"مصيرك داخل صندوق".. رحلة حاملي عينات "كورونا" من المستشفيات لمعامل الصحة
كتب - أحمد جمعة:
تصوير - محمد حسام:
لـ 4 سنوات كاملة؛ عمل أحمد عبدالرحمن مندوبًا لمستشفى الصدر بالعباسية إلى المعامل المركزية بوسط القاهرة. تقتصر مهمته على حمل "صندوق العينات" وتوصيله إلى المعامل حيث يجري تحليلها، لكن مرات ذهابه إلى هناك ازدادت على نحو لم يعتده خاصة في الفترة الأخيرة تلك التي توسعت فيها دائرة الاشتباه في المصابين بفيروس كورونا المستجد، وتردد المواطنين على مستشفيات الحميات والصدر على مستوى الجمهورية؛ للاطمئنان على أنفسهم.
إضافة إلى "عبدالرحمن" فهناك الكثير من المندوبين الذين تُرسلهم المستشفيات والمديريات الصحية إلى المعامل المركزية، ومعهم عينات "فيروسية ووبائية" مختلفة بحاجة إلى تحليلها، لكن مع تزايد عدد عينات المُشتبه بإصابتهم بـ"كورونا"، قررت وزارة الصحة زيادة عدد المعامل إلى 21 على مستوى الجمهورية، ورغم ذلك لا يزال توافد عبدالرحمن وبعض رفاقه مستمرًا.
عندما يحين موعد ذهاب "عبدالرحمن" إلى المعامل يتخذ عددًا من الإجراءات الوقائية اللازمة للأمر: "بغسل إيدي وأعقم نفسي وألبس جوانتي وكمامة"، قبل أن يتسلم "البوكس" ويدخل إلى سيارة الإسعاف المخصصة لتلك المأمورية، في رحلتهم المعتادة، فيما يتوقف عدد مرات ذهابه وفق حالات الاشتباه التي يجري سحب عينات منها: "ممكن أروح في اليوم مرتين أو 3 مرات على حسب الحالات بس لازم أروح كل يوم"، حتى في عدم تواجده يذهب شخص آخر مكانه.
الصندوق الذي يحمله عبدالرحمن "مُعقم 100%" ويحتوي على عدد مختلف من العينات في كل مرة: "ممكن يكون فيه 5 أو 15 على حسب الحالات اللي استقبلها المستشفى، وأغلبها بتكون عينات اشتباه بكورونا حاليًّا".
وفي المعامل يجري إيداع ما فيه الصندوق الطبي بوحدة استلام عينات الوبائيات والفيروسات، متضمنًا بيانات المرضى لإدراجها في نتيجة التحاليل.
لا ينتظر مندوب مستشفى صدر العباسية كثيرًا داخل المعامل "بودي العينات إلى الاستلام في الدور الأرضي، وأوقع عليها وأمشي"، فيما يعود من جديد إلى المستشفى لتكرار تلك الرحلة مجددًا، لكن قبل ذلك يُعيد تعقيم نفسه: "بطهر نفسي والبوكس تاني بشكل كامل".
قليل من الحالات المصابة بين عينات مستشفى الصدر تلك التي ثبت إيجابيتها معمليًّا، خاصة التي ذهب بها عبدالرحمن إلى هناك وسمع بها لاحقًا: "عرفت إن فيه عينات قليلة جدًا من اللي كانوا معايا طلعوا إيجابي"، إذ أن نتائج التحاليل يتم إرسالها إلى المستشفيات مباشرة "لا أتسلم النتائج، ويتم إبلاغ مدير المستشفى بها".
ينظر عبدالرحمن إلى عمله بمسؤولية مُضاعفة: "بكون ماشي بمصير ناس، بحط نفسي مكان الشخص اللي منتظر يعرف هيروّح بيتهم ولا يروح العزل"، مستندًا في ذلك على دعوات أسرته: "عيالي طول الوقت بيقولولي خلي بالك من نفسك وأنا بحافظ عليهم في النهاية"، ولعل ما زاد الأمر قلقًا تلك الإجراءات الاحترازية المشددة ضمن خطة مواجهة فيروس كورونا: "الأزمة صعبة ولازم نقف فيها كلنا مع بعض حتى نمر من هذه المِحنة".
التطهير من بين الأمور التي يهتم بها وليد قبل وبعد توصيل صندوق العينات: "التعقيم والتطهير أهم حاجة؛ لأنه أمان لنفسي وأمان للعربية اللي طالع معاها، وبعد كل مشوار العربية كلها يتم تطهيرها بشكل كامل بكلور"، وإلى جانب ذلك يستعمل "الكحول" فضلًا عن الكمامة والقفازات الطبية: "أستعمل 10جوانتيات حتى تسليم العينات؛ لأننا نتعامل مع عينات فيروسات ولازم يكون عندنا وقاية كافية"، كما يُلزم السائق بتلك الإجراءات: "بعد ما نسلم اللي معانا بنطهر نفسنا بكحول وغسيل بالمياه والصابون أنا والسائق".
لا يوجد عدد معين من العينات يُجبر "وليد" على الذهاب به إلى المعامل بالقاهرة: "ممكن أروح 4 أيام على حسب حالات الاشتباه، ممكن 4 أو 5 حالات وأكتر يوم كان 13 حالة"، فيما تصل النتائج إلى مديرية أسيوط عن طريق الفاكس: "بنحاول نودي العينات بسرعة علشان منعلقش مصير الناس معانا"، ففي حال ثبت إيجابية تحليل أحد المرضى بفيروس كورونا يتم نقله بسيارة إسعاف مجهزة إلى مستشفى العزل، وإذا كان سلبياً يتم إعطاؤه الأدوية المناسبة ويعود إلى منزله من جديد.
لم يشغل القلق من الإصابة بـ"كورونا" بال وليد أو يشتت انتباهه عن عمله: "لو كل واحد هرب من شغله محدش هيواجه الفيروس"، لكنه استمع إلى نصائح الوزارة باتخاذ الإجراءات الوقائية: "بنحرص على تطهير نفسنا وكمان باخد أغذية بتقوي المناعة.. ربنا يعدينا من الأزمة دي".
لم يختلف الأمر كثيرًا مع ياسر عبدالظاهر، مندوب مستشفى حميات إمبابة، فهو مندوب المستشفى إلى المعامل منذ 4 سنوات، وبات معروفًا لدى الجميع هناك، إلى جانب عمله سائقًا داخل المستشفى.
مع زيادة عدد الحالات التي تستقبلها الحميات، زادت العينات التي تذهب إلى المعامل: "تقريبًا بروح كل يوم، وممكن يوم ويوم، وفي بعض الأحيان حد بيروح بعينات في الفترة المسائية"، وما إن تجهز تلك العينات يتم رصها في الصندوق الطبي ويحمله ياسر دخل سيارة الإسعاف إلى المعامل.
ومع ذلك؛ جرى التشديد على الجميع داخل المستشفى باتخاذ سبل الوقاية منعًا لنقل العدوى: "شددوا علينا الفترة الأخيرة، لازم الجوانتي والمطهر معايا على طول، والماسك على وشي ضروري برضه"، وفي الكثير من الأحيان لا يقتصر الأمر على كورونا: "ممكن يكون اشتباه في إنفلونزا الطيور، أو الإيدز، أو أمراض فيروسية أخرى".
تخضع العينات الواردة من المستشفيات والمحافظات لتدقيق خاص، فلا مجال لخطأ 1%" وفق ما تقول مديرة وحدة استلام عينات الوبائيات والفيروسات رحاب راشد، مضيفة: تكون مع العينات بيانات المريض ويتم تسجيلها على "السيستم الإلكتروني" وإرسالها إلى المعمل؛ لتحليلها، وعندها تنتهي مهمة "المندوبين والوحدة" على حد سواء؛ لينتظر الجميع إرسال النتائج تباعًا.
فيديو قد يعجبك: