مصراوي داخل عمليات الإسعاف.. أول خط استطلاع كورونا (معايشة)
كتب - أحمد جمعة:
تصوير – نادر نبيل:
فيديو- أسماء يسري:
لا ينقطع ضجيج الاتصال داخل غرفة عمليات هيئة الإسعاف المصرية طوال اليوم، اعتاد العاملون عليه وأصبح جزءًا رئيسياً من حياتهم، لكنه زاد مؤخرًا بزيادة حالات الاشتباه في الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، والتي تتطلب سيارة لنقلها إلى المستشفى منعًا لانتشار العدوى.
بين نحو 40 شخصًا موزعين على غرفتين متلاصقتين، كان وائل عبدالله، مشرف أول غرفة العمليات بالقاهرة، يوزع المهام على العاملين معه، في فترة يراها لم يسبق لها مثيل في سنوات عمله الممتدة لعشرين عامًا "هذه أكبر أزمة صحية أتعامل معها بعد إنفلونزا الطيور"، لكنه استفاد من خبرات الأحداث المتتالية التي شهدتها مصر منذ 2010 "عايشنا ثورتين وتعاملنا مع أحداث كثيرة، ونعرف كيف نتعامل مع مثل هذه المواقف".
يشرح وائل كيلاني مشرف غرفة الجيزة، الآلية الإدارية للعمل: غرفة عمليات الإسعاف منوط بها كل خدمات الإسعاف على مستوى القاهرة الكبرى (القاهرة - الجيزة - القليوبية)، وفيها يتم تقسيم المحافظات إلى 8 قطاعات: 4 بالقاهرة، و3 بالجيزة، و1 بالقليوبية، مع تزايد سيارات إسعاف تناسب الكثافة السكانية وتزايد البلاغات.
يسير خط سير بلاغ الاشتباه في كورونا بشكل منفصل عن باقي البلاغات، عبر الاتصال بالخط الساخن الذي خصصته الوزارة لتلقي الاستفسارات "105"، والتي يجري تنقيحها، ثم إبلاغ هيئة الإسعاف عبر خط البلاغات أو اللاسلكي حال تطلب الأمر نقل الحالة إلى مستشفى الحميات، والتي بدورها تستقبله ثم تُحيله إلى أقرب تمركز لتبدأ السيارة في التحرك إلى هناك، إذ جهزت الهيئة 10 سيارات إسعاف في قطاع من القاهرة الكبرى لنقل حالات كورونا.
يقول وائل عبدالله: في حالات الاشتباه بكورونا في محافظة الجيزة يكون الإخلاء على مستشفى حميات إمبابة أو الصدر، وفي القاهرة يتم الإخلاء على مستشفى حميات العباسية أو الصدر، وفي منطقة حلوان يتم الإخلاء على حميات حلوان. وجرى إدراج مستشفيات الحميات والصدر على مستوى الجمهورية ضمن منظومة مواجهة فيروس كورونا، كمستشفيات فرز وإحالة لمستشفيات العزل البالغ عددها إلى الآن 12 مستشفى.
يجري التشديد على الفريق المتواجد بسيارة الإسعاف باتخاذ كافة الإجراءات الوقائية "نعطيهم الأمر عبر اللاسلكي، ليرتدوا الطاقم الأصفر والماسك والجوانتي والنظارة الطبية"، حماية لهم في المقام الأول. أما إذا كانت الحالة الإيجابية لكورونا فتكون هناك إجراءات أكثر تشديدًا "يتم إرسال سيارة خاصة، بها فريق مُدرب، ويتم ارتداء كافة الملابس الواقية"، مع إبلاغ الفريق بكافة بياناتها وحالتها الصحية، فضلًا عن الاتصال بالمريض وإخباره بالقدوم لنقله إلى مستشفى العزل "علشان يعمل حسابه وننقله بكل هدوء".
يوم بعد يوم تزداد بلاغات الاشتباه التي تتلقاها غرفة الإسعاف بشأن كورونا "الشغل زاد. نستقبل حالات اشتباه كتير الأيام اللي فاتت"، ليصل المتوسط اليومي لعدد البلاغات نحو 300 بين اشتباه وحالات مؤكدة بالقاهرة الكبرى تُنقل إلى مستشفيات العزل، وفق مشرف غرفة العمليات.
قد يعتقد البعض أن فرض حظر التجوال خفف من عمل الإسعاف، لكن "عبدالله" أوضح أن الحظر زاد من عدد البلاغات التي تستقبلها الغرفة يوميا "مفيش وسيلة تحرك أمام المواطنين إلا الإسعاف لنقل الحالات المرضية".
ومع تزايد حالات الاشتباه لم تغفل غرفة العمليات باقي الخدمات الإسعافية أو الحوادث. يقول عمرو عبدالرحمن مسؤول جهاز شمال القاهرة "بيكون فيه ضغط، والأولوية تكون للخدمات الإسعافية، ونحرك أقرب تمركز ونؤمن أنفسنا"، فيما يعترف أن حالات التأخير وسط هذا الضغط تكون لخدمات النقل والتي تكون من المستشفى إلى محل السكن "ممكن تستنى شوية لو فيه شغل كتير".
وهذا ما ذهب إليه كيلاني بالقول ضاحكًا: "بقينا شغالين خدمات إسعافية واشتباه كورونا، وهيئة نقل عام وقت الحظر"، وفي نظره فإن زيادة حالات الاشتباه مؤخرًا بكورونا سببه القلق المتزايد من الإصابة بالفيروس "كل اللي بيكح أو يعطس عاوز يتأكد إنه مش كورونا ويضطر نحوله اشتباه".
يعمل عبدالرحمن ومن معه بنظام الوردية 24 ساعة ليومين أسبوعياً، وهو النظام المعتاد منذ سنوات، أيضًا كانت كورونا أكبر الأزمات الصحية التي عايشها داخل عرفة العمليات "هذه أكبر أزمة منذ عملي هنا"، ومعها زاد القلق من تواجده في عمله "في بيتي خايفين طبعًا، لكن سايبنها على ربنا ونحاول نعمل اللي علينا".
وكذلك الحال مع إبراهيم عدوي مشرف قطاع وسط القاهرة، لا ينكر تأثره الشخصي بهذه الأزمة "أثرت عليا في بيتي وهما خايفين، ومش هكدب عليك"، وبالتالي كان تعامله مختلفًا عما قبل ذلك "بتعامل رسمي شوية معاهم، ولما أوصل أخلع هدومي في الحمام، وتتغسل في نفس المكان، وأحاول ألا أقابلهم عند الدخول".
يرى الرجل أننا في مشكلة لا يشعر البعض حتى الآن بخطورتها "الأعداد تزيد والناس تحس إنهم مش مستوعبين الموضوع ومش ملتزمين ومش حاسين باللي إحنا فيه".
فيديو قد يعجبك: