طلقة العدو ما بتفرَّقش".. أحد أبطال "الاستطلاع" بحرب أكتوبر يروي ذكريات النصر في الذكرى الـ48
كتب- مينا غالي:
بطولات لا تنتهي شهدتها حرب السادس من أكتوبر، التي شارك فيها أبطال القوات المسلحة المصرية؛ ومنها فريق المخابرات الحربية والاستطلاع.
وحاور "مصراوي" اللواء أركان حرب أحمد إبراهيم كامل، أحد أبناء سلاح الاستطلاع في حرب العزة واسترداد الكرامة، الذي حكى تفاصيل أيام النصر التي كان جزءًا منها.
وقال اللواء كامل: "كنت لا أزال ملازمًا حديث التخرج وقت قيام الحرب، وكنت قائدًا لفصيلة استطلاع؛ حيث أحضرنا قائد اللواء الساعة التاسعة صباح يوم السادس من أكتوبر، وكنا حينها في غرب الإسماعيلية بمنطقة القصاصين، وقال لنا: كله يضبط ساعته على ساعة إذاعة القاهرة، ولم نكن نعلم أن الحرب قامت إلا بعدما شاهدنا الطائرات تي يو 16 وهي عائدة وتحرسها 4 طائرات من طراز ميج 21، لأننا كنا نبعد عن القناة أكثر من 30 كيلومترًا."
وأضاف كامل: "بدأنا نجهز أنفسنا بعدها، بعد تحديد الساعة (س)، وبدأنا نجهز الفصيلة التي سنعبر بها، وفي الوقت نفسه نزلنا تحت الأرض في الحفر البرميلية؛ لأننا توقعنا رد فعل العدو واستخدامه قواته الجوية ضد قواتنا التي تستعد لعبور القناة، ورغم ذلك واصلنا إجراءات استعداداتنا، حتى تحركنا بعد آخر ضوء في التاسعة مساءً وبدأنا العبور نحو الثانية عشرة منتصف الليل، وكان من المفترض أن نمر بمعبرَين؛ هما شمال الإسماعيلية وكوبري الفردان، ولكن الوقت الذي كنا سنعبر فيه تم خلاله ضرب أحد المعبرين، فاضطررنا إلى الانتظار، وتم نقلنا من كوبري شمال الإسماعيلية للعبور من كوبري الفردان؛ وهو ما تسبب في تأخر العبور الفعلي لنحو التاسعة صباح يوم السابع من أكتوبر".
وتابع أحد أبطال سلاح الاستطلاع في حرب أكتوبر، في ما يخص أبرز البطولات التي شاهدها: "كان قائد لواءنا هو اللواء جورج حبيب، وكان عقيدًا حينها، وكان بمثابة قدوة لنا، وبمجرد عبورنا القناة في التاسعة صباحًا، بدأ الطيران المُعادي يشعر بنا، فقام بضرب دبابة قائد اللواء، وأُصيب إصابة قوية؛ ولكنه رفض الإخلاء لتلقي العلاج، وقال لنا: لن أترك المكان أو أترك جنودي، لأن دي بلدنا ولازم نحررها، ولكن اضطر إلى الإخلاء مع محاولاتنا المستميتة لإقناعه؛ نظرًا لخطورة إصابته".
وأكد كامل أن الحرب كانت تجسيدًا للمصريين كلهم دون تفرقة، فـ"عمرنا ما قُلنا ده مسلم أو ده مسيحي؛ لأن طلقة العدو ما بتفرَّقش".
وأوضح كامل أنه كان ضمن سلاح الاستطلاع، وما كان لعملية التخطيط والخداع الاستراتيجي بشأن موعد الحرب أن تتم لولا دور المخابرات الحربية والاستطلاع، فقبل أي تحرك عسكري كان لا بد من توافر المعلومات التي وفرتها المخابرات لقيادات القوات المسلحة، والتي بدورها اتخذت قرار الحرب.
وشرح أحد أبطال سلاح الاستطلاع في حرب أكتوبر، دور سلاح الاستطلاع، قائلاً: "بعد حرب 67 استمر بعض رجالنا على الجبهة لرصد تمركز القوات الإسرائيلية، وكذلك في حرب الاستنزاف قامت عناصر الاستطلاع بدور كبير مع المجموعة 39 قتال في جمع المعلومات، حتى نجحنا في تدمير خط بارليف الأول، إلى أن تم وقف إطلاق النار في 8 أغسطس سنة 1970، استجابةً لمبادرة روجرز، وبسبب ذلك قامت إسرائيل ببناء خط بارليف الثاني بتكلفة قاربت الـ300 مليون دولار، واستعانت فيه بقضبان السكك الحديدية الرابطة لخط القنطرة شرق/ غزة، وأقاموا بها 35 موقعًا حصينًا بجانب الساتر الترابي.
وأوضح كامل أن ضباط الاستطلاع كان دورهم متركزًا على جمع المعلومات حول التجهيزات التي تتم خلف خط بارليف، ولما قامت الضربة الجوية الأولى والتمهيد النيراني، قالوا إن الضربة حققت أهدافها بنسبة 99%، وهذا لم يكن ليتم لولا المعلومات الدقيقة التي وفرها سلاح الاستطلاع والمخابرات الحربية، مشيرًا إلى أنه كان مخططًا أن تتم ضربتان جويتان، ولكن نجاح الضربة الأولى في تحقيق كل أهدافها حال دون القيام بالضربة الثانية.
وواصل أحد أبطال سلاح الاستطلاع في حرب أكتوبر: "في نفس الوقت لا يجب أن ننسى الدور المهم الذي قامت به منظمة مجاهدي سيناء من حجم المعلومات التي أرسلوها ومعونتهم لنا، وكذلك العمليات الفدائية التي نفذوها ضد العدو، فقد كانوا عيونًا للقوات المسلحة وساعدوا عناصرنا خلف الخطوط لتنفيذ مهامهم".
وقال اللواء كامل بشأن فترة وقف إطلاق النار: "بعد وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر، لم تلتزم إسرائيل بالقرار، وبدأت تنفذ أعمالها غرب القناة، وحاولت الاستيلاء على الإسماعيلية وفشلت، ثم السويس وفشلت أيضًا، حتى حاصرناها من كل الجهات، فتدخلت الولايات المتحدة لإجراء محادثات وفض الاشتباك، وبالفعل أجريت محادثات (الكيلو 101)، وشارك فيها اللواء عبد الغني الجمسي، واستُكملت بعدها في جنيف، ووقعنا فض الاشتباك الأول في 17 يناير 1974، وبدأت بعدها إسرائيل الانسحاب من غرب القناة باتجاه الشرق؛ ولكننا لم ننسحب لأننا أصحاب الأرض، وفي مايو 1975 تم توقيع فض الاشتباك الثاني، الذي بدأت إسرائيل بموجبه الانسحاب 30 كيلومترًا شرق القناة، والتي قام بعدها الرئيس السادات بافتتاح القناة في 5 يونيو 1975."
وشدد كامل على أن جميع المقاييس العسكرية أثبتت أن عملية عبور القناة وإسقاط خط بارليف هي عملية إعجازية وفقًا للمقارنات؛ حيث كانت إسرائيل متفوقة في المقارنات العددية وكذلك كيفية ونوعية التسليح، بجانب وجود مانع قناة السويس والساتر الترابي؛ بما فيه من نقاط حصينة، ولكن كل هذا تم بالتخطيط والإرادة الوطنية.
فيديو قد يعجبك: