النبي إدريس وأبوالهول.. القصة الكاملة لمعركة تصريحات علي جمعة وزاهي حواس
كتب- محمد عاطف:
تصاعدت خلال الساعات الأخيرة، حرب التصريحات والبيانات الصحفية المتبادلة بين الدكتور زاهي حواس العالم الأثري، ووزير الآثار الأسبق، والدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الأسبق، بعد التصريحات التي أدلى بها الأخير، بتصريحات عن بناء الأهرامات رجح فيها أن النبي إدريس هو من بدأ البناء وأن تمثال أبو الهول الشهير تجسيد له.
وقال جمعة، عضو هيئة كباء العلماء في الأزهر ومفتي مصر السابق، في تصريحات تلفزيونية لبرنامج "مصر أرض الأنبياء" على التلفزيون المصري الرسمي: "هناك كثير من الأقاويل التي يرجحها العلماء، أن نبي الله إدريس هو من بدأ بناء الأهرامات وعلم التحنيط، وأن وجه تمثال أبو الهول في مصر هو وجهه".
وفور إذاعة هذه الحلقة، شن عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، هجومًا شرسًا على ما صرَّح به الدكتور علي جمعة، وأصدر بيانًا صحفيًا، قال فيه: "ليس هناك أي داعٍ لأن يتحدث رجل فقيه في الآثار؛ خصوصًا أنه تحدث بمعلومات عن الآثار لا تمت إلى العلم بصلة، بل هي معلومات رددها الكثيرون من مهووسي الآثار دون علم أو دراسة، ولا يمكن للشيخ علي جمعة أن يأتي في حديث تليفزيوني ويفتي في أشياء ليست من تخصصه، وهو لم يكتب مقالاً علميًّا واحدًا في علم الآثار".
وأضاف حواس: "ردد الدكتور مصطفى محمود، في برنامجه (العلم والإيمان)، نفس المعلومات المغلوطة التي أدلى بها الشيخ علي جمعة، ولا يزال بعض غير الدارسين يرددون هذا الكلام الذي يتساوى مع مهاويس الشهرة الذين يقولون إن الهرم بناه قوم جاؤوا من قارة أطلنتس المفقودة، وما قاله الآن هو عبارة عن ترديد لما قاله الرحالة العرب عندما جاؤوا إلى مصر في القرن التاسع الميلادي، مطالبًا جمعة بإثبات أن النبي إدريس هو أول مَن بنى الأهرامات، وأن تمثال "أبو الهول" تجسيد له".
وحول الأدلة التي يستند إليها حواس في حديثه، قال: "أولاً لدينا الأدلة الكاملة عن أن الملك زوسر هو الذي بنى أول هرم موجود لدينا، وأن الذي غيَّر البناء من الطوب اللبن إلى الحجر هو إيمحتب العبقري، ولدينا أقدم بردية عُثر عليها إلى الآن، وهي بردية وادي الجرف، والتي يتحدث فيها رئيس العمال (مرر) عن بناء هرم خوفو، وقال إن منطقة الهرم كانت تسمى (عنخ خوفو)، بمعنى (خوفو يعيش)، وأن خوفو عاش في قصر بالهرم، وتحدث عن مدة حكم خوفو، وبعد ذلك استمر بناء الأهرامات حتى بداية الدولة الحديثة".
وأضاف حواس: "أما عن أبو الهول فلا يعود، على حد قول الشيخ علي جمعة، إلى ما قبل عهد خوفو وخفرع وهذا خطأ فادح؛ لأن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن "أبو الهول" يعود إلى عهد الملك خفرع، وأن نحته تم؛ كي يظهره في شكل حورس وهو يتعبد إلى الإله رع، والذي يظهر في المعبد الكائن أمام "أبو الهول"، وأن المصريين القدماء قد ربطوا بين قوة الأسد والملك، في شكل أسد يظهر وهو يطأ ويدوس أعداءه".
واستطرد حواس: "أما عن موضوع أن سيدنا إدريس هو أول من قام برسالة التوحيد، فلا يجب أن لا ننسى قبل وجود أية أديان سماوية أن ظهر لنا الملك أخناتون كأول إنسان يتحدث عن التوحيد، أما عن موضوع إدريس وربطه بأوزيريس، فهذا للأسف تم ربطه بسبب السجع اللغوي بين الاسمين، وآسف جدًّا أن أقول إن هذا هو ما ردده الدكتور سيد كريم دون علم أو دليل، وإن سيدنا إدريس لم يعلم التحنيط؛ لأن التحنيط لم يأتِ مرة واحدة بل تعلمه المصريون منذ الأسرة الأولى حين قاموا بتجفيف الجثث، ووضعوا بعض المواد على الأرجل، وبعد ذلك تطور الأمر إلى عمل أقنعة في الأسرة الرابعة، ولم يصل التحنيط إلى ذورته إلا في الأسرة 18".
واختتم حواس بقوله: "كنت أتمنى من الشيخ علي جمعة، وأنا أحبه وأقدره على المستوى الشخصي، ولكن عندما يتحدث عن الآثار، فأقول له بصدق وقوة ووضوح قف، وتراجع عن هذه الأقاويل غير العلمية والتي يرددها غير المتخصصين".
لم يصمت الشيخ على جمعة تجاه تصريحات زاهي حواس النارية وأصدر بيانًا ناريًا، وصف فيه حواس بـ"المستر"، كما جاء بالبيان الذي نشره.
وقال جمعة: "الدكتور زاهي حواس الصديق القديم الذي لم يُعَنّي نفسه بالاتصال ولم يُعَنّي نفسه بالاطلاع على البرنامج واعتمد على ما تناقلته وسائل الأعلام، ثم أراد الظهور بعد غيابه عن الساحة مدة طويلة لم نستمع فيها إلى صوته ولم نر محياه على ما قد كان عودنا - عفاه الله عنه".
وتابع: "ولو أنه اطلع على البرنامج لعلِم أننا قد فرقنا بين الروايات العلمية وبين الروايات الشعبية ولعلِم كذلك أنه برنامج يبيَّن مدى انتماء المصريين لبلادهم ومدى حبهم لها، كما أنه يبين موقع مصر التاريخى الذى قد لايلتفت إليه كثير من الناس، ولكنه لم يلتفت لكل هذا وأراد أن يلقي علينا محاضرة فى الأثار وهو أمر لم نقاربه بل ولا نريده فى برنامجنا".
كما أننا نأمل من الإعلام الوطنى أن يراعى الأغراض والأهداف وراء البرنامج من جهة ووراء من أثار هذه الزوبعة في محطة الـ BBC وغيرها ممن لبسوا الحق بالباطل وممن خلط الصحيح بالباطل لأننا في زمن نحتاج فيه إلى الوعى.
واختتم الدكتور علي جمعة بيانه بعبارة: "تحياتي مستر زاهي".
لم تنته الأزمة عند هذا الحد وأصدر حواس بعدها بيانًا يرد على جمعة لم يقنع خلاله أن يسخر من جمعة ويرد له وصفه له بالمستر، وقال حواس: "إنني لم أصدر بياني السابق إلا بعدما شاهدت الحلقة من بدايتها لنهايتها، وهالني ما شاهدته فيها من خرافات لا علاقة لها بالعلم، بناها الشيخ جمعة من روايات وأقاويل، وهو ما نتعجب من صدوره من شيخ فاضل، وكان من الصعب علي أن أتصل به بعد ما شهدته من معلومات مغلوطة في الحلقة وتخاريف".
وأضاف حواس: "كان من باب أولى أن يحدثني الدكتور جمعة قبل أن يفتي فيما ليس به علم والادعاء بمعلومات بعيدة كل البعد عن علم الآثار، ويؤسفني القول إن ما قاله لا يطلق عليه سوى خزعبلات".
وأكمل حواس: "القول بأني محتكر العلم مردود عليه بأن عصر بناة الأهرامات هو تخصصي وأنا من ثلاثة علماء فقط على دراية بتلك الحقبة وتفاصيلها التاريخية، لذا فإن ردي عليه بالأدلة والبراهين التاريخية التي ذكرتها ولا نقاش فيها، لأنها مستندة على أدلة لغوية وأثرية".
واختتم حواس: "من أعجب ما قاله جمعة هو أني بعيد عن الساحة، وتصريحي محاولة للعودة للأضواء ويبدو أن (مستر علي) لا يطالع وسائل الإعلام المحلية والعالمية التي تتسابق إلى الانفراد بلقاءات معي حول اكتشافاتي الأثرية وإنجازاتي العلمية والوثائقيات التي أقدمها هي خير سفير لمصر في العالم، وأدعو (مستر علي) ليشاهد البرامج العالمية، التي أظهر بها بعد إلحاح من القائمين عليها".
اقرأ أيضًا..
- زاهي حواس لـ"جمعة": كلامك تخاريف وخزعبلات يا "مستر علي"
- علي جمعة ردا على انتقاد حواس: "سقطة منك.. تحياتي مستر زاهي" - بيان
فيديو قد يعجبك: