"أم الأبطال".. وفاة السيدة جيهان السادات "سيرة ذاتية"
مصراوي:
توفيت صباح اليوم، السيدة "جيهان السادات"، قرينة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد صراع مع المرض.
ولدت جيهان صفوت رؤوف، أو كما عرفت بـ"جيهان السادات"، في حيِّ الروضة بمدينة القاهرة عام 1933، تنتمي إلى عائلة من الطبقة المتوسطة العليا من صعيد مصر، لأب مصري يعمل طبيبًا، وأم بريطانية تدعى "جلاديس تشارلز كوتريل"، وكانت ترتيبها الثالث بين أربعة أطفال في أسرتها، وهم: "مجدي، علي، وداليا".
تلقت تعليمها الأولي في مدرسة الإرسالية المسيحية خلال فترة الأربعينيات، ثم درست بمدرسة الجيزة الثانوية عندما وصلت إلى سن 11 عامًا.
حصلت على ليسانس الآداب جامعة القاهرة عام 1977، ثم حصلت على الماجستير في الأدب المقارن، وشاهدها الملايين وهي تناقش الرسالة عبر شاشة التليفزيون، ثم نالت درجة الدكتوراه في جامعة القاهرة عام 1986، وكرست جهودها بعد ذلك للتدريس بجامعة القاهرة، وإلقاء المحاضرات في الجامعات العالمية، وأصبحت إقامتها بين مصر والولايات المتحدة، وكانت أستاذًا زائرًا في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجامعة جنوب كارولينا، وجامعة رادفورد في الولايات المتحدة، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة ماريلاند منذ عام 1993، حتى استقرت إقامتها بشكل دائم في القاهرة.
كان لقاؤها الأول مع الرئيس الراحل أنور السادات في مدينة السويس، في منزل قريب لها صيف عام 1948، وكانت في الخامسة عشرة من عمرها، وارتبطت بعلاقة عاطفية معه، وقررت الزواج منه في 29 مايو 1949، بعد خطبة دامت بضعة شهور، وذلك عندما كان ضابطًا صغيرًا في الجيش، قبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية، وأنجبت منه ثلاث بنات وهن: "لبنى، نهى، وجيهان"، وولدًا واحدًا وهو "جمال".
شاركت جيهان زوجها الرئيس أنور السادات مختلف الأحداث المهمة التي شهدتها مصر بدءًا من ثورة 23 يوليو 1952، وحتى اغتياله عام 1981، وكانت زوجة داعمة لزوجها طوال الوقت في مسيرته السياسية الصاعدة، وشاركته في كافة الأحداث والقرارات المصيرية التي اتخذها، ومن أبرزها حرب أكتوبر، وتوقيع اتفاق السلام "كامب ديفيد"، فضلا عن تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي وما نتج عنها من تداعيات.
وبدأت "جيهان السادات" نشاطها العام بداية الستينيَّات، إلا أن دورها بدأ يتبلور بعد تعيين السادات نائبًا لرئيس الجمهوريَّة في 19 ديسمبر عام 1969، ثم اختياره رئيسًا بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر في 28 سبتمبر عام 1970.
فكانت أول سيدة أولى في تاريخ جمهورية مصر العربية تخرج إلى دائرة العمل العام؛ لتباشر العمل بنفسها بين صفوف الشعب المصري، واستخدمت منصتها؛ للتأثير في حياة الملايين داخل بلدها؛ لتكون نموذجًا تحذو المرأة حذوه في كل مكان، وساعدت في تغيير صورة العالم للمرأة العربية خلال حقبة السبعينيات، من خلال قيامها بالعمل التطوعي، والمشاركة في الخدمات غير الحكومية.
وبدأ نجمها يسطع بشكل كبير بعد حرب أكتوبر 1973، واصطحبت السيدات المتطوعات للخدمة بالمستشفيات إلى مكة المكرمة صلاة شكرًا لله، ثم إلى منطقة القناة؛ لتوجيه الشكر إلى الجنود المرابطين هناك.
ولعبت "جيهان السادات" أدوارًا مهمة في العديد من المشروعات، أبرزها: "مشروع تنظيم الأسرة، ودعم الدور السياسي للمرأة، وتشجيع تعليمها وتعزيز قدرتها في الحصول على حقوقها في المجتمع المصري"، حتى أنها سعت لتعديل بعض القوانين، على رأسها: "قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة، والذي لا يزال يعرف في مصر حتى الآن بقانون "جيهان"، فلعبت دورًا بارزًا لإصدار مرسوم 1979 الذي أطلق عليه قانون "جيهان"، والذي يلزم الزوج بإبلاغ زوجته قبل تسجيل الطلاق، وأعطى الزوجة الحق في تحريك دعوى قضائية للمطالبة بالنفقة، وإطالة فترة حضانة الطفل لدى الأم، كما أعطى هذا القانون الحق للزوجة بالعيش في منزل الزوجية حال إثبات عدم وجود مكان آخر للعيش فيه.
لقبها أسر شهداء حرب أكتوبر، ومصابو العمليات الحربية بـ"أم الأبطال"؛ نظرًا لجهدها الكبير، وما قدمته لرعايتهم، وتعويضهم من خلال مشروعاتٍ، من أبرزها: "تأسيس جمعية الوفاء والأمل، التي قدمت الخدمات الطبية، وإعادة التأهيل والتدريب المهني للمحاربين القدامى من ذوي الإعاقة، ويتم دعم المركز من خلال تبرعات من جميع أنحاء العالم".
وساهمت "جيهان السادات" في العديد من المبادرات الاجتماعية والمشروعات الإنمائية، التي تخدم المجتمع المصري بمختلف فئاته في ذلك الوقت، حيث ترأست "جيهان السادات" في الفترة بين 1970 إلى 1981 نحو 30 منظمة وجمعية خيرية، من أهمها: "جمعية الهلال الأحمر، جمعية بنك الدم، رئيس شرف لتنظيم الأسرة، الجمعية المصرية لمرضى السرطان، وجمعية الخدمات الجامعية،.. الخ".
وأنشأت مركزًا للعناية بالأشخاص ذوي الإعاقة عام 1972، ومركزًا لرعاية مرضى السرطان، وتم افتتاح أول قرية أطفال SOS في القاهرة، وأخرى بالإسكندرية، وثالثة بطنطا، ومشروع كفالة الطفل اليتيم.
وأولت "جيهان السادات" اهتمامًا كبيرًا بالمرأة الريفية، ظهر من خلال مشروع جمعية "تالا" التعاونية، وهي جمعية تعاونية في منطقة دلتا النيل، تساعد النساء الريفيات على تحقيق الاكتفاء الذاتي، من خلال تعليم أعمال الحياكة والتريكو، ومثلت تلك الجمعية نقطة الانطلاق لسيدات الأعمال في الريف، مع إقامة معارض لتسويق هذه المنتجات.
وعملت "جيهان السادات" على تعزيز مكانة المرأة داخل البرلمان، ورشحت نفسها "مستقلة" عام 1974 للحصول على مقعد في المجلس الشعبي في المنوفية، الذي يضم ممثلي 300 قرية، وذلك بهدف إظهار دور المرأة السياسي، وإفساح الطريق أمام النساء الريفيات؛ للمساهمة في السياسة، وأعيد انتخابها عام 1978، وخدمت 3 سنواتٍ، كأول سيدة رئيس مجلس شعبي في مصر.
دوليًا مثلت مصر في المؤتمر الدولي السنوي للمرأة عام 1975 بالمكسيك. كما أنها شاركت في المؤتمر الأول للمرأة العربية والأفريقية، والذي حضرته بالقاهرة 200 سيدة من 30 دولة.
من أشهر مؤلفات "جيهان السادات" كتاب: «سيدة من مصر»، والذي يحتوي على مذكراتها وتجاربها، من خلال العمل السياسي كقرينة للرئيس السادات، أيضًا كتاب «أملي في السلام»، الذي نشر عام 2009، وهو يمثل تحليلًا ورؤى سياسية لما تشهده منطقة الشرق الأوسط، وطرق التوصل إلى سلام منشودٍ وحقيقي.
حصلت "جيهان السادات" على العديد من الجوائز الوطنية والدولية للخدمة العامة والجهود الإنسانية للنساء والأطفال. وتلقت أيضًا أكثر من 20 درجة دكتوراه فخرية في جامعات وطنية ودولية في مختلف أنحاء العالم. وفي عام 1993 تلقت جائزة مجتمع المسيح الدولية للسلام، كما فازت عام 2001 بجائزة بيرل باك Pearl S. Buck الدولية.
وتم تكريمها في العديد من المرات، أهمها تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي لها في أكتوبر 2017، على هامش افتتاح مقر مركز المؤتمرات والمعارض الدولية بالتجمع الخامس، حيث شهدت الاحتفالية عرض فيلم تسجيلي حول نشاط السيدة "جيهان السادات" خلال حرب أكتوبر، كما ألقت كلمة تحدثت فيها عن ذكريات مرحلة نصر أكتوبر ومواقف الرئيس الراحل/ أنور السادات خلالها، وتناولت دور القوات المسلحة وقياداتها في نصر أكتوبر العظيم، وما تتحمله من مسؤولية في الوقت الحالي؛ لتطهير مصر من خطر الإرهاب.
كما تم تكريمها من قبل المجلس القومي للمرأة، وسلمتها الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس، درع المجلس، وشهادة تقدير لدورها في حرب 73، بجانب درع حملة "التاء المربوطة، وعلم مصر".
وكرمها أيضًا الهلال الأحمر المصري عام 2017؛ تقديرًا لجهودها على مدار عقود طويلة كأبرز رائدات العمل التطوعي في مصر، ودورها الداعم في رعاية ضحايا الحرب.
حظيت "جيهان السادات" بشعبية كبيرة داخل الشارع المصري، حتى بعد مرور عقود على اغتيال زوجها الراحل الرئيس السادات، وكانت تحرص دائمًا على التعامل عن قرب مع الشعب المصري وخدمة مصالحه.
شاهد| تجاهلت من يعارضون دوري.. جيهان صفوت رؤوف سيدة أولى لن ينساها المصريون
شاهد| هنا منزل أسرة جيهان السادات.. "مصراوي" في قرية تزمنت الشرقية ببني سويف
فيديو قد يعجبك: