة، ومن ثمة فإننا نؤكد أن الالتزام بتوجيهات جهات الاختصاص في مواجهة المحن والشدائد والأزمات واجب شرعي ووطني وإنساني، ومنها: تعظيم العادات الإيجابية كالنظافة والطهارة والمواظبة على غسل الأيدي ونحو ذلك.

وتابع قائلا: ومنها التخلص من العادات غير الحسنة كالمعانقة، فقد قال الإمام مالك بكراهتها أصلا، وقال أحمد بن غنيم المالكي في الفواكه الدواني: وكره مالك المعانقة ، ونسب الطحاوي ذلك أيضا إلى الإمامين أبي حنيفة ومحمد، وقال زين الدين ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: "وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ غَيْرِهِ وَمُعَانَقَتُهُ وَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ"، وتكره عند الشافعية إلا لقادم من سفر، قال شمس الدين محمد بن أحمد الشربيني الشافعي: وَتُكْرَهُ الْمُعَانَقَةُ وَالتَّقْبِيلُ فِي الرَّأْسِ إلَّا لِقَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ، أَوْ تَبَاعُدٍ لِقَاءً عُرْفًا، وقالت الحنابلة بإباحتها، قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: "وَتُبَاحُ الْمُعَانَقَةُ وَتَقْبِيلُ الْيَدِ وَالرَّأْسِ تَدَيُّنًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا"، على أن القول بإباحة المعانقة عند من أباحها مقيد بما لم يكن هناك داء يخشى نقله من خلالها أو بسببها، ومعلوم لدى الجميع أن درء المفسدة ولو محتملة مقدم على المباحات وحتى المستحبات، ولَك في أوقات السعة أن تأخذ بأي الآراء شئت من غير أن ينكر من أخذ برأي على من أخذ برأي آخر، فمعلوم أنه لا إنكار في المختلف فيه، إنما ينكر على من خرج على المتفق عليه عند أهل العلم المعتبرين في ضوء مراعاة ظروف الزمان والمكان والأحوال، أما النوازل فلها أحكامها المعتبرة.​

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان