بعد طمأنة السيسي للمصريين.. خبراء يكشفون آخر فرص حل أزمة سد النهضة
كتب- أحمد مسعد :
لا يزال ملف سد النهضة من الملفات الأكثر سخونة في ظل عودة التصريحات الإثيوبية بإعلان الملء الثاني في يونيو المقبل، بينما تتحفظ القاهرة والخرطوم معلنتَين رفضهما الملء قبل الانتهاء من التفاوض والتوقيع، في الوقت التي تولت فيه الكونغو الديمقراطية رئاسة الاتحاد الإفريقي خلفًا لدولة جنوب إفريقيا.
قال الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، إن مصر ترى أن المفاوضات تحت مظلة دولة الكونغو الديمقراطية قد تكون أفضل مما كانت تحت مظلة دولة جنوب إفريقيا، مشيرًا إلى أن الأخيرة اتسمت بعدم الجدية، على حد تعبيره.
وأضاف علام، في تصريح خاص أدلى به إلى "مصراوي"، أن تصريحات أديس أبابا عن موعد الانتهاء من الملء الثاني غير مفهوم منها إلا أنها "تستفز" بها القاهرة والخرطوم، لافتًا إلى أن مصر ترغب في الاستمرار في التفاوض شريطة توافر الآليات ووضع أجندة حقيقية.
وأشار وزير الري الأسبق إلى أن نقاط الخلاف واضحة ويجب تفاديها إذا كانت ترغب إثيوبيا؛ ولكن الحقيقة أن أديس أبابا تريد أن تهيمن على مياه نهر النيل والتحكم به.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن استمرار مصر في المفاوضات بالصبر والثبات، مطمئنًا المصريين من المخاوف حول استمرار إثيوبيا في التفاوض، قائلًا إن مصر مستمرة في التفاوض الذي يتطلب المزيد من الوقت والإجراءات .
وقال الدكتور هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن التعويل على الدور الإفريقي، وتحديدًا دولة الكونغو، غير واضح للكثيرين، مشيرًا إلى أن أديس أبابا لم تستجب للولايات المتحدة الأمريكية؛ فهل تستجيب للكونغو التي لا تمتلك عصا ولا جزرة.
وأضاف رسلان، في تصريح خاص أدلى به إلى "مصراوي"، أن انتهاء إثيوبيا من أعمال الملء الثاني دون توقيع اتفاق قانوني ملزم لقواعد الملء والتشغيل يعني فرض إثيوبيا سياسة الأمر الواقع؛ لأن الكمية المخزنة تستطيع بها أن تتحكم في القرار السوداني، لافتًا إلى أن السودان كان داعمًا للسد خلال السنوات العشر الماضية، والآن يدعو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية إلى التدخل.
ونوه الخبير في الشؤون الإفريقية بأن إعلان القاهرة الاستمرار في المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الإفريقي هو آخر الآمال التي تمني النفس في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، مضيفًا أن القاهرة تحاول أن تتفادى الصراع قدر المستطاع.
وأشار رسلان إلى أن الأمر في منتهى الخطورة، وأديس أبابا تدفع الجميع إلى الهاوية، مؤكدًا أن الـ13.5 مليار التي تنوي تخزينها تهدد مستقبل السودان ومصر.
وقالت الحكومة السودانية، على لسان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إن قرار إثيوبيا الفردي بملء سد النهضة يعد تهديدًا للأمن القومي ويهدد 20 مليون سوداني، مطالبةً الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي بالتدخل؛ لحل النزاع.
وقال الدكتور ضياء القوصي، مستشار وزير الري الأسبق، إن التعويل على التفاوض ليس الغاية الرئيسية للدولة المصرية؛ ولكن الغاية هي الوصول إلى حل يحفظ حقوق مصر المائية ولا يتعارض مع خطط إثيوبيا التنموية، مشيرًا إلى أن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، اتسمت بالحكمة والهدوء، وهو ما يحتاج إليه الجميع إذا رغبت الأطراف في حل النزاع.
وأضاف القوصي، خلال حديثه إلى "مصراوي"، أن العقلية الإثيوبية تجلت في الفترة الأخيرة من أزمات داخلية تعانيها وأزمة حدود ومشكلات أخرى تعانيها الحكومة الإثيوبية، وبالتالي تغطي عليها من خلال إطلاق التصريحات النارية وافتعال الأزمات، لافتًا إلى أنها سياسة قديمة سبق واستعانت بها.
وتابع مستشار وزير الري الأسبق: سبق لي وتعاملت معهم وأفهم كيف تدور الأمور، موضحًا أن دولة الكونغو الديمقراطية ستضح جديتها خلال الاجتماع الأول؛ سواء أكانت قمة مصغرة أم اجتماعًا سداسيًّا.
وأشار القوصي إلى أن القاهرة لا تعول كثيرًا على الاتحاد الإفريقي كما يتخيل البعض؛ ولكن تنتظر قرارًا يساعدنا أمام مجلس الأمن صاحب الاختصاص منذ شكوى القاهرة في 2018.
جدير بالذكر أن مصر والسودان وإثيوبيا تتفاوض منذ عام 2011 حول تدشين سد النهضة الإثيوبي الذي يخزن 74 مليار متر مكعب سنويًّا، بشكل أحادي؛ ما يؤثر على حصص دولتَي المصب مصر والسودان.
فيديو قد يعجبك: