إعلان

تجدد الجدل بشأن طريقة التناول بعد عودة الكنائس للإغلاق.. والبابا يعقِّب

03:46 م الإثنين 07 ديسمبر 2020

مصراوي:

تسود الأوساطَ القبطيةَ حالة من الجدل حول آلية التناول داخل الكنائس؛ بعد قرار الكنيسة وقفَ القداسات والخدمات الكنسية لمدة شهر، في ظل انتشار الموجة الثانية من فيروس كورونا؛ حيث تجددت المطالبات بشأن إعادة النظر في استخدام المستير (ملعقة التناول) في عملية التناول داخل الكنائس.

ويعد التناول أحد أهم أسرار أو طقوس الكنيسة، اكتسب أهميته من تأسيس السيد المسيح له في العشاء الأخير مع تلاميذه قبل تسليمه وآلامه؛ حيث يتمثل في "خبز وخمر"، والخبز هو القربان؛ ولكنه يكتسب صفة "جسد المسيح" بعد إقامة صلاة القداس عليه، والخمر هو عصير الكرم، والذي يكتسب صفحة دم المسيح أثناء صلاة القداس؛ حيث قال المسيح لتلاميذه- وَفق نص الإنجيل-: "خذوا كلوا هذا هو جسدي الذي يقسم عنكم وعن كثيرين.. وخذوا اشربوا هذا هو دمي الذي يسفك عنكم وعن كثيرين.. اصنعوا هذا لذكري"؛ ومن ثمَّ بات التناول هو السر الرئيسَ الذي يقوم عليه القداس تذكارًا للسيد المسيح.

ومع حلول الموجة الأولى لفيروس كورونا وإلغاء القداسات، أقام الكهنة قداسات خاصة داخل الكنائس وزاروا المنازل لمناولة الشعب، وكان التناول بغمس الخبز في الخمر دون استخدام للمستير (ملعقة التناول)، إلى أن عادت مع عودة القداسات مجددًا.

وقال قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، إن طقس التناول موجود كما هو، رغم أزمة كورونا، موضحًا أن الطقس داخل تحت ثوابت العقيدة.

وأضاف البابا تواضروس الثاني، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "كلمة أخيرة"، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي عبر فضائية "ON"، مساء أمس الأحد، أن الفكرة في وجود تجمع من الناس، قائلًا إن تقليل التجمع يقلل من احتمالات الإصابة بـ"كورونا".

ونفى البابا نقل طقس التناول العدوى بفيروس كورونا، معلقًا: الكنيسة تعيش به لمدة 20 قرنًا من الزمان، والفكرة في تجمع الأشخاص ووجودهم إلى جوار بعضهم.

وأوضح البابا أن الفعاليات التي تشهد تزاحمًا من المواطنين مرتبطة بأيام الأعياد أو المواسم، مضيفًا أن الشهر القبطي بعد ثلاثة أيام يحدث به تزاحم؛ بسبب حب السيدة مريم العذراء.

وفي حوار سابق للبابا مع إحدى الصحف، قال: "لم‏ ‏نفكر‏ ‏في‏ تغيير طقس التناول‏ ‏ولم‏ ‏نناقشه‏ ‏في‏ ‏اجتماعات‏ ‏اللجنة‏ ‏الدائمة‏ ‏للمجمع‏ ‏المقدس؛ ‏ولكنه‏ ‏أمر‏ ‏وارد‏.. ‏وإن كان‏ ‏التناول‏ ‏بالمستير‏ ‏لم‏ ‏يتسبب‏ ‏في‏ ‏أي‏ ‏إصابة‏ ‏بمرض‏ ‏على امتداد‏ ‏تاريخ‏ ‏الكنيسة‏، ونحن‏ ‏في‏ ‏الظروف‏ ‏المرضية‏ ‏يناول‏ ‏الكاهن‏ ‏المريض دون‏ ‏استخدام‏ ‏المستير‏، ‏وفي‏ ‏ظل‏ ‏الظروف‏ ‏المرضية‏ ‏التي‏ ‏نعيشها‏ ‏هذه‏ ‏الأيام‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يطرح‏ ‏هذا‏ ‏للمناقشة‏، ‏فمسيحيتنا‏ ‏ليست‏ ‏جامدة‏، ‏وطقوسنا‏ ‏لا‏ ‏تستمد‏ ‏من‏ ‏أفكار ‏بل‏ ‏مما‏ ‏تسلمناه‏ ‏من‏ ‏الآباء‏، ‏ومن‏ ‏إرشاد ‏الروح‏ ‏القدس‏ ‏العامل‏ ‏فينا‏، ‏وليس‏ ‏ثمة‏ ‏ما‏ ‏يمنع‏ ‏من‏ ‏استخدام‏ ‏نتاجات‏ ‏العقل‏ ‏والتطور‏ ‏والتقدم‏ ‏في‏ ‏تسيير‏ ‏أمور‏ ‏كنيستنا‏ ‏دون‏ ‏المساس‏ ‏بعقائدنا‏ ‏وأساس‏ ‏إيماننا‏ ‏المستقيم‏".

من جهته، أكد الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة والعدوة، أن الكنيسة على مدار مئات السنين الكلام في المسلمات الإيمانية يحيطه محاذير، مشددًا على أنه يجب على من يتكلم على هذا الأمر أن يتكلم بحرص شديد.

وقال الأنبا أغاثون خلال إحدى عظاته في أعقاب أزمة كورونا: "إن إيمان الأطفال أحسن من إيمان الإكليروس (الرتب الكهنوتية) في هذا العصر"، لافتًا إلى أن المشكلة من وجهة نظره أن الناس تناقش الأسرار بشكل علمي وهو أمر غير صحيح، على حد قوله.

وأوضح الأنبا أغاثون أن في سر التناول هناك القمح الذي يتم إعداده إلى قربان، ومثلها العنب الذي يتحول إلى خمر، ومثلها رفع الحمل، كلها أمور إذا تم التركيز عليها فمن الممكن أن تشك باحتمالية نقل العدوى في أي مرحلة منها.

وأكد أن جسد الله لا يمكن أن ينقل العدوى، حتى نطالب بتغيير "المستير"، لافتًا إلى أن الرسل سلموا الآباء طريقة تدشين المستير، تقول: "مجدًا وكرامة وقوة ونور وتقديس" وهو ما يعكس مدى إيمان المسيحيين بذك السر، مشددًا على أن التناول للوقاية ولحفظ حامله ولشفاء المرضى دون أدنى شك في أنه قد ينقل عدوى، وفي نهاية الصلاة التي يصليها سرًّا: "يعطى عنا خلاصًا وشفاءً".

وأشار الأنبا أغاثون إلى أنه على مدار التاريخ لم تسجل أي حالة نقل عدوى عن طريق الأسرار المقدسة، ولم يتكلم أي رجل من الإكليروس عن أسرار الكنيسة وكونها تنقل العدوى.

وفي المقابل، أكد الدكتور كمال زاخر، المفكر القبطي، أن الوضع في ما يخص التناول استقر بعد الموجة الأولى لـ"كورونا"، على أن تتخذ كل إبراشية قرارها في هذا الشأن، مضيفًا: "أثير من تيار داخل الكنيسة فكرة تغيير الطريقة نفسها على اعتبار أن الإيمان لا يرتبط بالأداة قدر ارتباطه بالمفهوم، وبالتالي استخدام المستير ليس مرتبطًا بالتناول نفسه؛ خصوصًا أنه بدأ استخدامه في القرن الرابع الميلادي مع القديس يوحنا ذهبي الفم، ومن ثم فالكنيسة استمرت ٤ قرون لا تستخدم المستير".

وأضاف زاخر، خلال حديثه إلى "مصراوي": "في أي ميدان فكري يوجد المتشددون والمستنيرون، والمتشددون قالوا إن أي شخص يروج لتغيير المستير يخالف ما يُسمى بالتسليم الكنسي، ومع الموجة الثانية فالأمر يستوجب مراجعة الموقف للوصول إلى ما هو أفضل، لما فيه مصلحة الناس".

وتابع المفكر القبطي: "الموضوع ليس في كيفية التناول قدر ما هو مرتبط بالسلوك نفسه؛ فالأمر يحتاج إلى مراجعة، وبعض الكنائس تضع حلًّا للموضوع بتقليل العدد وليس تغيير طريقة التناول، فالقضية ليست عقائدية قدر ما هي قضية سلوك".

وشدد زاخر على أن السلوك يحتاج إلى تركيز إعلامي من الإعلام الكنسي، سواء من خلال الوعظ أو آلية التعليم الموجودة ولا نملك الرفاهية في ذلك.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان