ننتظر مساعدة حكومتنا.. طلاب مصريون تحت رعب الغزو الروسي لأوكرانيا
كتب - أحمد جمعة:
لم تشهد سلمى علام هذا القلق في عيون الأوكرانيين قِبلًا. منذ عام التحقت لدراسة الطب بجامعة كارازينا الواقعة بمدينة خاركيف الأوكرانية، ومضت دراستها في تلك المدينة الهادئة التي تحولت رأسًا على عقب في الساعات الأولى من صباح الخميس، بعد تنفيذ الرئيس الروسي تهديداته بالغزو.
وخاركيف، هي ثاني أكبر مدن أوكرانيا بعد العاصمة كييف، وفي قلب العملية العسكرية الروسية، إذ تبعد عن الحدود مع موسكو نحو 35 كيلومترًا.
حاولت سلمى رفقة زملائها المصريين المقيمين في المدينة الأوكرانية، إنهاء أوراقهم الرسمية والعودة إلى مصر في الأيام الماضية، حين كان التهديد الروسي بالغزو متصاعدًا يومًا تلو الآخر، لكن طول إجراءات الإقامة فوت عليهم الفرصة، ليصطدموا من جديد بإغلاق المطارات في عدة مدن أوكرانية بينها خاركيف لأجل غير مسمى.
ومع أول ضوء من صباح الخميس، كان صوت الانفجارات الصاروخية يوقظ "سلمى" وسكان المدينة من النوم: "حوالي الساعة 5 فجرًا سمعنا أصوات الصواريخ، لأن المدينة في قلب المناطق المستهدفة". وبعد ساعات شاهدت "دبابات" وجنود ينتشرون بشكل ملحوظ في الشوارع.
ومن بين قرابة 5 آلاف طالب مصري في المدينة الأوكرانية وحدها، نجح بعضهم في العودة إلى مصر قبل غلق الأجواء في أعقاب القصف الروسي: "بعضنا نزل وبعضنا معرفش، وبالذات طلاب السنة الأولى لأنهم حصلوا على الإقامة من يومين فقط، وكنا حاجزين طيران يوم 27 فبراير، وللأسف توقفت حركة الطيران اليوم".
وتقول سلمى إن أغلب الطلاب المصريين يتمركزون في مدينة خاركيف لاعتماد المجلس الأعلى للجامعات في مصر عدة جامعات بها.
أوضاع صعبة
وتشهد مدينة خاركيف أوضاعًا إنسانية صعبة، كحال باقي المدن الأوكرانية، فسرعان ما ألقى الغزو بتداعياته على سير الحياة اليومية للمواطنين والجاليات المقيمة.
رأت "سلمى" الكثير من المشاهد التي ستظل بذاكرتها لسنوات قادمة، نفدت السلع بالكثير من المتاجر على غير العادة، وتزاحم الناس في طوابير ممتدة لساعات أمام من متاجر أخرى، واحتشد العشرات أمام ماكينات صرف الأموال الآلية، واحتمى البعض بمحطات المترو خوفًا من التصعيد العسكري: "الناس هنا في خوف ورعب كبير بسبب اللي بيحصل".
تضيف سلمى: "السلع والماء اللي معانا خلص، ومش عارفين نسحب فلوس من البنوك".
وعلى الغرار، شاهد طاهر السيد، الذي التحق بكلية طب الأسنان بإحدى الجامعات الأوكرانية، من شرفة منزله عددًا من الصواريخ الروسية التي أطلقت على المناطق الحدودية في أوكرانيا.
يقول لمصراوي إن الأوضاع بالفعل صعبة للغاية في خاركيف وكافة المدن الأوكرانية: "زحمة كبيرة جدًا على محطات الوقود، وكل حاجة بتتسحب من الأسواق، وعلشان نشتري حاجة لازم نقف في طابور طويل جدًا".
عاش طاهر في خاركيف لنحو 5 سنوات، كوّن علاقات واسعة مع زملائه المصريين والعرب: "المدينة فيها أغلب الطلاب المصريين، و90% من العرب، بيدرسوا طب وهندسة وإدارة أعمال".
أمل "طاهر" و"سلمى" في مساعدة مصرية تُمكنهم من العودة إلى أرض الوطن، وتبديد مخاوف أسرهم وأصدقائهم في مصر من احتمالية تعرضهم لأي ضرر. "محتاجين ننزل في أسرع وقت.. وأمي بتموت من القلق، ومش عارف أطمنها إزاي"، وفق ما قال الطالب المصري.
وأشار إلى توقف الدراسة منذ بداية الأزمة في كافة الجامعات والمدارس: "مفيش حاجة شغلاني دلوقتي غير أسافر، حتى جهزت شطني علشان لو حصل حاجة أمشي بسرعة".
وتناشد سلمى الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل لمساعدة الطلاب العالقين في أوكرانيا بالعودة للبلاد، واستكمال الدراسة بالجامعات المصرية حال استمرار تدهور الأوضاع.
كانت وزارة الهجرة أعلنت تشكيل غرفة عمليات مخصصة لمتابعة موقف الجالية المصرية في أوكرانيا في ظل المستجدات والمتغيرات المتلاحقة.
وقالت السفيرة نبيلة مكرم إن مركز وزارة الهجرة للحوار لشباب المصريين الدارسين بالخارج يتواصل أيضا مع الدارسين المصريين بأوكرانيا والمتواجدين بعدة مدن مختلفة، للاطمئنان على أوضاعهم في ضوء المتغيرات الطارئة على الوضع هناك، ويتم التواصل مع الوزارات المعنية حول الحلول البديلة للطلبة بما يضمن الحفاظ على حياتهم أولا وتوجيههم للبعد عن المناطق الخطرة.
لكن الطالبين المصريين قالا إنهما ضمن مجموعة خاصة بالطلاب المصريين ولم يتواصل معهم أحد إلى الآن.
فيديو قد يعجبك: