مسؤول بالصحة العالمية: يجب زيادة تحاليل "كورونا" بمصر.. وتوفير دواء "ريمديسيفير" قريبًا (حوار)
حوار – أحمد جمعة:
كشف الدكتور علاء حشيش، مسؤول الأمراض المعدية بمكتب منظمة الصحة العالمية في مصر، عن توفير عدد من عبوات دواء "ريمديسيفير" في مصر قريبًا؛ لبدء استخدامه في التجارب الإكلينيكية لعلاجات مرض (كوفيد 19) الذي يسببه فيروس "كورونا المستجد".
وقال "حشيش" في حوار مع "مصراوي"، إنه من الضروري زيادة عدد تحاليل "كورونا" في مصر، مما يُمكن من الوصول إلى المرضى بصورة أسرع؛ لتتمكن السلطات الصحية من عزلهم ومنع انتقال العدوى، وحماية المصابين من تدهور حالتهم الصحية.
وبشأن توجه الحكومة؛ لتخفيف الإجراءات الاحترازية لـ"كورونا"، أيّد حشيش مبدأ "التعايش مع الفيروس؛ لأن الحياة يجب أن تستمر"، لكنه قبل ذلك يؤكد أنه من الضروري أن يكون فتح الأنشطة متوازيًا مع قدرة النظام الصحي على استيعاب الزيادة الجديدة المحتملة في عدد الحالات المُكتشفة.. وإلى نص الحوار:
ما رؤيتك للوضع الوبائي بشأن فيروس "كورونا" في مصر.. هل مستقر أم يُحاط ببعض المخاوف؟
العدد في زيادة بالطبع، والمؤشر ما زال في تصاعدٍ. دعنا نقول إن المنحنى الوبائي له 3 أضلاع "صاعد ومستقر وهابط"، وفي مصر لا نزال في مرحلة الصعود، ولكن مراقبة الصعود خلال الفترة الماضية تقول إننا نزيد بنحو 14% أسبوعيًا، وهذه الزيادة ليست كبيرة، ولم ندخل بعد في فكرة المتوالية الهندسية في الزيادات المتكررة.
بشكل عام لم نصل للضلع المسطح، لكن لا تزال الأرقام مطمئنة حتى الآن.
هل تعتقد أننا بصدد دخول مرحلة المتوالية الهندسية في زيادة الإصابات؟
في المعطيات الحالية لا أعتقد ذلك طالما هناك التزام من كل الأطراف، ومنظمة الصحة العالمية ترى أن تدخل الدولة ليس تدخلًا صحيًا فقط، بل يكون تدخلاً من جميع الأجهزة والجهات، والإجراءات الاجتماعية يجب أن تتكامل مع الإجراءات الصحية، لكي نضمن وجود تباعد مكاني ولا يوجد تزاحم لكي لا تنتقل العدوى من شخص مصاب إلى آخر سليم.
الأعداد تزيد بمعدل متوسط 200 حالة في اليوم وأغلبهم من المخالطين للحالات السابقة، وكذلك نسبة من العاملين في القطاع الصحي، ومن المشاهدات الحالية لا توجد زيادة كبيرة في مصر، لكننا نحتاج إلى الحرص لعدم وجود تراخٍ في جزء أو شبكة انتقال في مكان قد يتسبب ذلك في حدوث تفشي وبائي.
مصر أعلنت قبل أيام إجراء90 ألف اختبار لـ"كورونا".. هل هذا العدد كافٍ؟
بشكل عام لا يقتصر على مصر فقط؛ لأن طبيعة الوباء الحالي الأرقام المعلنة أقل من الأرقام الحقيقية على الأرض؛ لأن هناك حالات لم يتم تشخيصها ومرت بسلام ولم تكوِّن سلسلة إصابات أخرى.
نحن في كل الأحوال بحاجة إلى زيادة عدد الاختبارات وأن تكون مركزة وبعدد أكبر، لكن قرار زيادة عدد الاختبارات يتوقف على عدة أمور، منها: الإمكانيات اللوجستية وإمكانيات الدولة ذاتها بما في ذلك المعامل والمختبرات والفريق الطبي المدرب، والعينات والكواشف.
مصر لديها إمكانيات كبيرة وبها معامل مجهزة على مستوى المحافظات وماكينات الـPCR تم تجديدها خلال حملة 100 مليون صحة، وهي حملة أحدثت طفرة حقيقية في النظام الصحي لمصر.
مصر بها إمكانيات لزيادة عدد التحاليل، ولدينا إرشادات عامة بالحاجة لإجراء تحاليل أكثر للوصول إلى المرضى بصورة أسرع لكي نعزلهم ولا ينشرون العدوى.
هل هذه مجرد إرشادات فقط أم توصيات تتابعون تنفيذها؟
المنظمة تطلب من كل دول العالم زيادة عدد التحاليل بغض النظر عن العدد الذي وصلت إليه حاليًا، التحليل هو الخطوة الأولى؛ لتحديد الحالة، وتوجيهاتنا واضحة بزيادة عدد التحاليل لزيادة عدد الحالات المكتشفة.
وفي نفس الوقت نحتاج لأن نكون حريصين بصورة أكبر على الإجراءات المتخذة، لأنه مع ضغط إعلامي أو شعبي لزيادة عدد التحاليل، قد يحدث توسعًا غير ضروري لإجراء التحاليل دون النظر إلى تعريف الحالة والحالات المخالطة، ونجد تكدسًا كبيرًا في المعامل لتحاليل أنت في البداية تدرك سلبيتها، وبالتالي تتأخر نتيجة التحاليل الحقيقية التي تنتظرها.
يعني ذلك أنكم لستم مع فكرة "التحاليل العشوائية"؟
لسنا مع فكرة التحاليل العشوائية سوى للدراسات البحثية ولها آلية ومنهجية.
تحاليل "كوفيد 19" يجب أن تكون للمخالطين أو الذين تعرضوا لعدوى أو لديهم اشتباه في إصابة، إنما لا نستطيع إجراء تحاليل لـ100 مليون شخص، وهذا يعد إنهاكًا للنظام الصحي.
وزارة الصحة تعتمد منهجية إجراء التحاليل لمن تظهر عليهم الأعراض ولعدد محدود من المخالطين.. هل نصحتم بذلك؟
لا. يجب أن تكون التحاليل شاملة كافة المخالطين للحالات الإيجابية، أو الذين تظهر عليهم الأعراض. التحاليل تشمل أي مريض يدخل المستشفى ويعاني من التهاب رئوي، والأشخاص الذين ذهبوا للمستشفيات ولديهم أعراض إنفلونزا.
ما تعليقك على ارتفاع نسبة وفيات "كورونا" في مصر.. وما أسباب ذلك؟
نسب الوفيات لـ"كورونا" تختلف حسب الفئات العمرية، وللأشخاص الذين يعانون من أمراض أخرى بخلاف "كوفيد"، كما أن وصول الناس متأخرين إلى المستشفيات يؤخر فرص شفائهم، فلو استطعنا التعامل مع الناس في البداية ستكون نتيجة التدخل الطبي أفضل، وكلما تم تأخير وصول المرضى للمستشفى كلما أدى إلى فشل وظائف بعض أعضاء الجسم.
البعض تحدث عن وجود نتائج خاطئة لقلة من التحاليل.. ما مدى صحة ذلك؟
تشخيص "كوفيد" لا يكون خاطئًا، بل قد يُظهر التحليل نتيجة "سلبية خاطئة" وهذا له عدة أسباب، منها: أن الذي حصل على العينة شخص غير مدرب، أو تعرضت العينة للشمس، وهذا أمر وارد في أي تحليل عموما.
بشكل عام لا يوجد تحليل بدقة 100%، وهذا يعتمد على أكثر من عامل، منها: متى تم سحب العينة، قد يكون المريض من دون أعراض وقت سحب العينة، ثم بدأت تظهر عليه الأعراض بعد ذلك؛ لأن تحليل pcr يبحث في الحمض النووي للفيروس، بخلاف من حصل على العينة، هل هو شخص مدرب أم لا، بخلاف الميديا (العبوة) التي وضعت فيها.
ماذا عن آخر ما توصلتم إليه بالنسبة للتجارب السريرية على الأدوية المستهدفة لعلاج "كورونا"؟
لدينا حاليًا التجرية الإكينيكية التكافلية بين دون العالم، وهناك ما يزيد على 90 دولة تشترك في هذه التجارب ومنها: مصر.
هناك عدة محاور للتعامل حاليًا، الأول: هو إعطاء الأدوية الموجودة، ويتعامل كل مستشفى حسب إمكانياته، والثاني: "هيدروكسي كلوروكوين" الخاص بعلاج الملاريا، ثم "كاليترا" أحد أدوية الإيدز، وقد يكون معه "إنترفيرون"، وأخيرا دواء "ريمديسيفير".
مصر حاليًا لديها كلوروكين، وكالترا، وقريبًا سيتم توفير دواء "ريمديسيفير" لكي يخضع للتجارب تحت إشراف المنظمة.
لكن قبل أيام.. حذرت "FDA" من آثار جانبية لهيدروكسي كلوروكين على مرضى "كورونا"؟
هذا صحيح. لا يوجد دواء من دون أعراض جانبية. هيدروكسي كلوروكين يؤثر على كهرباء القلب ويسبب مشاكل في نبضات القلب، وبالتالي يجب الحرص عند تناول هذه الأدوية تحت إشراف طبي.
ومع ذلك، فهذا الدواء له نتائج جيدة في علاج المصابين بـ"كورونا" في مصر؛ لأنه لا يوجد دواء نهائي للعلاج، وكل هذه الأدوية لمحاولة تثبيط نشاط الفيروس.
متى نصل إلى دواء ولقاح لـ"كورونا"؟
التجربة الإكلينيكية التكافلية ميزتها أن العالم يبلغ في نفس الوقت عن النتائج، وتتم مشاركة المعلومات والبيانات مع جميع الدول، واليوم هناك تجارب على 80 لقاحًا على مستوى العالم، وأتوقع أن إنتاجه لن يقل عن عام ونصف العام من الآن، أما الدواء فقد يكون أقل من عام لو أثبت أحد الأدوية تحت الاختبار فاعليته، وجرى اعتماده.
كيف تنظر إلى الأخبار المتداولة بشأن اقتراب بعض المراكز البحثية من إنتاج دواء؟
البحث العلمي له مجرياته ووسائل نشره، والبحث مجالاته علمية وليست إخبارية، ونحتاج لقراءة الورقة البحثية ونتائجها لكي نفهم طبيعة العقار الجديد، وهذه الورقة يقرؤها المتخصصون، وليس العامة.
الحكومة تتجه؛ لتخفيف إجراءات مواجهة "كورونا".. هل هذا مطلوب أم مغامرة؟
العالم قبل "كورونا" ليس هو العالم بعد "كورونا". معظم الناس لديهم محاذير حاليًا في التعامل مع بعضهم البعض، حيث لاحظنا تخفيف الأمور الاجتماعية من التصافح بالأيدي والأحضان وخلافه، وهناك بُعدٌ مكانيٌّ بينهم وبين الآخرين، و"الناس بقت خايفة على نفسها".
الأمر الثاني يجب ضمان استمرار العمل في ظل التباعد المجتمعي، ووجود إجراءات احترازية، ومن الوارد ظهور مريض "كورونا" في بيئة العمل سواءً مصنعًا أو شركة، وينبغي أن ندرك كيفية التعامل، بحيث نقلل التعرض للعدوى، وحال وجود أماكن مكدسة بالموظفين يجب وجود تباعد بينهم.
عمومًا، من الضروري أن يكون فتح أو تخفيف الإجراءات المشددة لمواجهة "كورونا"، متوازيًا مع قدرة النظام الصحي على استيعاب الزيادة الجديدة المحتملة في عدد الحالات المُكتشفة.
من المتوقع مع تخفيف الإجراءات الاحترازية ظهور حالات جديدة، ويجب أن تكون هناك مرونة في عودة الإجراءات المشددة مرة أخرى حتى لا ينهار النظام الصحي.
نحن لا نريد أن تتوقف عجلة الإنتاج؛ لأن "الناس هتتعب أكثر لو توقف عملها"، لكن في نفس الوقت تجب مراعاة إجراءات التباعد، والنظر بدقة للإجراءات ومراجعتها طوال الوقت.
ما إرشاداتكم الفنية عند بدء تخفيف إجراءات مواجهة "كورونا"؟
"التوعية ثم التوعية ثم التوعية"، ثم وجود بيئة مناسبة لتطبيق الالتزامات، لا بد أن تجد الدولة حلًا لتقليل الزحام في وسائل النقل العام، سواء زيادة عدد مركبات النقل العام وتقليل زمن التقاطر في السكك الحديدية والمترو، وتوفير أدوات النظافة والوقاية الشخصية.
هذا دور الحكومات عن طريق سن التشريعات والقوانين، وعلى سبيل المثال: ما قامت به الحكومة بتسعير المطهرات والمستلزمات الطبية، لعدم استغلال حاجة المواطنين. هذه القرارات هي التي تنجح الدولة في التصدي للفيروس.
وهل تقترح استمرار تعطيل الأنشطة الترفيهية؟
ليس مطلوباً البدء بإعادة الأنشطة الترفيهية التي لا تسهم بشكل حاد في تقوية الاقتصاد.. الأهم أن تدور عجلة الحياة، مع الأخذ في الاعتبار أن كل نشاط صناعة في حد ذاته، وبعض الأمور التي نراها ترفيهية فهي صناعة والبعض قائم على العمل بها.
وماذا عن عودة النشاط الرياضي في مصر؟
لا مانع في عودة نشاط كرة القدم في مصر، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية للحد من عدوى فيروس "كورونا المستجد".
من الضروري الأخذ في الاعتبار عدم وجود تجمعات كبيرة، والنظر في وجود إجراءات احترازية تشمل التباعد الاجتماعي في أي نشاط، لكنه بالنظر إلى النشاط الرياضي في مصر، فمباريات الكرة تُقام منذ فترة طويلة من دون جمهور، أو بعدد محدود، وبالتالي لا توجد لدينا المشكلة التي نخشاها بصورة كبيرة. لدينا 22 لاعبًا في أرض الملعب و3 حكام وهذا العدد ليس كبيرًا.
أيضًا من الممكن السماح بحضور عدد محدود من الجمهور في الملعب، مع اتخاذ إجراءات التباعد بتوزيع هذا الجمهور على كامل مقاعد الاستاد دون تخصيص مدرج محدد لهم، بحيث ينتشرون في كل الملعب، وبالتالي فتحنا المجال للمواطنين للترفيه عن أنفسهم.
من الواجب أن ندرك ونستوعب أن الـ"كورونا" مرض، وممكن التعايش معه، وبالتالي نكون فتحنا المجال لعودة النشاط وتستمر الحياة.
هل تؤيد منظمة الصحة العالمية فكرة التعايش مع "كورونا" وتخفيف الإجراءات؟
منظمة الصحة العالمية ترى أننا سنستمر فترة طويلة بمواجهة "كورونا"، وحاليًا نحارب عدوًا مجهولًا ويسبقنا بخطوات، وما نقوم به أننا "نستخبى منه"، وسنتمكن من المواجهة عندما يبدأ إنتاج لقاح أو علاج، لكن "هنقعد نستخبى لغاية امتى؟".
من الممكن أن نتعايش بإجراءات أكثر حرصًا، لكن عجلة الإنتاج يجب أن تدور وتستمر في الدوران، "العيان لو مش معاه فلوس يجيب الدواء هيموت"، سنتعامل مع "كوفيد" كأنه إنفلونزا لحين التوصل إلى لقاح وعلاج. الحياة يجب أن تستمر.
كيف نمع انتشار وصمة "كورونا"؟
في بعض الأحداث حدثت وصمات، مثل: ما حدث مع الزملاء في الفريق الصحي أو بعض الوفيات، ولكن الأعداد قليلة وقرارات الحكومة كانت واضحة ورائعة في التعامل مع الوصمة نتيجة جهل وخوف غير مبرر. الحل الوحيد لمنع الوصمة عن طريق نشر المعلومات الصحيحة.
ما أسباب زيادة عدد الإصابات بـ"كورونا" بين الأطقم الطبية؟
نتحدث عن نحو 10% من المصابين من الأطقم الطبية. يجب أن ندرك أن مقدم الخدمة الطبية أكثر عرضة للإصابة بـ"كورونا"؛ لأنه يتعامل مع مرضى، ويجب اتباع إجراءات مكافحة العدوى، وفي نفس الوقت هم جزء من المجتمع وقد يصابون في المجتمع، وليس داخل المستشفى، وبالتالي يواجهون طريقين للإصابة.
نعكف حاليًا على دراسة هذه الأرقام وسبب حدوث الإصابة وفي نفس الوقت نعمل بقوة لتدريب وتوعية الفرق الطبية على التعامل السليم وإدارة مكافحة العدوى.
هل رصدتم إصابات بـ"كورونا" لمتعافين في مصر؟
لم نرصد ذلك.
الجدل المثار باستمرار بشأن ارتداء الكمامة الطبية.. ما الرأي العلمي في ذلك؟
الكمامة الطبية يجب أن تظل للفريق الطبي حتى لا يتعاملون مع الحالات من دون كمامات، أو الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض، لكن بعض الدول أصدرت تعميمًا بالكمامات، ومن حق أي دولة أن تصدر أي قرارات من منطلق حماية مواطنيها.
رأي المنظمة الذي خلصت له الأبحاث والتجارب العلمية، أن الكمامة تظل للفريق الطبي والأشخاص الذين يعانون من المرض.
ما أوجه الدعم الذي تقدمه المنظمة إلى السلطات المصرية؟
نعمل مع الحكومة بجميع قطاعاتها، ونقدم الدعم التقني والفني للحكومة المصرية الذي يكون عبارة عن أدلة منظمة الصحة العالمية، وسعداء أن الحكومة تطبق توصيات الصحة العالمية، كما أن هناك دعمًا فنيًا يوميًا مع الزملاء بالوزارة.
مصر كانت أول دولة في إقليم المتوسط يصل إليها كواشف، بجانب دعم التجارب الإكلينيكية، ويتم توفير كواشف وأدوات وقاية شخصية وحملات توعوية وننسق جهود الأمم المتحدة لدعم الاستجابة. مصر من الدول التي تبلغ المعلومات بصورة كاملة ومستمرة بكل شفافية.
فيديو قد يعجبك: