إعلان

لنتظاهر ضد من يريدون تجريم التظاهر!

لنتظاهر ضد من يريدون تجريم التظاهر!

11:37 م الإثنين 21 أكتوبر 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تامر أبوعرب

1-
يقولون إنهم سيصدرون قانونا يحظرون فيه التظاهر، إذن فلنتظاهر ضده!
عن نفسي سأتوقف عن التظاهر فورًا عندما يكون في يدي السلطة لأفعل كل شيء، كأن يتم تعييني وزيرًا للدفاع أو حتى رئيسًا للجمهورية، وحتى يحدث ذلك لا أملك وسيلة لمواجهة ما أعترض عليه إلا أن أتظاهر تنديدًا به.
خلال السنوات العشر الأخيرة تظاهرنا تضامنا مع العمال، وضد الاستبداد التوريث والتعذيب، ولإدانة العدوان على غزة ودعم الانتفاضة، وللتعاطف مع المسلمين في بورما، ولنصرة النبي في وجه المسيئين إليه، وللمطالبة بالتغيير، ولمواجهة الهجمة على الإعلام، واحتجاجًا على تزوير الانتخابات، ولمساندة القضاة والأطباء، ولتحرير المعتقلين، وضد رؤساء التحرير الذين ظلمونا وحاربونا في أرزاقنا.
تظاهرنا لأنه لم يكن بوسعنا إلا أن نتظاهر، تظاهرنا لأن التظاهر كان بديلا للانتحار، والآن يريدون أن يمنعونا من التظاهر لأنهم غالبا يودون لو أقبلنا على الانتحار.

2-
إن أردت أن تقتل أي حقيقة في مصر شكّل لها لجنة تقصي حقائق، وإن أردت أن تقضي على أي حق فعليك بإصدار قانون ينظمه.
التنظيم عندنا يعني أن نسلمك للروتين حتى يسلمك الروتين لليأس، فالدستور يكفل لك الحق في العلاج، لكن لدواع تنظيمية بحتة يجب أن تقف في طوابير العلاج على نفقة الدولة شهورا وربما أعوامًا حتى تمل أو تموت، ومن حق كل المصريين دخول كلية الشرطة، لكن لأمور تنظيمية بحتة اضطرت الكلية لشئ اسمه كشف الهيئة يمكن من خلاله فرز أبناء مواطني الدرجة الأولى وحاملي كروت التوصية.
مبدئيًا يجرم القانون الجديد الذي يريد مجلس الوزراء تمريره الاعتصام بشكل كامل سواء كان سياسيًا أو عماليًا أو فئويًا، حيث ينص في مادته السابعة المادة السابعة على أنه ''يحظر في ممارسة الحق في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة الاعتصام أو المبيت بأماكنها''، رغم أن عددا من أعضاء الحكومة الحالية اعتصموا أو تضامنوا مع الاعتصامات المناهضة لمرسي، وكانوا يدينون أي اعتداء عليها.
المادة الثامنة توجب على من يريد تنظيم اجتماع عام أو مظاهرة أن يخطر كتابة بذلك قسم أو مركز الشرطة الذي يقع بدائرته قبل بدء الاجتماع أو المظاهرة بسبعة أيام عمل على الأقل، على أن يتم تسليم الطلب باليد أو بموجب إنذار على يد محضر، على أن يتضمن الإخطار مكان وخط سير المظاهرة، وموعد بدئها وانتهائها وبيان بموضوعها الاجتماع العام أو الموكب أو المظاهرة والغرض منها والمطالب التي يرفعها المشاركون، وكذلك بيان بأسماء الأفراد أو الجهة المنظمة للاجتماع العام أو الموكب أو المظاهرة.
بينما أقرأ هذه الشروط التي يجب أن أتبعها إذا أردت تنظيم مظاهرة، تذكرت مشهد في فيلم ''رشة جريئة'' يقول فيه أحد أعضاء لجنة الاختبار لأشرف عبد الباقي الذي كان متقدمًا لدخول معهد التمثيل: ''عاوزك تمثل لي دور دخان طالع من مدخنة كبابجي''!.
هو منع يرتدي ثوب التنظيم، ونظام يجرب نفسه في ثوب المستبدين.

3-
تريد السلطة أن تكون الخصم والحكم، فيجب أن تحصل على موافقة كتابية منها لتتظاهر تتظاهر ضدها.
النكتة أن مبارك الذي ثرنا ضده حكم 30 عامًا ولم يفكر في إصدار قانون لتنظيم التظاهر، وبعدما نجحت الثورة لم يجلس حاكم على كرسي السلطة إلا وحاول أن يصدر قانون يقيد به حق المصريين في الاحتجاج، حيث فعلها المجلس العسكري، ثم نظام الإخوان، ثم حكومة الببلاوي.
كانت شرطة مبارك تمنع المظاهرات لكنه لم يحاول تقنين منعها، كان مستبدًا لكنه لم يُلبس الاستبداد ثوب القانون.
ألا ترون أن معظم الدول الديمقراطية لديها قوانين لتنظيم التظاهر؟
نعم نرى، لكن هذه الدول لم تصدر قوانينها إلا بعد أن أصدرت قوانين تكفل لمواطنيها حياة كريمة وتلزم نفسها بالمسؤولية عن تعليمهم وصحتهم، وتحدد العلاقة بين صاحب العمل وعماله، وأصلحت مؤسساتها وجعلتها جميعها ملكا للشعب، شغلت نفسها بالعمل على إزالة أسباب الاحتجاج ثم جاء وقت تنظيمه، لأن غالبية المظاهرات التي تشهدها أوروبا وأمريكا الآن إما تضامنًا مع طائر البطريق، أو احتجاجًا على سوء معاملة القطط، لأنها أسباب لا يجب أن تتوقف عليها الحياة، أما عندنا فلا حياة أصلا لتتوقف!.
تمتلك الدول المتقدمة قوانين لتنظيم التظاهر لكنها لا تقتل من يخترقها، حاربت أمريكا الإرهاب لسنوات لكنها لم تقتل من مواطنيها المتهمين به ما قتلته الشرطة خلال دقيقة واحدة أثناء فضها اعتصام رابعة العدوية، لا يغني الشعب الأوروبي "الدم كله حرام" لكنه يطبقها.

4-
دعهم يفكرون في القوانين التي يقيدون بها حريتنا ويحمون بها عروشهم، وإذا سألك أحد ماذا أنت فاعل لمواجهتهم، قل له بثقة "خليهم يتسلوا".

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

إعلان