مدبولي من باريس: مصر من أهم مستقبلي تدفقات الاستثمارات الأجنبية الفرنسية (٥ مليارات يورو)
كتب- محمد سامي:
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم الإثنين، ممثلي ٩٠ من الشركات الفرنسية، وذلك بمقر مجلس أرباب الأعمال الفرنسي "MEDEF" بالعاصمة الفرنسية باريس، بحضور الوزراء أعضاء الوفد المرافق، والسفير المصري بفرنسا، وريجيس مونفرونت، رئيس الجانب الفرنسي بمجلس الأعمال الفرنسي-المصري.
تم عرض فيلم تسجيلي باللغة الفرنسية، في بداية اللقاء، يوضح المشروعات التنموية والخدمية التي تم تنفيذها في مصر، خلال السنوات السبع الماضية.
ورحَّب ريجيس مونفرونت، رئيس الجانب الفرنسي بمجلس الأعمال الفرنسي- المصري، بالدكتور مصطفى مدبولي، معربًا عن تقديره لتلبيته الدعوة للقاء ممثلي الشركات الفرنسية العاملة في مصر، للاستماع إلى مطالبهم، والتباحث معهم بشأن سبل تعزيز الشراكات المستقبلية في العديد من المجالات؛ لا سيما الطاقة المتجددة، والنقل، والبنية التحتية.. وغيرها، داعياً رئيس الوزراء إلى إطلاع الشركات الفرنسية على أداء الاقتصاد المصري، وأهم القطاعات ذات الأولويات التي يمكن تعزيز التعاون فيها.
ولفت مونفرونت إلى تطلع الشركات الفرنسية بحماسة لتوسيع نطاق أعمالها في مصر وتعزيز الشراكات المستدامة، لا سيما في ضوء ما لمسوه خلال السنوات الماضية من جهود جادة قامت بها الحكومة المصرية لإصلاح الاقتصاد، بل ونجاحها في تحقيق معدلات نمو إيجابية خلال وباء "كورونا"؛ الأمر الذي لاقى إشادة من المؤسسات المالية العالمية، لا سيما صندوق النقد الدولي.
وأعرب مدبولي عن سعادته بالحديث مع هذا العدد الكبير من ممثلي الشركات الفرنسية.
وثمَّن رئيس الوزراء العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تربط مصر وفرنسا، مشيراً إلى أن فرنسا كانت ولا تزال شريكاً مهماً وداعماً رئيسياً لمصر، لافتًا إلى أن هذه العلاقات المتميزة أسهمت في تحقيق زيادة مستمرة في حجم التبادل التجاري بين البلدين، والذي بلغ ما يقرب من ٣ مليارات دولار في عام ٢٠٢٠، بزيادة قدرها ٢٠٪ مقارنة بعام ٢٠١٩، مضيفاً أن مصر تعد واحدة من أهم الدول المستقبلة لتدفقات الاستثمارات الأجنبية الفرنسية، والتي تبلغ قرابة ٥ مليارات يورو، في ظل وجود نحو ١٦٥ شركة فرنسية في مصر توفر ٣٨ ألف فرصة عمل، في مختلف الأنشطة الاقتصادية؛ بما في ذلك مواد البناء والأدوية والفنادق والبنوك.
وقال رئيس الوزراء إنه في ضوء الإجراءات المتخذة لتجاوز أزمة وباء كورونا وتحفيز اقتصاد بلداننا، فإننا بحاجة إلى التعاون لتعزيز وتنويع العلاقات الاستثمارية والتجارية في الفترة المقبلة؛ لتعويض الصدمة الوبائية والتغلب عليها، لافتًا إلى تمتع مصر بإمكانات اقتصادية ضخمة، وفرص استثمارية واعدة للشركات الفرنسية في عدة مجالات، مؤكداً أن الطريق أصبح ممهداً للاستثمارات الفرنسية للانخراط بقوة في المشروعات القومية الضخمة المصرية، بفضل الإرادة السياسية القوية التي تجلت دائماً خلال العديد من الاجتماعات الثنائية رفيعة المستوى بين البلدين.
واستعرض رئيس الوزراء لمحة عامة حول الآفاق الاقتصادية والتجارية في ضوء الإصلاحات والإنجازات الاقتصادية التي حققتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية وأهم قطاعاتها، موضحاً أن مصر تنفذ خطة تنمية طموحة للمستقبل؛ حيث أطلقت استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" في فبراير 2016، فضلاً عن التنفيذ الناجح للمرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي تم تنفيذه بالتعاون مع صندوق النقد الدولي منذ نوفمبر 2016، بهدف تحقيق الاستقرار على المستوى الكلي، بالإضافة إلى تبني برنامج شامل ومستدام لتحقيق النمو القائم على تعديل السياسات المالية والنقدية من خلال إعادة هيكلة بعض القطاعات وتحرير سعر الصرف.
ولفت رئيس الوزراء إلى إشادة صندوق النقد الدولي ببرنامج الإصلاح الاقتصادي لكونه نموذجًا ناجحًا في الإصلاح الاقتصادي، حيث انخفض عجز الموازنة العامة من الناتج المحلي الإجمالي من 12٪ عام 2013 إلى 7.8٪ عام 2020، وانخفضت معدلات التضخم أيضًا من 11٪ إلى 5.7٪، وانخفضت معدلات البطالة من 12.4٪ إلى 7.3٪ بنهاية الربع الثاني من عام 2021، كما عزز البرنامج مرونة أسعار الصرف.
وأضاف مدبولي أن التنفيذ الناجح لبرنامج الإصلاح الاقتصادي مكن مصر من التغلب على الآثار السلبية لوباء كورونا، وعزز من قدرتها على الصمود في مواجهة التداعيات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الطرح الناجح لشركة "إي فاينانس" للاستثمارات المالية والرقمية في البورصة المصرية، خلال الأسبوع الماضي، تمت تغطيته بأكثر من ٦١ مرة، ووصل معدل الاستثمارات الأجنبية به إلى ٧٢٪.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن التنمية البشرية والحماية الاجتماعية كانتا دوماً في صميم برنامج الإصلاح المصري، مشيراً إلى أن مصر التزمت أثناء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتخفيف على محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجاً لتقليل التأثيرات السلبية، لذلك تم إطلاق أول استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان تماشياً مع "رؤية مصر 2030" لتحقيق التنمية المستدامة، بالإضافة إلى تنفيذ المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، لتطوير المناطق الريفية بميزانية تقديرية تبلغ ٤٠ مليار يورو.
وأضاف رئيس الوزراء أنه ولأول مرة يتم تنفيذ مشروع وطني واحد لخدمة ما يقرب من ٥٨ مليون مواطن في ثلاث سنوات، ويفي في الوقت نفسه بجميع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ويحقق نقلة نوعية في حياة المواطنين المصريين، حيث يتضمن المشروع تطوير البنية التحتية جنبًا إلى جنب مع التمكين الاقتصادي والاجتماعي، بالشراكة مع المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، هذا بالإضافة إلى زيادة الاستثمار الحكومي في قطاعي الصحة والتعليم بنسبة 170٪ خلال الفترة 2018-2021، وإيلاء اهتمام خاص بالتعليم، لافتاً إلى أن ذلك دعم نهج الدولة في تعزيز كفاءة العنصر البشري الذي تزخر به مصر، حيث تزيد نسبة الشباب بين السكان على 60٪.
وأوضح رئيس الوزراء أن مصر تطمح حاليًّا لاستكمال عملية الإصلاح الاقتصادي وفقا للأهداف الموضوعة لتعزيز الأداء الاقتصادي للدولة، حيث تهدف إلى تحقيق معدل نمو يقدر بـ 5.4٪ للعام المالي 2021/2022، ورفع معدل النمو خلال السنوات الثلاث المقبلة ليصل ما بين 6٪ إلى 7٪، بما يعكس قدرات الاقتصاد المصري وإمكانياته الواعدة.
وأضاف مدبولي أنه لتحقيق ذلك، فإن الحكومة المصرية تعمل حاليًّا على تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يركز على تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية الجذرية لدعم نمو اقتصادي قوي ومستدام.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن باريس ستشهد غدًا إطلاق برنامجنا القطري مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لافتاً إلى أن البرنامج يسلط الضوء على الركائز التي ستعزز من قدرة الاقتصاد المصري ليكون أكثر قدرة على المنافسة، وتحقيق إنتاجية أعلى، وذلك من خلال التركيز على قطاعات الصناعة، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ورفع معدلات مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 26٪ لعام 2019/2020 إلى ما بين 30 و35٪ لعام 2023/2024.
وأضاف رئيس الوزراء أن مصر ركزت على خلق بيئة أعمال جذابة بشكل عام، وذلك من خلال عدة آليات تضمنت تطوير البنية التحتية التي تجعل مصر إحدى أكثر الدول قدرة في الشرق الأوسط وإفريقيا في قطاعات البنية التحتية والكهرباء والطاقة والنقل والطرق، هذا بالتوازي مع تحديث الإطار التشريعي بشكل قائم على منهجية تعزز مركزية دور القطاع الخاص من خلال حزمة من التعديلات التشريعية، تشمل قانون الاستثمار الجديد، وقانون تراخيص المنشآت الصناعية، وقانون حماية المنافسة، والرخصة الذهبية، وتحديث ورقمنة النظام الجمركي، وإطلاق الخريطة الاستثمارية، وتوسع مراكز خدمات الاستثمار في جميع أنحاء مصر، بالإضافة إلى عدد من القوانين الجديدة التي يتم صياغتها، مشدداً على أن مصر تؤمن بأهمية القطاع الخاص في خلق بيئة اقتصادية مستقرة ونمو اقتصادي مستدام.
وتابع رئيس الحكومة بأن برنامج الإصلاح الهيكلي يقدم المزيد من الفرص الاستثمارية الواعدة في عدة مجالات؛ بما في ذلك الاستثمار في المدن الجديدة، لا سيما العاصمة الإدارية الجديدة، والمنطقة الاقتصادية في قناة السويس.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن مصر تحرص على الاستفادة من الخبرات الفرنسية، والتعاون مع فرنسا في المجالات ذات الاهتمام المشترك؛ خصوصًا في ما يتعلق بصناعة السيارات ومكوناتها، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والملابس الجاهزة، والمنسوجات، والصناعات الصغيرة والمتوسطة، والنقل، والطاقة، والمياه، والصناعات الطبية.. وغيرها.
وأضاف مدبولي أن الإمكانيات المتاحة للاقتصاد المصري تعزز من إمكانية تحقيق قفزات كبيرة في هذه المجالات الاستثمارية، خصوصًا أن مصر تعد بوابة للأسواق الإفريقية والعربية والأوروبية، من خلال الاتفاقيات التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف الموقعة مع الدول الإفريقية والأوروبية والعربية، والولايات المتحدة الأمريكية، ودول أمريكا اللاتينية.
وأكد رئيس الوزراء أنه على الرغم من فرض وباء كورونا تحديات غير مسبوقة على البشرية ككل، لم يكن الاقتصاد المصري بمنأى عنها، إلا أن الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها نجحت في تعزيز مرونة الاقتصاد، ووفرت للحكومة مساحة مالية كافية لاتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من الآثار السلبية للأزمة، لافتاً إلى أنه تم وضع سياسات استباقية لتحقيق التوازن بين الحفاظ على صحة المواطنين، واستدامة النشاط الاقتصادي، وتم التركيز على دعم القطاعات المتضررة، من خلال سياسات التحفيز النقدي والمالي، وكذلك مساعدة الفئات المتضررة على تخفيف الأعباء المالية وتوفير السيولة والائتمان.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن هذه الإجراءات نجحت في تحقيق مؤشرات إيجابية خلال الأزمة، ولقيت ترحيباً من كبرى المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، الذي أشاد بقوة وقدرة الاقتصاد المصري على معالجة الأزمة، كونه الاقتصاد الوحيد في المنطقة ومن بين عدد محدود من اقتصادات العالم التي حققت معدلات نمو إيجابية بلغت 3.6٪ خلال العام المالي 2019-2020، بالإضافة إلى الحفاظ على مكانة مصر كأكبر متلقى للاستثمارات الأجنبية المباشرة في إفريقيا وفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، منوهاً بتوقعات صندوق النقد الدولي بنمو الناتج المحلي الإجمالي المصري لنحو 5.2٪ للعام المالي 2021/2022.
وأعرب مدبولي عن تطلعه لزيادة الاستثمار الفرنسي المباشر في مصر في المستقبل القريب في ظل التطورات الإيجابية التي يشهدها الاقتصاد رغم تفشي وباء كورونا، مؤكداً للمستثمرين الحريصين على توسيع نشاطهم في السوق المصرية أن الحكومة ستقدم كل الدعم اللازم في هذا الصدد.
ولفت رئيس الوزراء إلى قرب افتتاح المتحف المصري الكبير وتطلعه إلى قيام المزيد من السائحين الفرنسيين بزيارة المتحف الجديد والأماكن التاريخية الأخرى في مصر.
فيديو قد يعجبك: