عيد الغطاس.. مسئول سابق بالآثار يكشف سبب اختيار المسيح نهر الأردن للمعمودية
كتب- مينا غالى:
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الأربعاء، بعيد الغطاس المجيد، وهو أحد الأعياد السيدية الكبرى في الكنيسة، حيث يعتبر إحياءً لذكرى معمودية المسيح بنهر الأردن على يد القديس يوحنا المعمدان.
ويُثار في عيد الغطاس دائمًا سؤال هو: لماذا اختار السيد المسيح نهر الأردن ليعتمد فيه؟ وما دلالاته؟
الأهمية التاريخية لنهر الأردن
يقول الدكتور عزت حبيب، المدير العام السابق لترميم الآثار القبطية، إن أهمية نهر الأردن ليست بسبب طبيعته الجغرافية فحسب، بل بسبب البعد التاريخي والديني الذي لعبه عبر مر السنين، حيث يعتبر هذا النهر مقدسًا عند اليهود والسامريين لعبور بني إسرائيل خلاله إلى الأرض الموعودة، وعند المسيحيين لأن يوحنا المعمدان عمّد يسوع الناصري في مياهه. ويملك نهر الأردن شهرته من صفاته الجغرافية الفريدة ومن الارتباط التاريخي والروحي لموقعه بأحداث عديدة، حيث يجري نهر الأردن في منطقة تسمى وادي الأردن وهو جزء من وادي الصدع العظيم الذي يمتد من قارة آسيا وحتى قارة إفريقيا ويتميز بالمرتفعات المحيطة به من كلا الجانبين. وقد بنيت جسور كثيرة على نهر الأردن خاصة في المنطقة الواقعة قبل مصبه في البحر الميت وذلك لتسهيل حركة العبور بين جانبيه.
أصل التسمية
وأضاف حبيب: "أما عن أصل تسمية نهر الأردن بهذا الاسم، فكلمة الأردن تعني في الهندية القديمة النهر الخالد YORDON حيث أن "YOR "تعني سنة، و"don "فتعني نهر أما في اللغات السامية فإن كلمة الأردن مشتقة من الجذر "النزول" وتعني: الجدول الذي ينحدر بسرعة، وهو اسم يصف بدقة نهر الأردن وخصوصًا في المنطقة العلوية فوق بحيرة طبريا. وهناك تسمية أخرى لنهر الأردن في اللغة العربية وهو نهر الشريعة (مكان السقاية)، وأحيانا يطلق عليه اسم الشريعة الكبيرة.
الغرض من اختيار نهر الأردن
أوضح الدكتور عزت حبيب، أن نهر الأردن له ذكرى حدثت تشير بوضوح إلى المناسبة التي سوف نحتفل بها بعد الميلاد، ونذكرها كما نص عليها سفر يشوع في الإصحاح الثالث (3: 1): "فبكر يشوع في الغد وارتحلوا من شطيم وأتوا إلى الأردن هو وكل بني إسرائيل و باتوا هناك قبل أن عبروا"، وهذا الإصحاح يتحدث عن واقعة هي حادثة عبور بني إسرائيل إلى أرض الموعد عبر نهر الأردن، فقال الرب ليشوع: "اليوم أبتدئ أعظمك في أعين جميع إسرائيل"، فأمر الكهنة حاملي تابوت العهد قائلاً: "عندما تأتون إلى ضفة مياه الأردن تقفون في الأردن هوذا تابوت عهد سيد كل الأرض عابرًا من كل سبط أمامكم في الأردن فالآن انتخبوا اثني عشر رجلاً من أسباط إسرائيل رجلاً واحدًا من كل سبط، ويكون حينما تستقر بطون أقدام الكهنة حاملي تابوت الرب في مياه الأردن إن مياه الأردن، المياه المنحدرة من فوق تنطلق وتقف ندًا واحدًا".
وذكر حبيب، أن هذه الحادثة تؤكد أهمية هذا الرمز لما حدث في عماد السيد المسيح علي يـد القديس يوحنا المعمدان، لأنه جاء لكي يوصل البشر إلي أرض الموعد الحقيقية وهي السماء، لذلك كما كان نهر الأردن الوسيلة التي من خلالها وصل بنو إسرائيل إلى أرض الموعد هكذا تحقق الرمز في عماد الرب في نهر الأردن ليكون الوسيلة للوصول إلى السماء .
وتابع: "وهكذا نفس الأمر، إذ بمجرد نزول الرب إلى نهر الأردن انفتحت السماء ونزل الروح القدس علي هيئة جسمية في شكل حمامة واستقر على رأس الرب يسوع كأول إنسان يستقر فيه الروح القدس منذ غادر البشر".
وواصل حبيب: "من هنا كان السبب في عماد السيد المسيح في نهر الأردن الذي هو المعبر إلى أرض الموعد وتحقق بحلول الروح القدس ليملك الله على البشر مرة أخري، وبتحقيق ملكوت الله على الأرض بداية لتحقيق ملكوت الله السماوي الذي استُعلن بانفتاح السماء بمجرد نزول السيد المسيح إلي نهر الأردن كما حدث في الرمز الذي ذكرناه سابقًا، إذ بمجرد حلول تابوت العهد في نهر الأردن انفتح ليصل إلى أرض الموعد وعبر الشعب من خلاله ليسكنوها ".
فيديو قد يعجبك: