"الإثنين الأسود" و"معجزة أكثم".. حكايات زلزال 92 كما رصدتها الصحف المصرية
كتب- مينا غالي:
يتذكر المصريون، في مثل هذا اليوم، إحدى أسوأ الذكريات التي ضربت المجتمع المصري الموافق 12 أكتوبر عام 1992، والذي شهد فيه المصريون أعنف زلزال يضرب مصر في القرن العشرين، وتسبب في سقوط أكثر من 500 قتيلًا ومئات المصابين، بما دفع لتسميته بـ"الاثنين الأسود".
وفي خضم تلك الذكريات، يستعرض "مصراوي"، أبرز ما جاء في الصحف المصرية الصادرة في الأيام التالية للزلزال، والتي تحدثت عن الكارثة.
عنونت صحيفة "الأهرام" مانشيتها الرئيسي بـ"زلزال مدمر يهز مصر 60 ثانية، ومبارك يقطع زيارته للصين فور علمه بالنبأ".
وتضمنت الصفحة الأولى وكذلك الصفحات الداخلية بالجريدة مجموعة من المتابعات الخبرية المتمثلة في رصد الخسائر جراء الزلزال، حيث سقط في ذلك اليوم 368 قتيلا و3500 مصاب وانهيار 182 منزلًا، وتخصيص 1100 شقة لإيواء المتضررين، وإعانات مالية للضحايا تبلغ 500 جنيه لأسر المتوفي و200 للمصابين، وتشكيل لجنة لمتابعة الموقف برئاسة عاطف صدقي رئيس الوزراء حينذاك، بالإضافة لغرفة عمليات وزارة الداخلية، التي عقدت اجتماعا سريعا لإعلان حالة الطوارئ في البلاد، ووقف الدراسة لـ3 أيام.
وضمن تغطيتها، اهتمت جريدة الأهرام بـ"عمارة الموت"، وهو الاسم الذي أطلقته على العقار المنهار بشارع الحجاز والمجاور لمستشفى هليوبوليس ذو الـ14 طابقًا، ولم ينجُ منه سوى 5 من سكان العقار الأخير، لافتة إلى أن السد العالي لم يتأثر ولم ينقطع التيار الكهربي وإرسال المحطات التليفزيونية.
وأجرت الصحيفة معايشة مع الناجين من الزلزال، والذين أسرع الكثيرون منهم بالخروج من منازلهم وقت الحادث ما جعل عددًا منهم يظهرون بملابسهم الداخلية.
كما تحدثت الصحيفة عن توزيع بعض أصحاب المحال، الملابس على النساء الذين لم يتمكنوا من ارتداء كامل ملابسهم، وتدافُع المواطنين في المطار للخروج من صالة السفر بمطار القاهرة، كما ثار الرعب بين المسافرين في محطة القطار إثر فرقعة جالون وحديد محطة القطارات.
واستعرضت الجريدة موقف الدول الأخرى من تلك الكارثة، حيث سارعت عدد من الدول لمنح مصر أموالًا لمواجهة الأزمة بينما أرسلت سويسرا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا معدات وخبراء لمساعدة البلاد في ذلك، كما رصدت حدوث هزة أرضية خفيفة في الساعة الـ11:35 دقيقة ليلًا في 13 أكتوبر.
أما جريدة "الأخبار"، فقد استمرت في تغطيتها بمختلف السبل سواء الخبرية أو المعايشات أو القصص الإنسانية، لنحو أكثر من أسبوع منذ وقوع الزلزال ومتابعة آثاره.
وعنونت "الأخبار" مانشيتها الرئيسي بعبارة: "أعنف كارثة زلزال في مصر"، مع عرض 4 صور مختلفة لتوابع الزلزال والمنازل المنكوبة، كما غطت الصحيفة المؤتمر الصحفي العالمي الذي أقامه الرئيس حسني مبارك حينها، وقال فيه إن الوفيات أكثر من 500 ونأمل شفاء كل المصابين، وأشار إلى تطوير مركز الزلازل وفقا لأحدث تكنولوجيا يابانية وأمريكية، لافتا إلى أن زلزال الصين راح ضحيته 300 ألف مواطن وكان الله رحيما معنا، وأنهم مستمرون في خطة الإصلاح الاقتصادي ولن يتأخر البرنامج، فيما أوضح أن خسائر الزلزال أكثر من مليار جنيه، والحكومة أعطت كل جهدها لمواجهة آثار الكارثة والمعونات لن تغطي خسائرنا، وعبر عن حزنه لاستغلال البعض للأزمة والادعاء بأن انهيار المنازل جاء بسبب التسيب.
واستعرضت الصحيفة القصص الإنسانية المختلفة، والتي من بينها قصة "أكثم" الرجل الذي صمد لمدة 82 ساعة تحت الأنقاض فيما توفيت ابنته وزوجته وأمه، وقالت الجريدة في عنوان رئيسي: "معجزة إلهية.. في عمارة الموت: خرج أحد السكان حيا بعد 82 ساعة تحت الأنقاض".. "جندي شرطة سمعه يقول: الحقوني فاعتقد أنه عفريت، كما رصدت الصحيفة حال أسرة حصلت على شقة وطردهم الابن منها ليتزوج فيها.
وفي قصة بعنوان: "أعاد الزلزال النظر إلى الأسطى أحمد"، أبرزت الصحيفة مفارقة أن مصائب قوم عند قوم فوائد، فالاصطدام الذي تعرض له "الأسطى أحمد" كان سببا في إعادة نظره إليه، والسبب في أن تسعد الطفلة عبير بوجود "بلكونة" لأول مرة في شقتهم عقب تسلم أسرتها شقة في المساكن الجديدة التي انتقل إليها المتضررون من الزلزال، ضمن الـ1700 أسرة من الفجالة والدرب الأحمر وباب الشعرية والظاهر وبولاق الذين تسلموا مساكنهم بمدينتي السلام والنهضة، وشعور الشيخ محمد بالحياة للمرة الثانية فكانت الأولى لحظة الزلزال والثانية وقت استلام السكن الجديد.
كما أوضحت الصحيفة في أحد موضوعاتها بعنوان: في عمارة الموت.. العثور على جثة ممسكة بالتليفون، وهو يأتي في إطار معايشة الصحيفة لقصص الوفيات والناجين من الكارثة.
وفي التغطية الاقتصادية، استعرضت الجريدة تصريحًا يفيد بوجود نسخة من حسابات العملاء تحتفظ بها البنوك في مكان آخر، وكشفت عوارات التصميم حينها برصدها في تحقيق الزلزال بأن المدارس الجديدة هى التي انهارت بينما صمدت المدارس القديمة.
ومن بين المصادفات التي رصدتها وسائل الإعلام المصرية، نجاة عائلة البواب محمود عبدربه، الذي اضطرت أسرته المكونة من 8 أشخاص للمغادرة قبل الزلزال بيومين، بعدما تم طردهم إثر سجن رب أسرتهم لاتهامه بسرقة مجوهرات وأموال أحد السكان، ليكتب لهم القدر عمراً جديداً، وسط ذهول وحزن ذوي الأسر الذي لقوا حتفهم.
مواقف أخرى كتبت عنها الصحف في ذاك الوقت، ومنها طبيب يدعى حسين أبوالمكارم، الذي أكمل عملية الولادة وحده داخل غرفة عمليات كان قد بدأها قبل حدوث الزلزال بدقائق، ولم يغادر كزملائه وأنهى العملية ليخرج مولود جديد للحياة في يوم كانت الخسائر فيه تقدر بمليار جنيه.
ومن المشاهد الطريفة التي ذكرتها الصحف، رؤية فنانين بأزياء منزلية في الشوارع، بينهم فردوس عبدالحميد والفنان أحمد مظهر وغيرهما، والذين سارعت وسائل الإعلام آنذاك لنشر صور لهم، فيما اشتهر أحد الأشخاص بعد الزلزال يدعى "جلال علام"، الذي قال إنه شعر قبل الزلزال بوخزات وألم تحت جلد رأسه.
فيديو قد يعجبك: