إفلاس صيدليات 19011: ما تأثيره على قطاع الأدوية ومَن الخاسر الأبرز؟
كتب- أحمد جمعة:
لا تزال أزمة إفلاس مجموعة صيدليات 19011 تُلقي بظلالها على قطاع الدواء في مصر، وسط تخوفات أن تستمر تداعياتها لتطال سلاسل أخرى تعمل في السوق المحلي.
وقالت ثلاثة مصادر على صلة بقطاع الدواء في مصر، إن الأزمة الراهنة أثرت بشكل فادح على عمل شركات توزيع الأدوية في المقام الأول، بجانب حدوث اضطرابات في التوزيع وخطط التوسع لباقي السلاسل المنافسة، معتبرين أن القطاع المصرفي سيشدد قيوده على إقراض سلاسل الصيدليات الكبرى تجنبًا لأزمات مستقبلية.
كانت المحكمة الاقتصادية أصدرت حكمًا مطلع الشهر الجاري، بإفلاس سلسلة صيدليات 19011، وتعيين قاضٍ للتفليسة، على خلفية تراكم المديونيات المستحقة عليها لصالح شركات توزيع الأدوية والدعاية والإعلان وبعض الصيادلة الذين باعوا لها صيدلياتهم.
ويرى الدكتور أحمد العزبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة صيدليات "العزبي" ورئيس غرفة صناعة الدواء السابق، أن إفلاس صيدليات 19011، ليس وليد اليوم، لكن ما أثاره هو الحكم الصادر بإفلاس السلسة.
وقال "العزبي" في تصريحات خاصة لمصراوي، إنَّ "مجموعة صيدليات 19011 عليها مديونيات لمعظم شركات توزيع الأدوية والبنوك، وبالطبع فإنه يؤثر على سوق الأدوية بشكل كبير في الفترة الراهنة".
واعتبر "العزبي" أن الخاسر الأبرز في هذه الأزمة هي شركات توزيع الأدوية، متابعًا أن "ما تأثر بشكل أساسي هي شركات التوزيع الأول في المقام الأول لأنها حلقة في المنتصف بين المنتج أو المستورد، والصيدلية، وهامش ربحها لا يتحمل تلك الخسائر".
وبدأت المحكمة في نظر قضية إفلاس صيدليات 19011، بعد أن تقدمت شركتين للتوزيع الدوائي بدعوى أمامها لإشهار إفلاس شركة "ألفا" المالكة لسلسة الصيدليات، بسبب تعثر الأخيرة في سداد مستحقات 9 شيكات قيمتها نحو 9 ملايين جنيه.
وخلال نظر الدعوى التي بدأت أولى جلساتها قبل عامين، انضمت 13 شركة أخرى للدعايا والتوزيع الدوائي ومستحضرات التجميل والعطور، تضامنًا مع الشركتين المدعيتين كتدخل هجومي سمح به القانون لاسترداد مستحقاتهم المالية، وقدمت تلك الشركات ما يُفيد تأخر تسديد ديون شركات ألفا وإشعارات رفض الشيكات وإخطارات عدم الرد.
واتفق مع ذلك الدكتور حاتم البدوي، رئيس شعبة أصحاب الصيدليات بالغرف التجارية، الذي قال إن "قطاع الدواء سيتأثر بلاشك لأن هناك شركات توزيع كبرى كانت تورد الكثير من طلبات الأدوية لصيدليات 19011، على فترات آجلة طويلة وممتدة تتجاوز 250 يومًا".
وأضاف البدوي لمصراوي: "هذه السلسة كانت تحصل على الأدوية ويدفعون قيمتها بعد 250 يومًا استنادًا إلى الصورة المدلسة التي كان يتم تصديرها والإشاعات التي كانت تبث عن عمد، وهذا أثّر على شركات الدواء التي وردت أدوية دون الحصول على مستحقاتها".
وأوضح أن هذا التأثير السلبي يأتي في ظل وضع اقتصادي ليس في أفضل حالاته، فـ"الكل يعاني من أزمة سيولة وتمويل".
إنفاق مبالغ فيه
وتطرق رئيس شعبة أصحاب الصيدليات إلى نقطة أخرى في تأثير الإفلاس على وضع سلاسل الصيدليات، موضحًا أن أصحاب صيدليات سلسلة 19011 لم يلجأون إلى الشعبة، لكنهم إن فعلوا ذلك فلن يدعمهم أحدًا.
وقال البدوي: "كنا من أوائل المُحذّرين من هذه السلسة، وضد الممارسات الخاطئة ووضعنا عليها علامة استفهام كبيرة"، ضاربًا المثل على ذلك بأنه في الوقت الذي كانت أقصى قيمة إيجارية للصيدلية الوحدة في حدود 40 إلى 50 ألف جنيه، كان مُلّاك 19011 يدفعون نحو 200 ألف جنيه في بعض المناطق بالدقي أو مدينة نصر على سبيل المثال.
وأضاف: "بجانب أن كافة ممارساتهم في التسويق كانت خاطئة، قدموا خصومات كبيرة بالمخالفة لقانون مزاولة المهنة.. وهذا مؤشر إن فيه حاجة غلط".
ويصل عدد فروع سلسلة صيدليات 19011 نحو 150 فرعا على مستوى الجمهورية، في حين يبلغ عدد الصيدليات الموجودة بمصر 80 ألف صيدلية.
قيود على القروض
وأوضح رئيس شعبة أصحاب الصيدليات أن الأزمة الراهنة تؤثر على تعامل القطاع المصرفي مع الصيدليات وخاصة السلاسل الكبرى، متسائلًا: "هل من المنطق كصيدلي تاخد كل الضمانات وكفالات، في حين هما (يقصد أصحاب 19011) يروحوا بورق وهمي وكلها عقود إيجار وياخدوا مئات الملايين... يجب أن تكون هناك شفافية في هذا التحقيق وعرض نتائجه على الرأي العام، لأنه حتى الآن فأصحاب تلك السلسة هانئين بما حصلوا عليه".
وتابع: "هل كان حكم الإفلاس هو طوق النجاة القانوني لمُلَّاك 19011".
وذهب إلى تلك التساؤلات أيضًا، الدكتور أسامة رستم، الخبير البارز في قطاع الدواء، ونائب رئيس شركة إيبيكو للأدوية السابق.
قال رستم لمصراوي: "كون يصدر قرار بالإفلاس مع مديونية بنحو 7.5 مليار جنيه ضد صيدليات 19011، ولا توجد أصول للشركة تغطي هذه المديونية، فهذا يضع علامات استفهام، أولها كيف تمكنت هذه المجموعة من الحصول على القروض دون ضمانات فعلية، وهذا يمثل أكبر أسباب المشكلة أنه حصل على المبلغ دون أصول توازيه".
وبشكل عام، لفت "رستم" إلى إشكالية تواجه عمل سلاسل الصيدليات في مصر، الأولى تتعلق بأزمة قانونية بأن لدينا قانونين لا يتساق مع بعضهما، الأول بمزاولة مهنة الصيدلة 127 لسنة 1955 الذي نص على أن يمتلك الصيدلي صيدليتين ويدير واحدة، في حين أن هيئة الاستثمار صرحت بإنشاء شركات لإدارة الصيدليات كنوع من الاستثمار.
وقال: "هذا نوع من التضارب ولا بد من حسمه لكي تستقيم الأمور".
ورغم تلك الأزمة، فإن الخبير البارز في قطاع الدواء، يرى أن القطاع يشهد نوعا من التحسن خلال الفترة الأخيرة، بنسبة نمو تصل إلى 8 خلال عام انتهى في أبريل الماضي، وفقا لبيانات "IMS"، العالمية للمعلومات الدوائية.
ختامًا، يقول رئيس شعبة أصحاب الصيدليات إن "ما حدث في 19011 ليس نهاية القصة بل بدايتها".
اقرأ أيضًا..
- "العزبي" يُعلّق لمصراوي على إفلاس صيدليات 19011.. ويكشف الخاسر الأكبر
فيديو قد يعجبك: