بعد إعلان استمرار اغتصاب الأحباش.. ننشر القصة الكاملة لأزمة دير السلطان بالقدس
كتب- مينا غالي:
نفت بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقدس ما تداول في الأيام الأخيرة، بشأن قرار المحكمة بإعادة دير السلطان للكنيسة القبطية ورفع العلم المصري على الدير، مؤكدة أن الدير مازال مغتصبًا من الأحباش ولا جديد في الأمر رغم وجود قرار سابق للمحكمة الإسرائيلية مفاده تسليم الدير للكنيسة القبطية.
ويستعرض "مصراوي" القصة الكاملة لأزمة دير السلطان بين الكنيسة القبطية والكنيسة الإثيوبية في التقرير التالي:
- ما هو دير السلطان؟
دير السلطان، هو دير أثري للأقباط الأرثوذكس يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة وكنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة. وتبلغ مساحته حوالي 1800 م2.
- لماذا سُمي بهذا الاسم؟
سُمي بدير السلطان بعد قيام صلاح الدين الأيوبي بإرجاعه للأقباط بعد استيلاء الصليبيين عليه، حيث أهداه صلاح الدين للأقباط لإخلاصهم، وتقديرًا للدور الوطني الذي لعبوه في المعارك ضد الجيوش الصليبية التي احتلت القدس، وسُمي بهذا الاسم من وقتها.
وهذا الدير له أهمية خاصة عند الأقباط، لأنه طريقهم المباشر للوصول من دير ماري أنطونيوس، حيث مقر البطريركية المصرية إلى كنيسة القيامة.
- أين يقع؟
تقع ساحة الدير فوق كنيسة القديسة هيلانة، وفي الزاوية الجنوبية الغربية من هذه الساحة تقع كنيستان تاريخيتان، هما كنيسة الأربعة كائنات الروحية غير المتجسدة (الأربع حيوانات) ومساحتها 42 م2، وكنيسة الملاك ميخائيل وهي في الدور الأرضي، ومساحتها 35 م2. وللوصول من هذا الدير إلى كنيسة القيامة يجب الدخول إلى كنيسة الأربعة حيوانات والنزول منها إلى كنيسة الملاك والخروج من بابها إلى ردهة كنيسة القيامة.
- تاريخ النزاع بين الأحباش والكنيسة القبطية على دير السلطان
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أكدت أن دير السلطان القبطي هو أحد أديرة الكنيسة القبطية خارج مصر ومباني الدير ومشتملاته ومكوناته تدل على هويته القبطية، شأنه شأن جميع الأديرة القبطية، وهو جزء من ممتلكات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الأراضي المقدسة.
وشهد الدير خلال تاريخه الطويل نزاعًا طويل المدى على ملكيته بين الكنيسة المصرية ونظيرتها الحبشية، رغم استضافة الرهبان المصريين لنظائرهم الأحباش لمدة 3 قرون، لعجزهم عن دفع الضرائب المُقررة عليهم، لكنهم كانوا يثيرون قضية النزاع على الملكية في العديد من المناسبات حتى أصدر السلطان العثماني عبدالحميد حكمًا بتثبيت ملكية دير السلطان للأقباط الأرثوذكس، لكن السلطات البريطانية رفضت تسليم الدير للكنيسة المصرية.
ويعتبر الكرسي الأورشليمي هو الكرسي الثاني في الأهمية بعد الكرسي البابوي الإسكندري، والدير في الدور الأعلى من كنيسة القيامة في القدس. وله مدخل إلى الكنيسة، وهو يغطي مساحة 1800 م2، ويحتوي على قبة كنيسة القديسة هيلانة وكنائس أخرى. كما أنه هناك قلالي للرهبان، والرهبان الأحباش بسبب عدم استطاعتهم دفع الجزية طلبوا من الكنيسة القبطية أن تؤويهم، لأن كنائسهم تحولت إلى كنائس رومانية وأرمنية عام 1654، وفي أكتوبر 1820 جددت الكنيسة القبطية دير السلطان وسمح للرهبان الأحباش عام 1840 البقاء في الدير كضيوف، وفي عام 1850 حاول الأحباش الاستحواذ على مفتاح دير السلطان، ولكن أعيد إلى الأقباط بوثيقة من الحاكم العثماني في فبراير 1852 وأعيدت المحاولة مرة أخرى في 1862 وأعيدت المحاولة مرة ثالثة أثناء تجديد الكنيسة في عام 1888 وقرر الباب العالي فى يناير 1894 أن الأقباط المصريين هم أصحاب دير السلطان على أن يبعد الأحباش منه تماما.
وفي عام 1906 حاول الرهبان الأحباش تجديد الدير كذريعة لإثبات ملكيتهم له. وفي عام 1945 أثناء الانتداب البريطانى جدد الأحباش أحد الحجرات، ولكن الحاكم رفض هذا العمل تماما، أما في عام 1959 أقنع الرهبان الأحباش المدبر الأردني للقدس أن الدير لهم، وبالفعل سلم إليهم الدير، مما دعا البابا كيرلس السادس لإرسال وفد إلى الملك حسين ملك الأردن، مزودا بالوثائق الدالة على ملكيتهم للدير وألغى الملك قرار المدبر وأمر بإعادة مفتاح دير السلطان إلى الأقباط.
- تعنت إسرائيلي تجاه الكنيسة القبطية
في عام 1970 أثناء الاحتفال بعيد القيامة في كنيسة القيامة أرسلت السلطات الإسرائيلية قوة من الجيش، ليمكن الرهبان الاحباش من دير السلطان وأعطوا مفاتيح جديدة للرهبان الأحباش، وعندما حاول الرهبان الأقباط الدخول للدفاع عنه استعمل الجيش الإسرائيلي العنف، ومنع المطران القبطي من الدخول لدير السلطان، وهذا الأخير رفع قضيته أمام المحكمة الإسرائيلية العليا التي قررت بكامل أعضائها إعادة مفتاح الدير لرهبان الأقباط وذلك في مارس 1971.
ونتيجة رفض تسليم الدير للكنيسة المصرية قرر المجمع المقدس في مارس 1980 عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس، لحين استعادة الكنيسة رسمياً دير السلطان بالقدس.
ومنذ ذلك التاريخ، ورغم الحكم القضائي، ترفض السلطات الإسرائيلية تنفيذه. حتى إنه فى عام 2017 اتخذت السلطات الإسرائيلية قرارا بإغلاق الكنيستين فى السطح بذريعة التجديدات في كنيسة الروم الأرثوذكس الملتصقة بدير السلطان، وذلك دون إبلاغ الدير والقائمين عليه، وطالبت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن تتم الترميمات على نفقتها، ورفضت بحجة أنها هي التي ستجدده بصفتها طرفًا محايدًا.
وفي مساء 19 أكتوبر 2017 عملت السلطات الإسرائيلية على إدخال معدات التجديد دون إبلاغ الرهبان الأقباط، وقد حاولت السفارة المصرية بصفة أن الدير مصري فك الاشتباك، وبسببه تأخر العمل، وقد ساندت وزارة الخارجية الكنيسة القبطية فى طلباتها الشرعية في أنها تجدد ديرها المصرى وأن الدير ليس فقط تابعا للكنيسة، ولكن أيضا لمصر.
- موقف الكنيسة القبطية
في 26 أكتوبر 2018، أصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية بياناً مفصلاً عن تاريخ دير السلطان بالقدس، ومحاولات الرهبان الأحباش السيطرة عليه بعد أن استضافتهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، واللجوء للمحكمة العليا فى إسرائيل، والتى حكمت لصالح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، غير أن الحكم لم ينفذ حتى الآن.
وأمس 19 نوفمبر 2021، أكد الأنبا أنطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى، في بيان له، أن هناك قرارًا سابقًا للمحكمة الإسرائيلية مفاده تسليم الدير للكنيسة القبطية وذلك عام 1971، لكن الجهات التنفيذية لم تنفذ هذا القرار لدواعي أمنية على حد زعمهم، ولذا فإن الدير مازال مغتصبًا من الأحباش ولا جديد في الأمر.
فيديو قد يعجبك: