التقسيط والتحرش والقروض.. كيف ردت الإفتاء على قضايا شغلت المصريين؟
كتب- محمود مصطفى:
حسمت دار الإفتاء الجدل بشأن الموضوعات التي أثيرت مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي والمتعلقة بـ"تمويل الخدمات بالتقسيط وتمويل الخدمات عن طريق البنك"، وقضايا أخرى تشمل كافة مناحي الحياة وكل ما يهم المجتمع، عبر برنامج "أفتني".
ويرصد "مصراوي" أبرز القضايا التي حسمتها دار الإفتاء على النحو التالي:
- تمويل الخدمات بالتقسيط
تمويل الخدمات عن طريق البنك بالتقسيط؛ كالحج والعمرة، وغيرهما ممَّا يتعلق بالأنشطة المجتمعية جائزٌ شرعًا: ما دامت القيمة المطلوبة محددةً سلفًا ويتم الاتفاق فيها بوضوح بين الطرفين على آجال السداد، وتأخذ هذه الخدمات حكم السلعة في إمكان التعاقد عليها بثمن حالٍّ أو مُقَسَّط، بمُقَدَّم أو بغير مقدَّم، وبزيادة في السعر مع التقسيط أو بغير زيادة.
- تمويل المشروعات عن طريق البنك
عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك أو الهيئات أو الجمعيات العامة من جهة وبين الأفراد أو المؤسسات من جهة أخرى هي في الحقيقة عقود مبنية على دراسات الجدوى وحسابات الاستثمار، وخالية من الغرر والضرر، وتحقِّق مصالح أطرافها، وهي جائزة شرعًا ولا حرج فيها، وينبغي عدمُ تسميتها بـ"القرض"؛ لأن مبنى القرض على الإرفاق ومحض الخيرية؛ فهو من عقود التبرعات، وهذه عقود تمويل واستثمار من عقود المعاوضات، فإذا سُمِّيَت "قروضًا" سبَّب ذلك لَبسًا مع قاعدة "كلُّ قرضٍ جَرَّ نَفعًا فهو ربا".
- البيع بالتقسيط
البيع بالتقسيط جائز ولا حرمة فيه، بناء على القاعدة التي تقول "إذا توسطت السلعة فلا ربنا"، وإذا كانت بين البائع والمشتري فلا ربا مطلقا، وللبائع أن يحدد الثمن مقابل السلعة.
- التحرش
التحرش هو أمر محرم شرعا ومن أكبر الكبائر، لاشتماله على محاذير شرعية، والنبي صلى الله عليه وسلم قال عنه إنه "أربى الربا"، وقال صلى الله عليه وسلم إن من أربى الربا استطالة الإنسان على عرض أخيه، فالزنا يكون بالتراضي وغيره وفي كلتا الحالتين حرام، والتحرش فيه هذا المعنى وزيادة، لأنه يكون من غير تراضِ، لذلك حرّمه المولى كتحريم الزنا.
- التلفُّظ بعبارة: "ربنا افتكره"
ما انتشر على ألسنة المصريين من قولهم عند سؤالهم عن شخصٍ قد توفاه الله تعالى ولم يعلم السائل بوفاته: "ربنا افتكره"؛ بحيث يتبادر إلى ذهن السامع على الفور دون حاجةٍ إلى قرينةٍ أو توضيحٍ أنَّ المسئول عنه قد توفِّي وانتقل إلى رحمة الله تعالى؛ لا حرج فيه شرعًا، ولا يجوز إساءة الظنِّ بحمل معناه على ما يدل عليه ظاهرُهُ اللغويُّ مِن نِسبة سَبْقِ النسيان إلى الله تعالى -حاشاه سبحانه وتقدَّس شانُهُ-، بل الواجب حملُهُ على المعنى المجازي العُرفي الحسن وهو الرحمة؛ فهذه المقولة من المصريين متضمنة التعبيرَ عن رجائهم خروج المتوفى من ضيق الدنيا إلى سعة رحمة الله بعد الموت الذي لا يضام من ضمَّه إلى رحابه، ومتضمنة كذلك التعبيرَ عن أنَّ الوفاة في حدِّ ذاتهـــا راحةٌ للمؤمن من عناء الدنيا وشقائها، وهذه كلها معانٍ حسنة، وَرَدَت بهـــا النصوص الشرعيَّة وعبرت عنها الشخصية المصرية.
- الجهر بالبسملة في الفاتحة في الصلاة.
الجهر بالبسملة في بداية قراءة الفاتحة في الصلاة من المسائل التي اختلف فيها بين العلماء؛ فالشافعية وجماعة من العلماء يرون استحباب الجهر بها، وغيرهم من العلماء يرون أن الإسرار بها هو الأفضل.
وهذا الأمر معدود من هيئات الصلاة التي لا ترقى إلى درجة السنن المؤكدة؛ فالخلاف فيه قريب والشأن فيه واسع؛ فمن جهر بالبسملة فهو حسن ومن أسرَّ بها فهو حسن، وعلى كل إمام العمل ألَّا يتَعَمَّدَ مخالفة الناس فيما اعتادوا عليه وأَلِفُوه من التَّخَيُّرات الفقهية.
ولا يجوز أن تكون أمثال هذه المسائل الخلافية مثار فتنة ونزاع وفُرقة بين المسلمين، بل يسعنا فيها ما وسع سلفنا الصالح من أدب الخلاف الذي كانوا يتحلَّون به في خلافاتهم الفقهية.
فيديو قد يعجبك: