الأزهر: تطوير المناهج الإسلامية والاستفادة بمستجدات العصر واجب شرعًا
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن الأزهر أقر مناهج أصيلة تعمل على تصحيح العقيدة وصيانتها من الشبه والأباطيل، وتمدهم بالحقائق الإيمانية نقية دون تشويه، وتأخذ الواقع إلى حياض الشريعة في غير تضييق ولا جمود، وتوجه سلوك الناس في إطار من السماحة، وتجدد وعيهم وتبصرهم بالتيارات والاتجاهات والمذاهب المعاصرة؛ فلا عجب بعد ذلك أن توصف مناهج الأزهر وكلياته ومعاهده بأنها تجدد عمل النبوة في الأمة إصلاحا وتيسيرا!.
وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الثاني لـ «جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» والذي جاء تحت عنوان «الدراسات الإسلامية في الجامعات: الرؤى والمناهج»، أن من أهم ما يميز الفكر والدراسات الإسلامية أنها ليست موقوتة بعصر معين ولا بزمن مخصوص، وأنها ليست محدودة بمكان ولا بأمة ولا بشعب ولا بطبقة، وأنها لا تخاطب القلب دون العقل، أو تخاطب العقل دون القلب، أو تدور حول الغيب دون الشهادة، أو تدور حول الشهادة دون الغيب، بل تمتاز بالشمول؛ فهي تخاطب كل الأمم، وكل الأجناس، وكل الشعوب، وكل الطبقات، وتربي القلب والعقل معا، وتصلح الدنيا والآخرة.
وأكد وكيل الأزهر أن تطوير المناهج الإسلامية ورؤاها والاستفادة بمستجدات العصر ومعطياته أصبح من الضرورات الواجبة شرعا؛ لأن مقاصد الدراسات الإسلامية توجب هذا، فضلا عن التنافس الفكري والتسابق الحضاري الذي يحاول فيه كل فريق أن يجذب غيره إليه، وهو ما يحتم استعمال التقنية والوسائل الحديثة في مجال الدراسات الإسلامية في الجامعات، فلقد تغيرت الوسائل المعاصرة التي تعين على التحصيل العلمي، والتراكم المعرفي، فقديما كان المسجد وأروقته وشيخه، ثم تطور الأمر إلى قاعات المحاضرات والمكتبات، واليوم زاحمت التكنولوجيا في العملية العلمية والتعليمية، وأصبح الإنترنت معلما وموجها وميسرا.
وبيّن أن الشمول يتجلى في العقيدة والإيمان، وفي العبادات والمعاملات، وفي الأخلاق والفضائل، وفي التشريع والتنظيم؛ ولعل السبب الرئيس في هذا الشمول وهذه السعة أن الفكر الإسلامي ينظم حياة الإنسان بحسبانه فردا، وبحسبانه جزءا من المجتمع، ثم ينظم ما يكون بين الأمم والشعوب مما تفرضه ضرورة الاجتماع الإنساني، وكل هذه المعالجات دون أي خيال أو مثالية مفرطة، ودون تضليل أو واقعية محبطة، وإنما معالجة وسطية تعالج مشاكل الإنسان واحتياجاته، وترتب سلوكه وعلاقاته، وتحفظ عليه دينه ودنياه وآخرته.
وأوضح وكيل الأزهر أن من أهم التحديات التي تواجهها الدراسات الإسلامية اليوم ليس في قدرتها على إيصال رسالة الإسلام كما أراد الله، وإنما في مواجهة ما يمكن أن نسميه «الصراع على الإسلام»، ما بين اتجاه يعنى بالدراسات الإسلامية على طريقة خاصة، ووفق منظور معين، دون حيادية أو موضوعية، ودون استجابة لما تفرضه نتائج البحث والنظر، وغالبا ما نجد هذا في الدراسات الغربية عن الإسلام وتراثه، والتي تحاول أن تؤطر الإسلام في أطر بعيدة عن مقاصده وأهدافه، وما بين اتجاه آخر هو أشد وطأة على علوم الإسلام من سابقه؛ يتنكر للدراسات الإسلامية نفسها، ويراها عبئا على المجتمعات، ويحاول استيراد نموذج معرفي غريب عن نظامنا المعرفي الإسلامي، يوقع الناس في حالة استلاب فكري وانهزام حضاري، وهذا الاتجاه للأسف من بني جلدتنا!.
فيديو قد يعجبك: