نصف وزني إيمان.. هل حصل مفيد فوزي على نصيبه من الحياة؟
كتب- محمد نصار:
رحل عن عالمنا اليوم الكاتب الكبير مفيد فوزي، بعد صراع مع مرض ربما ينضم إلى نصيبه من الحياة الذي حصل عليه، وتحدث عنه في أحد أشهر وأهم كتبه.
حكى فوزي الذي عرف قلمه إلى الحروف سبيلا عن كواليس حياته ورحلته في هذه الدنيا وجوانب أخرى كثيرة في مذكراته التي عكف على كتابتها وصدرت في النهاية بعنوان "نصيبي من الحياة".
في بداية الكتاب عاد فوزي "الحكاء" بالذاكرة إلى أيام طفولته ليدون عنها الكثير ومع مرور الذكريات كانت تمر سنوات عمره التي يتخيلها أيضا لينتقل من الطفولة إلى المراهقة والشباب وما بعدهما.
يقول فوزي عن وصفه لما دونه في مذكراته: أتذكر أيام طفولتي ومراهقتي وشبابي، وأفتش في صدري عن صداقات وعداوات عشتها، وأسجل أخطاء وخطايا العمالقة والأقزام أيضا، الذين قابلتهم على مدى المشوار.
شعور غريب تملك مفيد فوزي في مشوار كتابة مذكراته، التي قال عنها إن رياضته المفضلة كانت أن يتسلق شجرة الذكريات، ليقطف منها ما يشاء ويهديها إلى الجمهور في صورة مذكرات تحمل اسمه.
وصف فوزي هذا الشعور قائلا: لست أدري على وجه الدقة سبب الشعور الغريب الذي راودني ويمتزج فيه بعض من الشجن الشخصي.. هل لأنني أكتب مشوار حياتي.. أم لأن التشبث بالكتابة عن البدايات معناه في نهاية الأمر الوصول إلى شاطئ النهايات؟، هل لأنني كبرت إلى حد أصبح عندي فيه شيء أقوله للناس، وماذا يهم الناس من أمري؟ هل من المهم أن أترك شيئًا لجيل من بعدي قد يستفيد منه أو يشعر بما كنت أعانيه؟.
ويتحدث مفيد فوزي في كتابه عن رحلة حياته بكلمات بليغة، فيقول: حياتي لم تكن على الإطلاق نزهة نيلية، أو مجرد خلوة في ضوء القمر، أو موعدًا للغرام مع حبيبة، لم تكن مجرد قطار يسير في مروج خضراء، أو رحلة بالطائرة إلى عواصم العالم أتنزه فيها كما أشاء.
كان فوزي مكتفيا بنصيبه من الحياة غير طامع في المزيد، فلم يتسلل هذا الجانب المرح من الحياة وحب الدينا إلى نفس "متحدث المدينة": لم يكن لدي هذا الجانب من الرفاهية أو الشعور بالرغبة في الحياة أكثر.
وجمع "فوزي" في كتابه "نصيبي من الحياة"، أيامه بحلوها ومرها بزهورها وأشواكها، وتحدث عن حياته بثنائية -الأبيض والأسود-، مستزيدا في الشرح بقوله: تذاكيت مرة وتغابيت مرات، وفرحت بنسمة حرية مرة وشعرت بالخوف من التشريد مرات، وجمعت كل هذا في كتاب "نصيبي من الحياة".
ورغم الصعاب والأزمات التي مر بها مفيد فوزي في حياته إلا أنه لم يقدم يوما على تفكير -أسود- كما ذكر في كتابه، في الانتحار مهما كان ما حوله قاتمًا.
ويُفسر فوزي ذلك بقوله: ربما لأن نصف وزني إيمان، وأنا كمصري قبطي تعلمت في مدرسة مسيحية كيف لا أؤذي، وكيف أقابل الأذى بدرجة كبيرة من السماح، ولا أجري كثيرًا وراء المال؛ لأنني أدرك أن المال القليل يطرح فيه الله الكثير.
وترسخ في ذهن فوزي أن ما أدركه قد أدركه وما لم يدركه فلم يكن مقدرا له ذلك، فحصل على نصيبه من الدنيا وتمتع بـ "24 قيراط" فيها، فيقول: الإنسان يحكمه "24 قيراط"، له عدة قراريط من الحظ والصحة والفلوس والنجاح والحب، وأعترف بأن الرضا كان رفيقي، والاستغناء كان قوتي، والمهنية كانت سندي، والذكاء الاجتماعي كان مخالبي، والانكسار كان عدوي، والمرأة كانت شريكتي، والصديق كان مرآتي، والزمن كان جداري، والإيمان بالله كان سمائي، والرضا كان نصيبي من الحياة.
فيديو قد يعجبك: