إعلان

زيادة أسعار 3 آلاف دواء.. هل تنجح "الخطة المضغوطة" في توفير النواقص؟

01:23 م الإثنين 22 يوليو 2024

أرشيفية

كتب- أحمد جمعة:
سرّعت هيئة الدواء المصرية وتيرة مراجعة الطلبات التي قدمتها شركات الأدوية لمراجعة أسعار أصنافها المتداولة محلياً، على أمل أن يسهم ذلك في إنهاء أزمة النواقص التي يعاني منها القطاع خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد تفاقمها مؤخرًا.

وكشف ثلاثة مصادر بقطاع الأدوية، لمصراوي، أن الهيئة كانت تعتزم تحريك أسعار الأدوية تدريجياً حتى نهاية العام الحالي، قبل أن يتدخل رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي موجهًا إياها بـ"ضغط" تلك الزيادات خلال 3 أشهر بحد أقصى، بما يُمكن شركات الأدوية من إنتاج الأصناف التي تشهد نقصًا خلال الآونة الأخيرة.

وقدّرت شعبة الأدوية بالغرف التجارية، نقص قرابة ألف صنف دوائي في مصر على وقع "أزمة العملة" التي شهدتها مصر منذ العام الماضي، والتي أثرت على مستوى استيراد شركات الأدوية للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج.

وقالت المصادر إن خطوة التعجيل في إقرار الزيادات الجديدة بأسعار الأدوية من شأنها أن تُسرع من وتيرة الإنتاج، إذ أن تلك الشركات "لن تُقدم على التوسع في إنتاج أدويتها الأكثر مبيعًا إلا بعد الحصول على إفادة بزيادة أسعارها؛ حتى لا تنتجها وتتكبد خسارة".

وسبق أن تحدث رئيس الوزراء تفصيلياً خلال مؤتمر صحفي عن خطة الحكومة لتحريك أسعار الأدوية وتوفير "النواقص"، موضحًا أنه جرى عقد اجتماعات ولقاءات مع مسئولي غرف صناعة الأدوية، ومجالس التصدير، للوصول إلى نقطة توازن فيما يتعلق بملف الدواء.

ووفق "مدبولي" فإن تلك الاجتماعات أسفرت عن إقرار خطة بالتعاون والتنسيق مع الغرفة والمجالس تتعلق بمجموعة من الأدوية يصل عددها إلى نحو 3000 صنف من الدواء تمثل 90% من حجم التداول بالسوق المصرية، في إشارة إلى الأدوية الأكثر مبيعًا.

ولفت إلى أنه كان من المفترض تطبيق هذه الخطة حتى نهاية العام الحالي، قبل أن يتم التوافق مع الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة، والدكتور علي الغمراوي رئيس هيئة الدواء على تطبيقها سريعاً بحيث تنتهي أزمة الدواء في غضون الـ 3 شهور المقبلة.

ويصل عدد الأصناف الدوائية في مصر لنحو 17 ألف عقار، بيد أن ما ينتج حاليا يتراوح بين 7 إلى 8 آلاف صنف، بعد توقف عدد من الشركات عن إنتاج أصناف معينة، وفق المركز المصري للحق في الدواء.

وتراجع هيئة الدواء المصرية أسعار المستحضرات الدوائية المتداولة محلياً عبر آلية ثابتة من خلال لجنة يُطلق عليها "لجنة التسعيرة"، والتي تنتظر في الطلبات التي تقدمها الشركات لزيادة أسعار منتجاتها، بيد أنها في الوقت نفسه تتحقق من تكاليف إنتاج الأصناف الدوائية والفترة القانونية لـ"براءة الاختراع" ما قد يكون وسيلة لخفض أسعار بعض المنتجات في ذات الوقت.

ومع اتخاذ الحكومة قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، وما تبعه من تحريك لأسعار المشتقات البترولية، تزايدت طلبات شركات الأدوية لإعادة النظر في الأسعار، بما يُمكنها من مواصلة الإنتاج دون تعريضها لـ"خسائر".

كانت شركات الأدوية تحصل على الدولار بالسعر الرسمي (1 دولار = 30.85 جنيه)، لتوفير المواد الخام، في حين تلجأ إلى السوق السوداء لتدبير جزء من الاحتياجات اللازمة لشراء باقي مستلزمات الإنتاج، قبل أن يجري تحرير سعر الصرف ليصل اليوم إلى مستوى (1 دولار = 48.3 جنيه).

"طلبات منفردة"
واعتبر الدكتور محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ومستشار غرفة صناعة الدواء، أن ملف الدواء وأسعاره "شديد التعقيد" ويمر بمراحل فنية وسياسية قبل اتخاذ أي قرار بشأنه.

وشدد "البهي" في تصريحات لمصراوي، على أنه "لا توجد زيادة ثابتة في أسعار الأدوية هذه المرة، إذ يُراجع كل ملف تقدمت به الشركات على حدة"، مضيفًا: "مفيش مسطرة ثابتة لزيادة الأسعار".

يتوافق ذلك مع تأكيد هيئة الدواء المصرية على أن "تسعير الدواء يخضع لآليات محددة، وأن كل صنف يتم تسعيره بشكل منفرد بناء على طلب مقدم من الشركة المنتجة".

وشددت في بيان سابق، على أن سياسات التسعيرة الجبرية الخاصة بالمستحضرات الدوائية تعتمد على ركيزتين أساسيتين، وهما: السعر العادل لمراعاة البعد الاجتماعي للمواطن، وضرورة توفير المستحضرات الدوائية.

كانت الحكومة قررت منتصف يناير 2017 زيادة أسعار الأدوية بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50% للأدوية المحلية، بينما تراوحت الزيادة في أسعار الأدوية المستوردة بين 40 و50% لتلافي آثار قرار تعويم الجنيه، وتطبيقها على 3010 أصناف دوائية دفعة واحدة، واعتبرت تلك الزيادة حينها لضمان استمرار الشركات في إنتاج الأدوية للسوق المحلية.

لكن لم تلجأ الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة إلى الإقدام على زيادة واسعة في أسعار الأدوية دفعة واحدة على غرار ما جرى بعد تعويم الجنيه عام 2016، إذ تمت زيادة أسعار 3 آلاف و50 صنفًا دوائياً خلال الفترة من 2021 وحتى نهاية العام الماضي 2023، بحسب المركز المصري.

وأشار رئيس الوزراء إلى "الاتفاق أن تكون الزيادة في أسعار الأدوية المزمنة بنسب معقولة، في حين يتم تعويض ذلك في المنتجات الأخرى التي لن يشتكي منها المواطن (كالمكملات الغذائية والفيتامينات)".

وأوضح مصدر مسؤول بإحدى شركات الأدوية المحلية، لمصراوي، أنه جرى الاتفاق على تكون الزيادة في أسعار الأدوية المزمنة بحدود 25%، في حين ترتفع قليلًا لتصل إلى نحو 30% للأدوية الخاصة بالأمراض غير المزمنة أو ما هو متعارف عليه طبياً بـ(Acute disease)، وتصل إلى 50% لأدوية "OTC"، وهي تلك التي تُصرف بدون وصفة طبية مثل الفيتامينات والمكملات الغذائية.

من جانبه، قال الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن تحريك أسعار الأدوية بدأ مطلع يونيو الماضي ولا يزال مستمرًا إلى الآن، لكنه أشار إلى أن وتيرة التسعير "كانت بطيئة إذ لم تزد الأعداد عن 200 مستحضر بين الأكثر تداولًا بالسوق"، وفق قوله.

وأوضح لـ"مصراوي" أن متوسط الزيادة يبلغ 25%، لكن بعض الأدوية شهدت زيادة بنسب أقل أو أكبر تصل إلى 40%، ومع ذلك اعتبر "هذه الزيادة غير عادلة بالنسبة لصناع الدواء لأن هناك فجوة كبيرة بين التكلفة والزيادة التي جرى إقرارها".

وعاد عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات للتأكيد على أن "هناك إرادة لدى مجلس الوزراء والجهات المتخصصة للنظر في أسعار الأدوية، عبر مراجعة الأسعار طبقا لتكلفة الإنتاج بالإضافة لتحقيق هامش ربح للشركات والموزعين والصيادلة".

وأضاف: "هناك بعض الأدوية تمثل خسارة للشركات ورغم ذلك كان يتم إنتاجها بعد ارتفاع سعر الدولار، لكن بات يستحيل أن يظل المصنع يخسر، والأمر احتاج إلى هذا التدخل".

كان الدكتور خالد عبدالغفار قال إن تغيير سعر الصرف كان من التحديات التي واجهت صناعة الدواء، وبالتالي جرى إعادة النظر في التسعير مرة أخرى بما يُمكن الشركات من مواصلة إنتاجها دون أزمات، متابعا: "لجان التسعير تنظر في أسعار المنتجات الدوائية لحماية هذه الصناعة... الدواء لو زاد سعره 5 أو 10 جنيهات مش مشكلة كبيرة، بس يتم توفيره للمريض".

وتوقع "البهي" و"عوف" حل أزمة النواقص خلال الـ 3 أشهر المقبلة بحد أقصى بعد تطبيق هذه الخطة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان