لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ماتت بنوبة قلبية 3000 عام.. تعرف على حقيقة "مومياء المرأة الصارخة"

07:00 ص الخميس 16 يوليه 2020

تمكن الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، والدكتورة سحر سليم، أستاذ الأشعة بجامعة القاهرة والمتخصصة في أشعة الآثار، من حل لغز "مومياء المرأة الصارخة"، من الخبيئة الملكية في الدير البحري وذلك في الدراسة التي نشرت حديثا في إحدى المجلات العلمية الدولية.

وكشف البحث الذي أجراه العالمان المصريان باستخدام جهاز الأشعة المقطعية عن تصلب شديد في شرايين القلب التاجية أدى إلى موت الأميرة المصرية فجأة بنوبة قلبية، وحفظ التحنيط المصري القديم وضعية الجسد لحظة الوفاة لقرابة 3 آلاف عام.

ورصد البحث القصة الكاملة، مؤكدا أنه في عام 1881 تم اكتشاف خبيئة الدير البحري الملكية في الأقصر، وأخفى كهنة الأسرتين 21، و22 أعضاء ملكين من أسر سابقة لحمايتهم من لصوص القبور.

واحتوت خبيئة الدير البحري الملكية على "مومياء الرجل الصارخ" والتي أثبتت الدراسات الحديثة بالأشعة المقطعية والـDNA أن "مومياء الرجل الصارخ" هو الأمير بنتاؤر Pentawere ابن الملك رمسيس الثالث، والذي أُجبر على الانتحار شنقا عقابا له على تورطه في قتل أبيه الملك رمسيس الثالث فيما يعرف بمؤامرة الحريم.

وتم عقاب الابن القاتل بعدم تحنيط جثته ولفها بجلد الغنم، ما يشير إلى أنه اُعتبِرَ (نَجِسًا)؛ وليكون مصيره الجحيم في الآخرة، في الوقت الذي كانت فيه المومياوات الأخريات ملفوفةً بالكِتَّان الأبيض ومُحنَّطةً بعناية.

كما احتوت نفس الخبيئة الملكية في الدير البحري على مومياء لامرأة تظهر على وجهها علامات الرعب والألم والصراخ وعرفت بـ"مومياء المرأة الصارخة" فرأسها مائل إلى الجانب الأيمن وساقاها مثنية وملتفة عند الكاحل في الوقت الذي كانت فيه المومياوات الأخريات مغلقة الفم ومستلقية مستقيمة الجسد.

ما حقيقة "مومياء المرأة الصارخة" وكيف ماتت؟ ولماذا تم حفظها بشكلٍ مُختلفٍ لم يُر من قبل؟ وهل لاقت مومياء المرأة الصارخة نفس مصير بنتاؤر فتم عقابها بالموت ولم تحنط بالطريقة الملكية كباقي الأميرات؟

ولحل هذا اللغز درس الدكتور زاهي، حواس، والدكتورة، سحر سليم، أستاذ الأشعة بجامعة القاهرة، "مومياء المرأة الصارخة" وفحصها على جهاز الأشعة المقطعية سيمنز والموجود في المتحف المصري بالقاهرة.

من هي صاحبة مومياء المرأة الصارخة؟

تشير الكتابات باللغة الهيراطيقية على لفائف الكتان حول مومياء المرأة الصارخة أنها "الابنة الملكية، الأخت الملكية ميريت آمون"، ومع ذلك اعتبرت المومياء غير معروفة فسميت بـ"مومياء المرأة غير المعروفه"، وكان هناك العديد من الأميرات بنفس الاسم، على سبيل المثال ميريت آمون ابنة الملك سقنن رع من نهاية الأسرة السابعة عشر 1558- 1553 قبل الميلاد)، وميريت آمون ابنة الملك رمسيس الثاني (1279-1213 قبل الميلاد) من الأسرة التاسعة عشر.

وتشير نتائج تصوير الأشعة المقطعية CT scan إلى أن مومياء المرأة الصارخة هي لسيدة ماتت في العقد السادس من العمر وجثمانها (وعلى العكس من بنتاؤر Pentawere) قد نال عناية بالغة من المحنطًين الذين أزالوا الأحشاء ووضعوا مواد باهظة الثمن مثل الراتنج والحنوط المعطرة في تجويف الجسم، واستخدموا الكتان الطاهر في لف المومياء، وبالتالي فإننا نفترض أن ظروف وفاة "مومياء المرأة غير المعروفة إىه" كانت مختلفة عن حالة بنتاؤر أو "مومياء الرجل الصارخ".

وتشير نتائج التصوير المقطعي المحوسب أن "مومياء المرأة غير المعروفة" كانت مصابة بمرض تصلب الشرايين شديد الدرجة والذي أصاب العديد من شرايين الجسد، ومرض تصلب الشرايين هو مرض تنكسي يصيب جدار الشرايين بشكل تدريجي، ما يؤدي إلى ضيق في تجويف الوعاء الدموي وانسداده، ويتم تحديد أماكن تصلب الشرايين في فحص الأشعة المقطعية كمناطق عالية التكلس داخل جدران الشرايين، والتي يمكن التعرف عليها حسب مكان الشريان.

وأسفرت الدراسات السابقة على المومياوات الملكية المصرية القديمة عن وجود تصلب الشرايين في البعض منها، وعرف الطب المصري القديم "النوبة القلبية" وربطها بالموت، فوصفت بردية الطب المصري القديم المعروفة بايبرز Ebers مخاطبة الطبيب منذ أكثر من 3500 سنة: "عندما تفحص رجلاً يعاني من آلام في معدته، ويعاني من آلام في ذراعه وصدره فهذا هو مرض (واد WAD) المرادف للنوبة القلبية)، ويجب أن تقول له أن الموت يقترب منه".

وأثبت فحص الأشعة المقطعية لـ"مومياء المرأة غير المعروفة" أنها عانت من تصلب في شرايين القلب التاجية الأيمن والأيسر وكذلك شرايين الرقبة وشريان الأبهر البطني والحرقفي وكذلك شرايين الطرفين السفليين والساقين.

كما أثبتت العديد من الدراسات السريرية في الوقت الحاضر أن مرض تصلب الشريان التاجي للقلب يعد السبب الرئيسي للوفاة المفاجئة لدى البالغين، ويوصي الطب الحديث في مثل هذه الحالة الطبية الخطيرة المماثلة لحالة مومياء المرأة الصارخة إلى إعطاء الأدوية التي تذيب جلطات الأوعية الدموية وربما قسطرة قلبية وذلك لمنع أو الحد من تلف عضلة القلب، وتفترض الدراسة أن جلطة الأوعية التاجية لـ"مومياء المرأة غير المعروفة" سببت تلف عضلة القلب ما أدى إلى موتها الفجائي.

وتفترض هذه الدراسة أن الأميرة ماتت فجأة بنوبة قلبية وهي على وضع الجسد الحالي ساقاها مثنية وملتفة عند الكاحل، وتسبب الموت في ميل الرأس إلى الجانب الأيمن وارتخاء عضلات الفك، ما أدى الى فتح الفم.

وتشير الدلائل إلى أن المتوفاه ظلت لفترة كافية لعدة ساعات على هذه الوضعية قبل أن يتم اكتشاف الجثمان فأدى التشنج الذي يعقب الموت إلى تيبس العضلات والمفاصل وإبقاء مومياء الأميرة على وضعية الوفاة هذه فلم يتمكن المحنطون من تأمين إغلاق الفم أو وضع الجسد في حالة الاستلقاء كما كان المعتاد مع باقي المومياوات.

وترجح الدراسة أن المحنطين لم يهملوا عملهم عن عمد ولكن ظروف الوفاة أدت لوضعية المومياء هذه وهو أمر غير معتاد، وأظهرت صور فحص الأشعة المقطعية أن المحنطين لم يستخرجوا مخ المومياء حيث لا يزال يرى المخ بداخل تجويف الجمجمة ولكنه يميل إلى الجانب الأيمن وذلك لوضعية الجسد على هذا الجانب عند الموت وبعد التحنيط.

وساعدت الدراسات السابقة التي قام بها زاهي حواس وسحر سليم على المومياوات الملكية باستخدام الأشعة المقطعية على تحديد ملامح التحنيط في الأسر المختلفة.

وترجح هذه الدراسة من خلال ملاحظة خصائص طريقة تحنيط "مومياء المرأة الصارخة" مثل عدم استخراج المخ أنها قد تكون ميريت آمون ابنة الملك سقنن رع من نهاية الأسرة السابعة عشر 1558- 1553 قبل الميلاد وليست ابنة الملك رمسيس الثاني (1279-1213 قبل الميلاد) من الأسرة التاسعة عشر.

وسيستكمل الدكتور زاهي حواس مع الدكتورة سحر سليم، وبقية الفريق العلمي مشروع المومياء المصري وعمل فحوصات الـDNA على مومياء المرأة الصارخة، ما قد يساعد على تأكيد هويتها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان