إعلان

أول «حسني مبارك» مدني منتخب!

أول «حسني مبارك» مدني منتخب!

09:21 م الإثنين 03 يونيو 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كتب -تامر أبو عرب:

1 ـتحدثهم عن الانتخابات الرئاسية المبكرة يقولون لك إن مرسي سيُكمل مدته، تقول لهم إننا خلعنا مبارك ولم نسمح له بإكمال مدته، يردون فورًا بأن مرسي رئيس مدني وجاء بانتخابات نزيهة ولا يمكن مقارنته بمبارك.

تجمع توقيعات لسحب الثقة من مرسي، يؤكدون أن هذا الإجراء غير قانوني، تُذكّرهم بأنهم تبنوا حملة جمع التوقيعات التي أطلقها «البرادعي» قبل الثورة ضد حُكم مبارك، يشددون على أن المقارنة لا تجوز، لأن رئيسهم مدني ومنتخب.

تُعارض الرئيس بعبارات شديدة اللهجة، يُنكرون عليك ذلك ويطالبون بمحاسبتك، تضرب كفًا بكف لأنهم كانوا يفعلون ذلك مع مختلف القوى السياسية أيام مبارك، يُواجهونك مجددًا بأسطوانة المدني المنتخب وأن مرسي يختلف عن حسني مبارك.

نعم هو مرسي ومدني ومنتخب.. لكنه أيضًا حسني مبارك.

2-حسني مبارك ليس مجرد اسم، بل هو أسلوب حياة، فبأي عين تفعل كما كان يفعل، ثم ينتفض أنصارك إذا شبّهناك به؟

يمتلك الدكتور مرسي الكثير من الصفات السلبية للرئيس السابق، وإذا كانت هذه الصفات ظهرت مع مبارك بعد فترة طويلة من توليه الحكم، فإنها رافقت القيادي الإخواني السابق من المقطم إلى الاتحادية.

كونك مدنيًا ومنتخبًا يجعل ما عليك من التزامات أكثر مما لك من حقوق، يجعلك مجرد موظف كبير، من حق الشعب أن ينقلب عليك ويطلب تغييرك، وإن أغضبك ذلك فأنت حسني مبارك.

كونك مدنيًا ومنتخبًا لا يعني أن تُمكّن لفصيلك في الحكم وتُسلمه مفاصل الدولة، وتحمي أبناء حزبك وجماعتك من أي ملاحقة، وإن فعلت ذلك فأنت حسني مبارك «راجع قائمة التصريحات التي صدرت عن قيادات الإخوان الكبيرة وتستدعي المحاسبة القانونية، وراجع البلاغات التي يتم تقديمها يوميًا ضد رموز الجماعة، ثم اسأل نفسك لماذا لم يُستدعَ قيادي إخواني واحد، مجرد الاستدعاء، لسماع أقواله أمام النيابة؟».

كونك مدنيًا ومنتخبًا لا يعني أن تتجاهل المعارضة بدعوى أن الشعب انتخبك أنت وسيحاسبك أنت، وأن تُقصِي منافسيك الذين حصلوا على الملايين من أصوات الناخبين، وإن ارتكبت هذه الأخطاء فأنت حسني مبارك «راجع ما فعله الرئيس السابق مع أيمن نور، وصيفه في انتخابات 2005، وما فعله الرئيس الحالي مع أحمد شفيق الذي خاض معه انتخابات الإعادة، ولا تقل لي إنه إجراء قانوني لا دخل لمرسي به، لأن مرسي نفسه دخل السجن بالقانون أيضًا وبتهم كانت تضمن له السجن المؤبد إذا لم تقم الثورة».

كونك مدنيًا منتخبًا لا يعني أن تلاحق الصحفيين والإعلاميين والناشطين بالبلاغات وتجعلهم يتجوّلون بين المحاكم والنيابات، وتتهمهم بتكدير السلم العام والتخطيط لقلب نظام الحكم وإهانة الرئيس، وإن اتّبعت هذا النهج فأنت حسني مبارك «لا تقل لي إن الرئاسة سحبت البلاغات التي كانت قد تقدمت بها ضد الصحفيين، لأن كل أحكام الحبس التي صدرت ضد الصحفيين في عصر مبارك لم تكن في قضايا تقدمت بها الرئاسة، بل تقدم بها (مواطنون شرفاء)، كمن يتقدمون بها الآن نيابة عنك، ويكفي أنك موافق عليها ولو بالصمت».

كونك مدنيًا منتخبًا يلزمك بألا تستخدم فرق الكراتيه في مواجهة معارضيك، وألا تطلق ميليشيات حزبك وجماعتك لفض اعتصامات منتقديك، وإن استخدمتها فأنت حسني مبارك «هل هناك فرق بين من فضّوا اعتصام الاتحادية في  2012 ومن اعتدوا على الصحفيات في 2005؟».

3-هذا عن السياسات، نأتي للسمات الشخصية التي ورثها مرسي عن مبارك كاملة أيضًا.

- العناد

كان مبارك يتعمّد الإبقاء على الوزراء الذين يطالب الجميع بتغييرهم، وهذا ما فعله محمد مرسي في التعديل الوزاري الأخير عندما أبقى على وزير الإعلام صلاح عبد المقصود ووزير الداخلية محمد إبراهيم، رغم وجود عاصفة من الغضب الشعبي ضدهم، الأول لتصريحاته الصادمة وتحرشه اللفظي بالصحفيات، والثاني لعجزه عن إعادة الأمن للشارع واكتفائه بتوفيره للرئيس وجماعته ومكتب إرشاده.

أقال مرسي عبد المجيد محمود وعيّنه سفيرًا في الفاتيكان، وعندما واجه قرارُه رفضًا قضائيًا وشعبيًا وسياسيًا، أوهم الناس بأنه تراجع عنه ثم عاد إليه بعد أسابيع بسيناريو أسوأ وأكثر عنادًا، حيث أقال عبد المجيد محمود دون منحه الوظيفة الشرفية، وعيّن النائب العام الجديد دون الرجوع لمجلس القضاء الأعلى، ليُثبت أن «كلمته لا يُمكن تنزل الأرض أبدًا».

بتضايقك كلمة حوارات وطنية؟ طب حوارات وطنية حوارات وطنية حوارات وطنية.

هكذا تعامل مرسي مع جبهة الإنقاذ، فكلما أظهرت رفضها المشاركة فيها أظهر إصراره على إقامتها بنفس الوجوه وبنفس الطريقة بسبب ودون سبب، حتى إنه أقام حوارًا وطنيًا مع الأحزاب الموالية لمناقشة أزمة سيناء، بينما الجنود السبعة مختطفون وعمليات البحث دائرة، فلا أحد عرف ما دخْل أحزاب سياسية في ذلك ولا سبب إقامة حوار في هذا التوقيت ولا ما أسفر عنه الحوار من قرارات.

- الرضا

أزمة مرسي أنه لا يشعر بأن هناك أزمة.

الفقر عند مبارك كان عاديًا في ظل الزيادة السكانية ومحدودية الموارد، الإرهاب كان ظاهرة عالمية، طبيعي أن تكون موجودة في مصر، وكذلك الفساد والجهل والمرض والأمية.

الفارق الوحيد في هذا الصدد أن مبارك كان يستخدم مبرر الظاهرة العالمية، بينما وجد مرسي ضالته في كلمة «تركة النظام السابق».

- الديكتاتورية

كفى بالرئيس ديكتاتورية ألا يستشير أحدًا في قرار ينوي اتخاذه، ولا يرى لذلك جدوى، لأنه بالطبع يعلم ما لا يعلمه الآخرون.

بدأ الرئيس فريقه الرئاسي بـ23 عضوًا، بينهم نائب للرئيس و4 مساعدين و18 مستشارًا، وبعد عدة أسابيع من توليه المسؤولية، بدأت الاستقالات تظهر وتتصاعد حتى خرج من هذا الفريق، ولدواعٍ مختلفة، كل من خالد علم الدين وبسام الزرقا وعصام العريان ومحمود مكي وسمير مرقص ورفيق حبيب وسكينة فؤاد وسيف الدين عبد الفتاح وأيمن الصياد وعمرو الليثي وفاروق جويدة ومحمد عصمت سيف الدولة، وهو رقم يتجاوز نصف العدد الإجمالي لأعضاء الهيئة.

الغريب أن مرسي لم يُعين أحدًا بدلًا ممن تقدموا باستقالاتهم لملء الفراغ الذي تركوه، وهو ما يؤكد أنه لم يكن يعترف من الأساس بجدوى هذه الهيئة وأنه اضطر لتعيينها فقط، لأنه تورط في هذا الوعد ضمن الوعود الكثيرة التي أطلقها في حملته الانتخابية، وأنه أيضًا لا يؤمن بالشورى ويرى أنه الأقدر على اتخاذ القرار «بعد استشارة مكتب الإرشاد طبعًا».

- نظرية المؤامرة

كان مبارك يشعر دومًا بأن هناك مؤامرة أمريكية لإقصائه، بينما كان هو أهم رجال أمريكا بالمنطقة، والآن يشعر مرسي بأن هناك مؤامرة عالمية لإفشال تجربته الإسلامية، والحقيقة أن نتنياهو وبيريز وأوباما لو كانوا يعلمون أن التجربة الإسلامية تعني ضمان أمن إسرائيل وتعزيز الاستقطاب والانقسام في الدول المطبقة فيها وفتح البلاد على مصراعيها أمام الاستثمار متعدد الجنسيات، لدرجة عرض قناة السويس للبيع، لرفعوا منذ زمن شعار «الإسلام هو الحل».

إعلان

إعلان

إعلان