"الأزهر للفتوى": طاعة ولي الأمر والصبر على الشدائد من آليات صنع الأمم العظيمة
كتب - محمود مصطفى:
دعا مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إلى طاعة أولي الأمر والمتخصصين واتباع الاجراءات الاحترازية التي تنظمها الدولة المصرية، والصبر على ابتلاء الله تعالى، والذي جعل الابتلاء للعظة والعبرة.
وقال مركز الأزهر للفتوى في تقرير ، اليوم الجمعة ، "إنَّ الأمم العظيمة وكذلك الأفراد العُظماء، لا تصنعهم الأفراح والأيام السَّعيدة، وإنَّما تصنعهم المِحن والشَّدائد التي تفيقهم من غفلتهم، وتُقوِّم سلوكهم، وتشحذ هممهم، وتفجِّر طاقاتهم، وتفتح لهم أبواب النَّهضة والتَّقدم؛ ليكون الإنسان بحق كما أراد له الله تعالى خليفة في أرضه قويًّا عزيزًا حامدًا شاكرًا مُعتصمًا بحبل الله".
وأضاف:إنَّ مِن حِكمة الله تعالى ورحمته أنَّ كلَّ شيء في حياتنا الدُّنيا يبدأ صغيرًا ثم ينمو ويكبر، إلَّا المُصيبة فإنها تبدأ كبيرة ثم تتضاءل وتصغر، وإنَّه مهما كانت شدَّة المُصيبة، أو الكارثة، فإن التَّحلي بالصَّبر، والاستعانة بالله تعالى، وإدراك حكمته في الابتلاء؛ يُساعد المرء على اجتياز مِحنَته، وصدق الله إذ يقول: {..وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [سورة لقمان: 17]» ، و« القاعدة الذَّهبيَّة التي أرساها الإسلام في مواجهة الشَّدائد والمخاوف وسائر أحداث الحياة الدُّنيا وأزماتها، هي سعي المرء إلى إصلاح وتغيير ما يمكن إصلاحه أو تغييره، والرِّضا بما لا يمكن إصلاحه أو تغييره مُحتسبًا ذلك عند الله مُتوكلًا عليه».
وأشار المركز إلى ما جاء في كتاب "كيف نُواجه الشَّدائد والمخاوف في ضوء الكتاب والسُّنَّة» للراحل المُستشار الدُّكتور مُحمَّد شوقي الفنجري" خلال عرضه له في إطار مشروعه التثقيفي "حكاية كتاب" من أنَّ تجاوز الأزمات مهارةٌ، ووَعيَ دروسِ المِحن توفيقٌ، لا يصل إليه إلَّا من نظر للشِّدة بعين بصيرته، ورأى المِنَّة في محنته، وأخذ بأسباب نجاته، ثمَّ لم يرجع بعد انجلائها إلى سابق عهده دون فوائد أو عِظات.
وقال المركز إن عُنوان الكتاب احتوى على مواجهةِ الشَّدائد، وصدِّها، ووَصَفَ الكتابُ السَّبيلَ إلى ذلك مُستهديًا بنور الوحي الشَّريف قرآنًا وسنَّة ، كما أنه طرق العديدَ من المعاني الإيمانية المُتعلقة باليقين والإيمان، والابتلاء والامتحان، والقضاء والقدر، والخير والشَّر، ووَصَفَ ردَّات فعل العِباد إذا أظلتهم الأزمات، وحدَّد تعاملهم الأمثل حين وقوع البلاءات .
وأشار إلى أن المؤلف بيَّن أنَّ النَّاس في مُواجهة الشَّدائد صنفان، الأول: صابرٌ مثابٌ، وأهل هذا الصّنف هم أصحاب العقيدة الرَّاسخة، والإيمان الخالص ممَّن عناهم الله تعالى بقوله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [سورة البقرة: 156، 157]، والصِّنف الثَّاني: ساخطٌ ملامٌ، وأهله هم ضِعاف العقيدة، قليلو الإيمان ممن عناهم الله تعالى بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [سورة الحج: 11]
كما أكَّد المُؤلِّف العديد من المعاني منها أن الأخذ بالأسباب الماديَّة والرُّوحية أهمّ أدوات مُواجهة البلاء، وأن منهج الإسلام في التَّعامل مع الشَّدائد والمخاوف منهج وسط؛ بعيد عن اليأس والتَّواكل، خالٍ من الإفراط والتَّفريط ، وأن الإسلام واجه الشَّدائد بالإعداد النَّفسي لمواجهتها، وتصويب المفاهيم الخاطئة حيالها، وبيان حقيقتها وطبيعة النَّفس البشريَّة إزاءها، ومُعالجة هذه الطَّبيعة بما يقي المُسلم شرَّ البلاء، وبما يجعله مُقبلًا على الحياة، راضيًا عن الله، مُستبشرًا بالفرج القريب، دون أن تحبطه المصائب أو تنغصه الشَّدائد .
وأوضح المؤلف أن أكثر ما يخافه النَّاس من أنواع البلاء ثلاثة: (الموت، والجوع، والمرض) وكلها بيد الله، وليس للإنسان فيها حيلة إلَّا الكسب من تداوٍ عند المرض، وسعي في طلب الرزق عند الجُوع، واستعداد في كل الأوقات لاستقبال الموت .
وخَلَص الكاتب إلى أنَّ مُشكلات العالم؛ بل مشكلات الحياة الدنيا وأزماتها ومآسيها المستمرة والمتلاحقة ترجع إلى سبب رئيس هو طغيان المادة، ورغبة بعض الأفراد وبعض الدول في السيطرة والتحكم والاستئثار بخيرات المجتمع والعالم دون وازعٍ، أو ضمير؛ لافتًا النَّظر إلى أنَّ الإيمان وحده هو الذي يُحرِّر الإنسان من أسر الخوف والقلق.
ووجِّه المؤلف في ختام كتابه إلى فضيلة الإنفاق في سبيل الله، ومساعدة الآخرين حين نزول البلاء، ومدّ يد العون لهم؛ لِمَا للإنفاق والمساعدة والتَّراحم من فضائل؛ إذ هي حصن الإنسان من مختلف الشَّدائد، وبها يُنال رضا الله سبحانه، ويُدفع الضُّر، وتنقضي حاجات الدُّنيا والآخرة.
فيديو قد يعجبك: