لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مين فاهم إيه؟

مين فاهم إيه؟

11:12 ص السبت 14 يوليه 2012

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم ــ  محمد منير : 

فى بداية التسعينيات كنت حديث العهد بالقاهرة وشوارعها، وفى أحد الأيام كان لدى موعد لإجراء حوار مع الكاتب الصحفى الأستاذ محمد عبدالقدوس، وأعطانى العنوان حيث يُقيم فى شارع أبوالفداء بالزمالك أوالجبلاية سابقاً، وذهبت إلى الزمالك وبدأت أسأل عن شارع أبوالفداء، الذى علمت بعد ذلك أنه من أشهر شوارع القاهرة، ووجدت أمامى عسكرى يقف أمام السفارة الفنلندية إن لم تخنّى الذاكرة، وسألته فين شارع أبوالفداء؟ فقال لى نصاً بعد أن أبدى اندهاشه: لا حول ولا قوة إلا بالله شارع أبوالفدا يا أستاذ مش هنا خالص، إنت إيه اللى جابك هنا، وبعد أن انهال على بالنصائح ووصف لى الطريق سألت نفسى صحيح أنا إيه إللى جابنى هنا)، وطبعاً لم أشكك فى معرفته بالشارع بعد هذا الاندهاش المريب، وشكرته وبدأت رحلتى، ولأننى كنت مبهوراً بجمال العمارات المتراصة أمام نيل الزمالك قرأت لوحة قديمة مكتوباً عليها: أبوالفداء (الجبلاية سابقاً)، وهذه اللوحة تبعد بضعة أمتار عن الرجل الذى سألته، ولم أحتمل أن أسير دون أن أعود له مرة ثانية، وقلت له يا دفعة هذا هو شارع أبوالفداء والمرة الجاية لو مش عارف قول مش عارف، عادى جداً، وعلى سبيل الدعابة سألته عن السفارة التى يقف أمامها (هى ديه سفارة إيه يا دفعة؟).

صدمنى وقال لى بكل ثقة، سفارة اليابان، وهى كانت سفارة فنلندا، فأيقنت أنه لم ولن يتعلم الدرس، وكأن الفتوى مرض، رغم أن القاعدة الحكيمة تقول، قد أفتى من قال لا أعلم، هذا بالضبط ما نعيشه الآن، فى ظل إعطاء الكلمة لمن لا يملكونها، والرأى لمن لا يعرفه، والشورى لمن يحتاج إلى مشورة، ونسأل من لا يعرف الإجابة، ونستحكم من ليس له فى الأمر شىء، ونأتمن من لا يُؤتمن، والجميع يفتون فيما ليس لهم به علم، وعلى الجانب الآخر من يملكون الكلمة والرأى والمشورة والحكمة والفتوى انقسموا فيما بينهم، وكانت النتيجة أن نسمع الرأى ونقيضه فى الوقت نفسه، حتى فى القضايا التى لا تحتمل تعدد الآراء، وأقربها قضية حل مجلس الشعب، وصدور قرار من الرئيس محمد مرسى يقضى بعودة المجلس المنحل، وإلغاء القرار الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل المجلس تنفيذاً للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا الذى يقضى بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب،

وعقب صدور قرار الرئيس اختلف الفقهاء الدستوريون فيما بينهم، فبعضهم أكد أن هذا من سلطات الرئيس المنتخب، ولا يمس الحكم الصادر من المحكمة الدستورية، وبعضهم صرح بأن هذا القرار يمثل تعدياً على حكم الدستورية، وسوف يؤثر سلباً على هيبة القضاء المصرى، لأنه ينم عن عدم احترام الرئيس وهو أعلى سلطة فى الدولة للقانون، وستكون النتيجة اغتيال دولة القانون، ومع اختلاف الآراء والتصريحات أصبحنا نسأل أنفسنا لمن نسمع ولمن نحتكم وكلاهما فقهاء دستوريون، لدرجة أننى لجأت إلى محرك البحث «جوجل» على الإنترنت للتحقق من السيرة الذاتية لهؤلاء الذين يسمون أنفسهم فقهاء دستوريين، وهل درسوا نفس القانون أم أن كلاً منهم درس قانوناً مختلفاً عن الآخر، وبحثت أيضاً فى السيرة الذاتية لبعض من يلقبون أنفسهم بالنشطاء السياسيين أو الخبراء الاستراتيجيين أو الباحثين السياسيين أو المستشارين القانونيين وغيرها من الألقاب والمسميات مع كامل احترامى وتقديرى لهم جميعاً، لكننى اكتشفت أن بعضهم دون تحديد أسماء لا يمكن أن نأتمنه على أن يدرس فى فصول محو الأمية، وليس التحدث للملايين، وبعضهم تشوبه الشكوك حول توجهاته، وبعضهم منتفعون ويوجهون دائماً الدفة لما يخدم مصالحهم، لكن أين مصلحة مصر؟ وما هو عنوان سفارة فنلندا فى الزمالك؟ وباختصار مين فاهم إيه؟

كلمة أخيرة:

تحية للدكتور مرسى لتراجعه فى قرار عودة مجلس الشعب المنحل، واحترام دولة القانون، وتحية أكبر لو لم تُصدر القرار من البداية، وتصوم ثلاثة أيام بعد حلف اليمين الدستورية لأن هذا ليس لغواً ولكنه تعقيد أَيْمَانَ كما قال تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ).

إعلان

إعلان

إعلان