وزير الري لشباب التنسيقية: ٨٠% من الكوارث الطبيعية مرتبطة بالمياه كالفيضانات والجفاف
كتب- مصراوي:
عقد الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، لقاء حواريًّا مع عدد من أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بمقر الوزارة، لعرض إجراءات ومشروعات التخفيف من التغيرات المناخية والتكيف مع آثارها السلبية، وما تقوم به الدولة المصرية من جهود بهدف ترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه، في إطار المشاركة المجتمعية للتوعية بقضية المياه.
ورحب عبد العاطي بأعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، مشيراً إلى دورهم المهم في التواصل مع المواطنين والعمل على زيادة الوعي بقضايا المياه في مصر.
وأعرب أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن تقديرهم للدكتور عبد العاطي؛ لإتاحة هذه الفرصة المهمة لعرض الموقف المائي في مصر؛ خصوصًا أن عقد مثل هذا اللقاء يُعد فرصة لمزيد من التوعية بقضايا المياه في مصر.
وأشار أعضاء التنسيقية إلى اهتمام لجنة المناخ بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بالتواصل مع الجهات المعنية بالدولة للتعرف على المجهودات المبذولة في مجال التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية بما ينعكس بشكل إيجابي على المواطنين، مع التأكيد على ضرورة الاستمرار في تعزيز التعاون والتنسيق بين كل الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في كل القضايا، وعلى رأسها قضية التغيرات المناخية.
وأعرب أعضاء التنسيقية عن رغبتهم في المشاركة بفعاليات أسبوع القاهرة الخامس للمياه المقبل، وسعيهم الدائم لتكثيف التواصل مع شباب الأحزاب من مختلف الدول؛ خصوصاً الدول الإفريقية لعرض حجم التحديات المائية التي تواجهها مصر ومجهودات الدولة للتعامل معها.
ونوه أعضاء التنسيقية بأنه يجري الإعداد لحملة نظافة كبرى من المخلفات بطول مجرى نهر النيل وفرعَيه تنطلق خلال يوم النظافة العالمي في شهر سبتمبر المقبل بالتعاون بين وزارة الري ومؤسسة شباب بتحب مصر.
وأشار عبد العاطي خلال اللقاء إلى أن قضية التغيرات المناخية تُعد من أهم القضايا التي يواجهها العالم في الوقت الحالي، نظراً للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على الموارد المائية والإنتاج الغذائي حول العالم والتسبب في الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة وارتفاع منسوب سطح البحر، بالإضافة إلى ما تشهده مصر من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة؛ مثل الأمطار الشديدة التي تضرب مناطق متفرقة من البلاد، الأمر الذي يستلزم تكثيف الجهود في مجال التكيف مع التغيرات المناخية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتقليل من الانبعاثات للتخفيف من التغيرات المناخية، مشيراً إلى أن ٨٠% من الكوارث الطبيعية في العالم مرتبطة بالمياه؛ مثل الفيضانات وموجات الجفاف وغيرها، موضحاً عددًا من الحالات البارزة لنتائج التغيرات المناخية حول العالم؛ مثل التراجع الشديد في مساحة بحيرة تشاد بوسط إفريقيا وبحر آرال بآسيا الوسطى وتراجع كميات الثلوج على قمة جبل كليمنجارو بإفريقيا، مضيفًا أن الهجرة غير الشرعية قد تتزايد حدتها نتيجة ندرة المياه أو غرق المناطق الساحلية أو السيول الومضية.
واستعرض عبد العاطي حجم التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية؛ حيث إنه من المتوقع حدوث زيادة السكان في مصر لنحو من ٧٥ مليون نسمة في عام ٢٠٥٠، بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية، حيث تُقدر موارد مصر المائية بنحو ٦٠ مليار متر مكعب سنويًّا من المياه؛ معظمها يأتي من مياه نهر النيل، بالإضافة إلى كميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، وفي المقابل يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر إلى نحو ١١٤ مليار متر مكعب سنويًّا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية بالوادي والدلتا، بالإضافة إلى استيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل ٣٤ مليار متر مكعب سنوياً من المياه.
وأشار عبد العاطي إلى قيام مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام ٢٠٥٠ بتكلفة تصل إلى ٩٠٠ مليار جنيه ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧ تعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه، وأنه تم خلال السنوات الست الماضية اتخاذ العديد من الإجراءات لزيادة جاهزية ومرونة المنظومة المائية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أي طارئ تتعرض إليه المنظومة المائية.
وأوضح الدكتور عبد العاطي أن هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعي من خلال وعي المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كل أشكال الهدر والتلوث، أو على المستوى الحكومي من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التي تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعي، مؤكداً أن مصر لديها خبرات وطنية متميزة في مجال الموارد المائية والري، بالشكل الذي يمكنها من التعامل مع مثل هذه التحديات بمنتهى الكفاءة وإيجاد الحلول العملية لها من خلال تحويل مثل هذه التحديات لفرص يستفيد منها المصريون، وأن القلق الصحي وليس المرضي الذي نشعر به هو الذي يدفع وزارة الموارد المائية والري لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أي طارئ تتعرض له المنظومة المائية.
وتقوم وزارة الموارد المائية والري حالياً، على صعيد المشروعات القومية الكبرى التي تهدف لترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه، بتنفيذ المشروع القومي لتأهيل الترع والذي يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة، بخلاف المردود الاقتصادي والاجتماعب والحضاري والبيئي الملموس، بالإضافة إلى مشروعات تأهيل المساقي، كما تقوم الوزارة بالعمل في المشروع القومي للتحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع في استخدام تطبيقات الري الذكي، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة إلى مشروعات الحماية من أخطار السيول وحصاد مياه الأمطار؛ حيث تم تنفيذ أكثر من ١٥٠٠ منشأ للحماية خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ المصرية؛ حيث تم تنفيذ أعمال لحماية ٢١٠ كيلومترات من السواحل المصرية وجار العمل في ٤٥ كيلومترًا أخرى، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي لتحسين نوعية المياه والوضع البيئي بالبحر المتوسط، مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا بمحطة بحر البقر ومشروع الاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا بمحطة الحمام ومشروع مصرف المحسمة، بالإضافة إلى إنشاء أكثر من ٤٥٠ محطة خلط وسيط، وتنفيذ إجراءات تحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية مع التوسع في استخدام الطاقة الشمسية في رفع المياه الجوفية لتقليل الانبعاثات.
وأشار الوزير إلى أن العديد من دول العالم طلبت الاستفادة بالخبرات المصرية في مجال إدارة المياه وتدوير المياه، وأن الوزارة تُقدم كل أشكال الدعم للدول العربية والإفريقية الشقيقة في مجال الموارد المائية، سواء من خلال تنفيذ مشروعات مختلفة بالعديد من الدول الإفريقية بالشكل الذي يعود بالنفع على مواطني هذه الدول، أو من خلال العمل على تبادل الخبرات الفنية بين المتخصصين في مصر وهذه الدول، خصوصاً في ظل الإمكانات التدريبية المتميزة التي تمتلكها الوزارة مثل المركز الإقليمي للتدريب التابع للوزارة وفروعه بالمحافظات ومركز التدريب الإقليمي التابع لمعهد بحوث الهيدروليكا.
وتابع عبد العاطي: على صعيد التطوير التشريعي؛ فقد تم إصدار مشروع قانون الموارد المائية والري الجديد، والذي يهدف لتحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كل الاستخدامات والمنتفعين، وحماية الموارد المائية وشبكة المجاري المائية من كل أشكال التعديات.
وأكد الوزير ضرورة التوسع في البحث العلمي والاعتماد على التكنولوجيا في مجال إدارة المياه، مشيراً إلى أهمية وجود منظومات للتنبؤ والإنذار المبكر بمختلف الدول للتعامل مع الظواهر المناخية المتطرفة الناتجة عن التغيرات المناخية، حيث تعمل مصر على توفير الدعم اللازم لتطوير وتطبيق أنظمة الإنذار المبكر في مجال المياه والمناخ على المستوى الإقليمي، وذلك بهدف زيادة جاهزية جميع الدول بالمنطقة للتعامل مع الظواهر المتطرفة كالسيول والجفاف، وبما يوفر الحماية للمواطنين من مخاطر التغيرات المناخية، خصوصاً في ظل الإمكانات المتميزة التي تمتلكها الوزارة في مجال استخدام تقنية الرصد والمتابعة والإنذار المبكر بالأمطار والفيضانات، من خلال مركز التنبؤ بالفيضان والذي يعمل على مشاركة خرائط الأمطار مع عدد من الدول العربية والإفريقية.
وأضاف الوزير أنه في ضوء العمل على رصد ومراقبة الموارد المائية بكفاءة عالية تُمكّن متخذي القرار بالوزارة على كل المستويات من إتخاذ ما يلزم من قرارات لتحقيق الإدارة الرشيدة للموارد المائية والوفاء بكل الاحتياجات المائية للقطاعات المختلفة بالدولة، فقد قامت الوزارة بإنشاء منظومة متطورة للرصد الآلي "التلليمتري"، والتي تسمح بتدفق البيانات من (٣٠٠) محطة رصد -تعمل بالطاقة الشمسية- تنتشر عبر النقاط الحاكمة والفاصلة على امتداد شبكتي الري والصرف على مستوى الجمهورية، وقد أثبتت هذه المنظومة نجاحها كأداة فعالة في توفير بيانات دقيقة ومستمرة على مدار الساعة تتابع حالة سريان المياه في المجاري المائية، ولقد كان لهذه المنظومة أثر بالغ في متابعة وضبط إدارة المياه خصوصاً في موسم الأمطار وفترة أقصى الاحتياجات والتعامل الفوري مع أية طوارئ في شبكة الري.
واستعرض الدكتور عبد العاطي أهمية أسبوع القاهرة للمياه والذي يُعقد بشكل سنوي في شهر أكتوبر من كل عام تحت رعاية الرئيس السيسي، مشيراً إلى أنه أصبح علامة دولية للمياه، حيث يشارك فيه العديد من دول العالم بشكل متزايد عامًا بعد عام، وأنه أصبح منصة دولية وإقليمية للحوار يشارك فيها ممثلون من كل الفئات المتعاملة مع المياه، وأصبح أداة مهمة للتوعية بقضايا المياه بين مختلف فئات المجتمع، حيث يشارك في المؤتمر العديد من المزارعين الذين يقومون بعرض تجاربهم في ترشيد المياه والتحول لنظم الري الحديث، ومن المنتظر أن يشهد أسبوع القاهرة الخامس للمياه مشاركة واسعة من الوزراء والوفود الرسمية وكبار المسؤولين في قطاع المياه وكذلك مشاركة لفيف من العلماء والمنظمات والمعاهد الدولية ومنظمات المجتمع المدني والسيدات والمزارعين والقانونيين من مختلف دول العالم.
وأوضح عبد العاطي أنه سيتم رفع توصيات أسبوع القاهرة الخامس للمياه للمناقشة في جناح المياه المقام ضمن مؤتمر المناخ والذي تستضيفه مصر في شهر نوفمبر المقبل، وأنه سيتم تنظيم يوم خاص بالمياه ضمن فعاليات مؤتمر المناخ بالتعاون مع عدد من الشركاء، بالإضافة لوجود عدد من المبادرات الدولية الجاري الإعداد لها للتكيف مع التغيرات المناخية في قطاع المياه، وسيتم إطلاق هذه المبادرات خلال فعاليات مؤتمر المناخ.
وتوجه عبد العاطي بالتحية لجميع الحضور على مشاركتهم في هذا الحوار المهم والبناء والذي عكس اهتمام ووعي تنسيقية شباب الأحزاب والسياسين وأعضائها بقضايا الوطن؛ وعلى رأسها قضية المياه.
فيديو قد يعجبك: