"تصرفات الحاكم" من أخطر قضايا أهل الشر.. كلمة وزير الأوقاف في مؤتمر تجديد الخطاب الديني بالإمارات
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتب - محمود مصطفى:
قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن التجديد الذي ننشده هو المنضبط بضوابط الشرع، القائم على إعمال العقل في فهم صحيح النص في ضوء معطيات الواقع مع الحفاظ على ثوابت الشرع الحنيف.
وأضاف خلال كلمته في مؤتمر "تجديد الخطاب الديني"، الذي انطلق الثلاثاء بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، أن من أخطر القضايا التي لعبت عليها أو بها جماعات أهل الشر "تصرفات الحاكم"، سواء بالافتئات عليها أم بمحاولة تشويه تصرفاته ولو كان في عدل سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
وجاءت نص الكلمة كما يلي:
"أدرك علماؤنا القدماء طبيعة الفرق بين ما هو من اختصاص الحاكم وما هو من اختصاص العالم، وفرقوا بدقة بين ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) بصفة النبوة والرسالة من شئون العقائد والعبادات والقيم والأخلاق، وما تصرف فيه (صلى الله عليه وسلم) باعتبار الحكم أو القضاء ، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكن نبيا ورسولا فحسب، إنما كان نبيا ورسولا وحاكما وقاضيا وقائدًا عسكريًّا.
"ومن أهم القضايا التي ترجع إلى رأي الحاكم لا إلى رأي القاضي ولا رأي العالم ولا أحد غير الحاكم قضية إعلان حالات الحرب والسلم المعبر عنها في كتب الفقه بالجهاد الذي هو بمعنى القتال والذي شُرّع للدفاع عن الأوطان والدول أن تستباح، فليس لآحاد الناس أو لحزب أو لجماعة أو لفصيل أو لقبيلة إعلان هذا الجهاد، إنما هو حق لولي الأمر وفق ما يقرره الدستور والقانون لكل دولة".
"إن جماعات التطرف عكست القواعد العامة فجعلت التحريم أصلا والحلَّ استثناءً ، غير مدركين أنهم يعقدون على الناس أمور حياتهم، مع أن الأصل في الأمور الإباحة، وأن التحريم لا يثبت إلا بدليل، فالإباحة لا تحتاج إلى دليل كونها الأصل، والتحريم هو الذي يحتاج إلى دليل كونه الاستثناء، يقول الحق سبحانه: { قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ الله فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَّدَ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلا تَتَكَلَّفُوهَا رَحْمَةً مِنَ اللهِ فَاقْبَلُوهَا)، وعَنْ سَلْمَانَ (رضي الله عنه) قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنِ السَّمْنِ وَالجُبْنِ وَالفِرَاءِ؟ فَقَالَ:"الحَلَالُ مَا أَحَلَّ الله فِي كِتَابِهِ ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ الله فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ".
وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه كما نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" أن شابًّا شكا إلى علي (رضي الله عنه) نَفَرًا فقال: إنَّ هؤلاء خرجوا مع أبي في سفر، فعادوا ولم يَعُدْ أبي! فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما تَرَك شيئًا، وكان معه مال كثير، وترافَعْنا إلى شُرَيح فاستَحلفَهم وخلَّى سبيلَهم.
فدعا علي بالشُّرَط فوكَلَ بكل رجلٍ رجلين، وأوصاهم أن لا يمكِّنوا بعضَهم يدنو من بعض، ولا يمكِّنوا أحدًا يُكلِّمُهم، ودعا كاتبَه، ودعا أحدَهم فقال، أخبرني عن أبي هذا الفتى: أيَّ يوم خرج معكم؟ وفي أيِّ منزلٍ نزلتم؟ وكيف كان سَيْرُكم؟ وبأيِّ علَّةٍ مات؟ وكيف أُصيبَ بمالِه؟ وسأله عمَّن غسَّلَه ودفَنَه! ومن توَّلى الصلاةَ عليه؛ وأين دُفنَ؟ ونحوِ ذلك، والكاتبُ يكتُب، ثم كبَّرَ على - رضي الله عنه - وكبَّر الحاضرون، والمتَّهمُون لا عِلْمَ لهم إلَّا أنهم ظنُّوا أن صاحبَهم قد أقرَّ عليهم.
ثم دعا آخَرَ بعد أن غيَّب الأوّل عن مجلسه، فسأله كما سأل صاحبَه، ثم الآخَرَ كذلك، حتى عَرَف ما عند الجميع، فوجَدَ كلَّ واحدِ منهم يُخبر بضدِّ ما أخبرنا به صاحبُه، ثم أمَرَ بردِّ الأول فقال: يا عدوَّ الله قد عرفتُ غَدْرَك وكذِبَك بما سمعتُ من أصحابك، وما يُنجيك من العقوبة إلَّا الصدق، ثم أمَرَ به إلى السجن، وكبَّر وكبَّر معه الحاضرون، فلما أبصر القوم الحالَ لم يَشكُّوا أن صاحبَهم قد أقرَّ عليهم.
فدعا آخَرَ منهم فهدَّده فقال: يا أمير المؤمنين واللهِ لقد كنتُ كارهًا لما صنعوا ثم دعا الجميع فأقرُّوا بالقصَّة، واستدعى الأول الذي في السجن وقال له: قد أقرَّ أصحابك، ولا يُنجيك سوى الصدق، فأقرَّ بكل ما أقرَّ به القوم، فأغرَمهم المال، وأقادَ منهم بالقتيل".
رابعا: أن الأصل في الإسلام هو السلام والتعايش السلمي بين البشر ،فلا إكراه في الدين ولا على الدين ، ولا قتل على المعتقد، ولا تمييز بين أبناء الوطن الواحد على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة أو القبلية، إنما هي حقوق وواجبات على نحو ما رسخته وثيقة المدينة المنورة من أسس التعايش بين أهل المدينة جميعًا على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم، حيث يقول الحق سبحانه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، ويقول سبحانه:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، ويقول سبحانه: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}، فمهمة العلماء والفقهاء البلاغ ، أما أمر الهداية فمن الله وحده.
ولذلك، فالتعايش الذي ننشده لا يعني أبدا التنازل عن أي من ثوابتنا الشرعية أو ذوبان أي دين في دين آخر أو النيل من الأديان أو أي منها أو التجني عليها أو على أصحابها أو اتهام أي دين منها بالتطرف أو الإرهاب، فالإرهاب إرهاب البشر لا إرهاب الأديان .
وانطلقت صباح اليوم مؤتمر "تجديد الخطاب الديني" في أبوظبي، تحت رعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون بدولة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة عدد من علماء الدين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
يستمر المؤتمر لمدة يومين ويناقش محاور هامة في التجديد مثل، ماهية الخطاب الديني ومجالات تجديده، وإشكاليات المفاهيم في التجديد الديني، وخطاب الوضع باعتباره أساسا للتجديد، والعلاقة بين التجديد والضبط في الخطاب الديني.
فيديو قد يعجبك: